19 أبريل، 2024 5:40 م
Search
Close this search box.

ما ورثه العراقيون عن حصار لما بعد طرد صدام من الكويت

Facebook
Twitter
LinkedIn

يقف العراقيون سيما كبار السن مبهوتين للتبدل السلوكي لكثير من قيم ابناء هذا الشعب اذا ما قارنتها بما موجود قبل ذلك الحصار وعزز كل ذلك فترة الاحتلال الامريكي لهذا البلد وان عوامل كثيرة جدا اوجدت ذلك التغيير في السلوك منها حالة الفقر نتيجة قلة سبل العيش آنذاك وكما يقولون الفقر اساس البلاء الذي يصيب الافراد والمجتمعات فأنت ترى رجلا كيسا ويبدو عليه الهلع بعد ان باع داره وسيارته الشخصية ليوصل بناته الخمسة وهن بكليات علمية وفي الصفوف المنتهية ويتميزن  بالتفوق في دراستهن ولكن معيل تلك الاسرة انفق كل ما لديه ولم يبق شيء يستطيع بيعه ويفضل ان يفارق الحياة على ان يرى ثمرة عمره كله لم يستطع انقاذهن من هذه الكبوة وبالتالي فأن من يتضرر ليس ذلك الاب الطيب او بناته فقط وانما المجتمع العراقي واب اخر يرى ابنه المريض يموت امام عينيه لعدم استطاعته توفير الدواء له الذي لم يكن موجود في الاسواق العراقية آنذاك وعليه ان يشتريه من الاردن ولا يوجد لديه نقود تكفي لثمنه وثالث يفضل ان يفارق الحياة ولا يرى وجوه اطفاله مصفرة بنتيجة سوء التغذية وتركت تلك الفترة من عام 1991 الى نهاية عام 1996 اثار بالغة في المجتمع العراقي وبالتالي فأن المتتبع يدرك الان بأن السمات السلبية الناجمة بافتقاد بعض القيم ورث قسم منها عن ذلك الحصار الذي فرضته عقول شيطانية استهدفت التأثير على تلك القيم وظهر بأن الغرب لا يستطيع النفاذ لتخريب شعوب العالم الثالث الا من خلال هذه الوسائل فالعراقيين قبل ذلك الحصار يقفون مرات ومرات قبل ان يقدموا على استمراء المال العام ويعتبر من يفتضح بالرشوة آنذاك أنسانا شاذا كما ان التخلص من هذه العاهات امرآ غاية في الصعوبة الان ففي مقابلة مع موظف كبير اتسم سلوكه بالإخلاص والنزاهة وسألته من تقوم بأجراء مقابلة معه عن الانجازات التي حصلت على صعيد الاعمار فأجابها وبكل بساطة علينا ان نفكر أولا ان نعيد بناء ما تهدم من قيم لدينا وقد اصاب الحقيقة كثيرا واضاف ذلك الموظف ومن ثم سنحقق منجزات هائلة اذا ما وصلنا الى هذا الهدف ومثل هذا الكلام لم يأت من فراغ فلو مزجت بين فترة الحصار والاحتلال فستتبين لك مسائل غاية في الخطورة حيث مع بدء الاحتلال المذكور نهبت موجودات المتحف العراقي والمكتبة الوطنية والمكتبات العامة والخاصة بغية وصول اعداء هذا الشعب لفصم اواصر الربط بين الماضي والحاضر وصولا الى المستقبل واستكملت تلك المراحل باستهداف طبقة المثقفين الذين اغلبهم اضطروا لترك العراق اما طلبا للعيش او ملاحقتهم من قبل النظام السابق وعندما عادوا وجدوا كل شيء قد تغير وانشغلوا بمواجهة جبهتين حالة التخلف والقيم المنحرفة والثانية شيوع ظاهرة الارهاب وكان الكثير منهم قد افتقد حياته نتيجة ذلك فالعدو في هذا العصر يعرف من اين يستهدف الشعوب ليتمكن منها ولا يوجد هدف اكثر من الجانب الخلقي والثقافي فالأمم تنهض بمثلها وكثير من المجتمعات الغربية تعاني الان من اهتزاز في القيم الخلقية وعندما تريد ان تبقي الاخرين ضمن قبضتها عليها ان تحارب تلك الشعوب من هذه الناحية وانت عندما تكون قد عايشت فترات من العهود السابقة لما بعد الاستقلال فتجد هناك تدني للأسف الشديد في السلوك بدلا من ان شيوع المعرفة العصرية التي وفرتها الثورة الصناعية من خلال ازدياد سبل الاتصال التي يفترض ان تؤدي الى ترسيخ تلك القيم والغريب ان الغرب عندما يستهدف بلد عربي في هذا القرن يبادر بفرض الحصار عليه وحتى دون الرجوع لمجلس الامن لأنه على ما يبدو يعرف مدى تأثير ذلك الحصار على مواطني ذلك البلد ليس من حيث الضحايا في الاطفال والمرضى وكبار السن فقط وانما في التأثير على السلوك العام وهذا سلاحا ليس سيئ فحسب وانما يصدر عن عقلية تعتبر توأم مع الشيطان تماما فالغرب في مثل هذه الحالة لا يضطر الى منازلتك لأنه في غنى عن ذلك حيث يستخدم تفوقه العلمي ليلزمك بالانحناء امامه مستغلا ما بثه من فرقة بين دول المنطقة وبغية الوصول للتخلص مما ورثناه جراء حقبتي الحصار والاحتلال لابد من وضع  دراسات مستفيضة والاخذ بأسلوب العقاب والثواب فمن استمرأ المال الحرام كمن ادمن على شرب المخدرات ولا يمكن ان يترك ذلك دونما عقاب شديد ومشكلة ايقاع ذلك العقاب يقف امام تنفيذه الان حالة التستر من قبل بعض الساسة ويصل الى حد التضامن بين المفسدين واولئك الساسة اضافة الى بساطة المواطن وسعيه الى تحقيق مصلحته في أي وسيلة كانت بما فيها دفع الرشوة كما ان الملاحظ بأن الجهات القضائية والهيئات الموكول لها بمكافحة هذه الافة كهيئة النزاهة ولجنة النزاهة في مجلس النواب كل تلك الجهات لم تتميز بالحزم بمواجهة ما يعاني منه هذا المجتمع وان فهمنا للحريات والمناخ الديمقراطي غالبا ما يكون فهما خاطئا حيث يؤثر على ما اعتاد عليه مواطنينا من قسوة وصلابة من قبل النظام السابق فالأنظمة القانونية لا توصل عقوبة الاختلاس الى الاعدام الا ان صدام اوصل من يختلس عشرة الاف دينار فقط ليفقد حياته عندما يغرض معه تحت باب التخريب الاقتصادي.
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب