23 ديسمبر، 2024 10:03 ص

ما وراء اليتيم.. وكيف أصبح للكون والدا..؟!

ما وراء اليتيم.. وكيف أصبح للكون والدا..؟!

يبدو ان الضعف، في الظاهر، يدلل على القوة.. أحيانا. ونحن اليوم في ذكرى المولد النبوي الكريم، يتبادر سؤال في الذهن، عن علة (اليتم) الذي تعرض له النبي الأكرم محمد (ص واله).. يعني لماذا ولد النبي يتيما.. ثم توفيت والدته.. ثم جده..؟!

هذا (اليتم) هو قوة ..لماذا.؟ والجواب يحتاج تبيان عدد من المقدمات اهمها:

اولا: ان اهم الانبياء والرسل هم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم عليهم السلام ومحمد صلى الله عليه وآله .. ودليله، الآية الكريمة: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ .. وما جاء من الأخبار التي تشخص اولوا العزم، على انهم الاربعة اعلاه.

ثانيا: ان اغلب اولوا العزم يتامى.. او كلهم، لان ابراهيم (ع) ، ليس ابن (آزر) بل ابن اخيه، وكذلك موسى (ع) يتيما، وكذلك عيسى (ع) ولد دون (اب).. واجمالا، يكونوا يتامى..!

ويمكن القول ان (اليتم) ظاهره (الضعف) وحقيقته (القوة)، على الاقل في موضوع (الانبياء والرسل).. ويدل على امور اهمها:

الف: يدل اليتم على وجود عناية الهية خاصة، ومركزة..تجاه ذلك الفرد اليتيم.

باء: يدل اليتم على تجرد (اليتيم) من أية تربية ارضية، واستعداده للتربية الالهية، يعني عدم وجود (اب) يؤثر عليه، ثقافيا، وعلميا، وعقائديا، مما يجعله ورقة بيضاء، وارض خصبة للتربية الإلهية..

كما قال تعالى:

وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (طه 13)

وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ( الطور48)

ويمكن القول، ان اليتم هو نواة (الابوة).. اي ان النبي الاكرم (ص واله) قد ولد (يتيما) ليكون (والد) للامة، بل للبشرية، بل للكون.. ! ولهذه الاطروحة مقدمات اهمها:

اولا: قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (الانبياء107) ويمكن ان نفهم منها انه (ص واله) مرسل لعالمي الدنيا والاخرة، اي للمخلوقات كلها..

ثانيا: قوله تعالى: وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا…(الاسراء 23) ويمكن ان نفهم منها، دور النبي ، وهو (الوالد) و (الاب) الحقيقي للانسان، ثم الامة.. وهنالك تصريح بذلك، فقد ورد في روح المعاني للالوسي في الجزء 22 ص31 يقول وروي انه (ص واله) عليه السلام قال لعلي كرم الله وجهه انـــــــــــا وانـــــــــــــــت أبــــــــــــوا هذه الأمة. فضلا عن مصادر اخرى، كثيرة.

ثالثا: قوله تعالى: وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ … (الحشر 7)

قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ .. (التوبة 59)

ومنها يمكن ان نفهم ان النبي الاكرم (عليه واله افضل الصلوات واتمها) مصدر العطاء للبشرية، ووالدها وأبوها.. وللحديث بقية.