اليوم سورية تتعافى، فهناك إنجازات سياسية وعسكرية كبيرة، حيث نجح الجيش السوري في بسط سيطرته شبه الكاملة على مختلف المناطق والمدن السورية وتحريرها من قبضة الجماعات المسلحة والمتطرفة، في وقت سادت فيه حالة من الارتباك والقلق لدى الأطراف الداعمة لتلك الجماعات وفي مقدمتها أمريكا وإسرائيل الارهابية.
رأينا في الأسابيع القليلة الماضية أن سورية التي انفتحت أمامها الأبواب العربية والإقليمية تجد نفسها أكثر انتعاشاً بعد أن تحولت إلى عاصمة العالم تطرق أبوابها قوى الشرق والغرب، هي من ترسم المعادلات، وهي من تقرر التحالفات، وهي من تقود المعارك على الأرض لترسم خارطة المنطقة من جديد.
ويمكن تفسير سعي العديد من الدول العربية إلى الانفتاح على الحكومة السورية من خلال عدد من الركائز، يأتي على رأسها الاتساق مع طبيعة المرحلة الراهنة في سورية، حيث هدوء المعارك وتسيّد الجيش السوري المشهد العسكري والقتالي، يُضاف إلى ذلك وجود مصالح اقتصادية محفزة على تطوير العلاقات، فضلاً عن انشغال صناع القرار العرب بالخطر الإرهابي في سورية، والهدف الرئيسي هو الحفاظ على الأمن والإستقرار والعمل على إيجاد حلول للأزمة في سورية.
على غير ما يتمناه كيان الاحتلال والبيت الأبيض تتزايد المساعي العربية لإعادة العلاقات مع دمشق و العمل على ايجاد حل سلمي في سورية وانهاء الحرب التي استمرت أكثر من اثني عشر عاماً، وفي ذات السياق، سيبقى التحدي الرئيسي الذي يعترض مسعى الدول العربية إلى تطوير العلاقات مع الحكومة السورية، هو كيفية رؤية الجانب الأمريكي لهذا التقارب، ومدى تعرض الانفتاح الاقتصادي العربي على سورية لعقوبات قيصر.
وحول الهواجس الاسرائيلية الأمريكية من عودة سورية الى محيطها العربي حذر الخبراء الصهاينة ووسائل الإعلام العبرية من الخطر الكامن في عودة العرب إلى سورية، وفي هذا السياق وصفت صحيفة “معاريف” الصهيونية العودة العربية إلى دمشق بأنها تؤسس لشرق اوسط جديد ، كما أن عودة دمشق للحضن العربي لا تخدم مصالح “إسرائيل”، بل ستوحّد الجبهات ضدها، واعتبرت الصحيفة أن مشاركة الأسد في القمة المقرر عقدها في السعودية قد يشكل تغيراً جذرياً في الموقف الاقليمي، في حين اعتبرت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن دعوة السعودية للاسد للمشاركة في القمة تعكس تغييراً في الموقف السعودي وانحيازًاً للصين على حساب الولايات المتحدة.
بالمقابل إن كيان الاحتلال بالتنسيق مع واشنطن يتحرك باتجاه تجديد اعتداءاته على سورية بشكل مستمر وكان آخرها العدوان الذي تعرضت له محافظة ريف دمشق نظراً لمواقفها الداعمة للمقاومة، فسورية لا تزال أول الدول الرافضة للتطبيع ولصفقة القرن.
فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن أمريكا لا تريد أن يكون هناك تقارب تقارب سوري-عربي بل ترغب أن تستمر العداوة حتى تبقى المنطقة مشتعلة وتستمر في إستغلال الدول العربية عبر بيعها الأسلحة وإستنفاذ ثرواتها، فلو لم يكن هناك صراع لن يكون هناك بيع أسلحة من قبل واشنطن.
على خط مواز، يمكن تفسير سعي الدول العربية إلى الانفتاح على سورية من خلال الاتساق مع طبيعة المرحلة الراهنة في سورية، والمصالح الاقتصادية المحفزة على تطوير العلاقات العربية- السورية، بالإضافة الى الإنشغال العربي بالخطر الإرهابي في سورية، كما
يتواكب الانفتاح العربي على سورية مع حراك روسي قوي في الفترة الأخيرة من أجل الدفع نحو إعادة إعمار سورية من جديد.
عادت سورية الى دورها ومكانتها في الاقليم مرة أخرى، لتقول كلمتها في المنطقة ولكي تصبح الرقم الأهم في المعادلة الإقليمية، ، فسورية باقية في مكانها تتحرك وتنتقل لتعلو، لذلك كل الدول العربية تعود وتناقش دمشق، لأنه لا سلام بدون سورية ولا تقاد المنطقة إلا من سورية، لذلك عصفت بسورية أشرس حرب عرفها التاريخ لفرض الاستسلام مع الكيان الصهيوني لكن وعي الشعب السوري وادراكه للدور التاريخي الملقى على عاتقه أفشل كل المؤامرات التي كانت تحلك ضده.
وأختم مقالي بالقول: إ ن سورية اليوم ترسم صورة مستقبل المنطقة والعالم، لأن على أرضها ستكون معركة الفصل مع قوى الإرهاب والتطرف في المنطقة، بذلك دخلت الحرب السورية مرحلة جديدة ستكون دمشق هي بوابة النصر وما هي إلا محطة جديدة من محطات النصر السوري المستمر والذي يبعث برسائل ساخنة للتنظيمات المسلحة وكل من يقف وراءها بأن الإنتصار النهائي قاب قوسين أو ادنى يحققه الشعب السوري وجيشه، ذلك الشعب الذي اثبت أنه لا يُقهر ولا يستسلم للهزيمة أبداً، ولسان حاله يقول: سننتصر رُغماً عن النصر ذاته.