أخيراً وليس آخراً؛ إنعطافة مفاجئة في الموقف الأمركي؛ تجاه التدخل التركي شمال العراق، و”جو بايدن” يدعو لسحب القوات التركية من العراق؟!
إكتشف الولايات المتحدة، وبعد مرور أكثر من إسبوع؛ أن التصرف التركي غير مناسب، والأتراك دخلوا دون موافقة حكومة وشعب العراق؟!
جاء الموقف بعد زيارة وزير الدفاع الأمريكي ” أشتون كارتر”؛ الى قاعدة أنجرليك التركية، وزيارة العراق ولقاء رئيس وزراءه ووزير الدفاع، وقراءة المشهد عن كثب، وبعد تزامن إعلان السعودية؛ تشكيل تحالف إسلامي لمناهضة الإرهاب؟! الذي وصفه كارتر أنه من الظاهر مطابق للرؤية الأمريكية، التي تدعو القوى السنية لمحاربة الإرهاب؛ لكنه!! وتجهم الوزير من النوايا السعودية؟!
لا يمكن لعاقل أن يصدق أن التصرف التركي مدروساً؛ سيما بعد إسقاطهم طائرة روسية، وخشية إنهيار الإقتصاد والسياحة بحصار روسي، ولا يبدو أمر التوغل بعيد عن النصائح الأمركية، التي تريد سحب الأضواء من الرد الروسي، وتوريط تركيا في منطقة؛ قد يلجأ العراق مضطراً؛ الى الطلب من روسيا لضرب الأتراك، وبالنتيجة زج العراق وتركيا وروسيا في دوامة؛ وإلاّ فأن الموقف التركي أهوج؛ بإفنتعال أزمة مع أهم دولتين يعتمدهما اقتصادها وسياحتها وغازها؟!
رضخت أمريكا وغيرت مسار تخطيطحها، وإكتشفت أن معظم العراقيون لا يساومون على أرضهم، ولا يُغيرون مباديء وأن نزفت جراحهم، ولا يخضعون كأذيال خيانة، وأن قبلوا بالحلول الدبلوماسية، لا يعني أن أوراقهم أنتهت بل واحدة تتلو أخرى، وكلهم حشد إذا دعت الملمات وتنادى الوطن، ونادت المرجعية بخروج الأتراك؛ دون قيد وشرط ولا قبول لإنتهاك السيادة.
هل تحاول أمريكا بخطوتها هذه؛ الظهور بوجه حَسِنْ أمام العراقيين، وتقلل من شعبية روسيا في الرأي العام العراقي؟! أم أنها أدركت أن موقف تركيا يقوي داعش ويشق التحالف، أو تريد إظهار نفسها كقوة ضامنة للسلم في المنطقة؟! أو هل تحاول أمريكا إرغام العراق بدخول تحالفات من صناعتها، ولا يُستبعد التحالف السعودي المزعوم؟!
إن الموقف العراقي كان بمنتهى الحكمة، ونجحت المرجعية بتقوية موقف الحكومة؛ بجمع وإرشاد الشارع العراقي، ويخطأ من يضن أن الدبلوماسية إنبطاح؛ إذا كانت أدوات الضغط فاعلة ولم تستنفذ وتتصاعد؛ الى حصول قناعة شعبية بمقاطعة إقتصادية، وضرورة تدويل القضية العراقية، مع تنامي التشكيك بالمواقف الأمريكية؟!
إنتصرت الإرادة الوطنية، وذهب ماء وجه المرتزقة، ومتسولوا السلطة على أبواب الخيانة، اللذين باركوا العدوان على وطنهم.
رضخ الأمريكان للمطالب العراقية، ووجدوا شعباً مقاوم لا يساوم على أرضه وعرضه، ورقم صعب في المعادلة الإقليمية، وقد إنسحب الأتراك والمدافع تتساقط على رؤوسهم، وجاءتهم أمريكا متأخرة لحفظ ما تبقى من ماء وجههم؟! فكانت فرصة ودرساً للعراق، ان يتقدم كدولة قوية بكلمة واحدة؛ مرجعية وشعباً وحكومة، وأما تركيا وأمريكا فقد فقدوا ثقتهم بهما، وينتظرون وعلى إستعداد؛ لما يخطط عليهم في غرف البيت الأبيض.