ما هي ضمانات استمرار الحكم الشيعي في العراق

ما هي ضمانات استمرار الحكم الشيعي في العراق

اليس غريبا هذا التسابق من الدول العربية والدول الغربية نحو دمشق ؟  اليس غريبا هذه الفرحة التي عمت  الساحة العربية السنية وكل الدول العربية والاوربية بعد الذي حدث في سوريا ؟ هل كان بشار الاسد بهذه القوة كأنه كان كابوسا جاثما على صدور كل الدنيا عدا روسيا وايران والعراق ؟ الم يكن بمقدورهم اسقاطه في أي لحظة كما تم الان وبهذه البساطة ؟ ام ان العالم كله يخشى انه بمجيء ترامب سيتم سحب البساط من تحت اقدامهم جميعا ولن تتمكن اي دولة من الحركة دون اذن ترامب . لذا اسرعت باحداث كل هذه التغييرات قبل تسلمه الحكم .
بدءا لابد من الاشارة ان كل هذه الدول ورغم كل الجهود التي بذلتها كالحصار الاقتصادي وعزل ايران واغتيال العلماء الايرانيين والضربات الجوية وعداء كل الدول العربية السنية , كل ذلك وأكثر لم يوقف البرنامج النووي الايراني حتى بعد الحرب في غزة وجنوب لبنان والان في سوريا , وكم حاولت هذه الدول جر ايران وتوريطها في حرب مباشرة لكنها لم تنجح , ولن تهدأ الدول الغربية ومن ورائها اسرائيل حتى تتمكن من ذلك  لكي تجمع اميركا الاساطيل العالمية لمهاجمة ايران كما فعلت مع عراق صدام حسين , وهو بالضبط ما تتمناه اسرائيل التي قامت بقص اجنحة ايران الواحدة تلو الاخرى في غزة ولبنان ثم طردها من سوريا وما تسعى اليه الان ايضا في اليمن ثم العراق .

      ومن اجل سلخ العراق عن ايران فان اسرائيل وتركيا وبموافقة الدول الغربية خطت اولى الخطوات بتسليم الحكم في سوريا الى جهة اسلامية سنية راديكالية لكي تقوم بمهمة القضاء على الحكم الشيعي في العراق او تجميده وابعاده عن التأثير الايراني . وهنا تداخلت الاهداف الاسرائيلية والتركية سوية حيث ستتخلص اسرائيل من الميليشيات الايرانية الموجودة في العراق ثم تستحدث ذريعة ما لمهاجمة ايران نفسها فيما بعد , وكما ان تركيا دفعت قبل الان اصحاب الرايات السوداء ( داعش ) لمهاجمة كوردستان فليس غريبا عليها ان تدفع اصحاب الرايات البيضاء ( هيئة تحرير الشام )  لفعل نفس الامر مع الكورد , ورغم الخلافات السطحية بينهما فهما يسعيان وبصورة علنية الان للعمل سوية في تغيير النظام السياسي السائد في المنطقة حتى تتخلصان من مخاوفهما المستركة .

        الدول العربية كلها تدرك تماما انه تم تغيير نظام الحكم في سوريا من السيطرة الايرانية الى السيطرة التركية , وجميع هذه الدول تدرك تماما ان اردوغان مدفوعا بارثه العثماني اذا دخلت قواته الى اي منطقة فلن تخرج منها كما هو الحال في قبرص وليبيا والعراق وسوريا الان , ولكن جميع هذه الدول تفضل الاحتلال التركي على السيطرة الايرانية , وذلك لخوفها الكبير من الشيعة اكثر مما تخاف من الاحتلال التركي , وقد يكون قد غاب عنها انها استعانت فيما سبق بالدول المتحالفة في الحرب العالمية الاولى  للتخلص من التبعية العثمانية , وها هي تعود بأقدامها الى السقوط في احضان ورثة العثمانيين  !!

      ولكي يبقى العراق وتبقى كوردستان بمنأى عن المخاطر الناجمة عن الجماعات الجديدة التي تحكم سوريا الان عليها ان تسعى للحفاظ على الفوضى سائدة في سوريا حتى تبقى بمأمن عن التغييرات التي حصلت هناك , واذا كان العراق يعتقد ان الاستقرار في هذا البلد سيجنبه مخاطر التغيير فهو على خطأ , فأستقرار الحكم ليزيد بن معاوية في حكم الدولة الاموية هو الذي ساعد على الانتصار على الحسين حفيد رسول العرب والمسلمين , كما علمتنا تجارب التاريخ ان القوى التي على شاكلة من استولى على الحكم في سوريا الان لن يهدأ لها بال وبجوارهم دولة عربية يحكمها الشيعة ولاسيما ان  الجيش السوري يحوي عناصر جهادية اجنبية لاتستسيغ بالمرة الحكم الشيعي في العراق , وعاجلا ام آجلا ستزحف هذه الطوابير او من تقوم بدعمهم ومساندتهم الى لعب الدور الذي تتوق اليه وهو محاولة القضاء على حكم الشيعة ولا سيما ان اسرائيل وتركيا والدول العربية جمعاء مع الدول الاوربية واميركا كلها تسعى لمحاصرة القوة الشيعية في ايران ولن تمانع لو اشتبكت الفصائل الحاكمة في سوريا الان مع شيعة العراق , وقد اتضح للعالم كله ان الدول الغربية  تفضل ارهابيي السنة على حكومات الشيعة وهذا ما تدل عليه كل المؤشرات المنبعثة من تحركات الدول الغربية التي بدأت بالاندفاع  الشديد للتسابق الى دمشق الساقطة بيد اصحاب الرايات البيضاء التي لازالت رائحة دماء الجنود الاميركيين تنبعث منها وهم يرفرفون بها امام سفاراتهم وقنصلياتهم التي افتتحوها في دمشق . وحتى لو لم تتمكن القوى الحاكمة في سوريا من القضاء على حكم الشيعة في العراق فلن تترك العراق مستقرا وستسعى الى بث الفوضى داخل هذا البلد وبث الفتن بين مكوناته من السنة والشيعة والكورد وليس ببعيد ان تدفع تركيا رجالاتها الجدد في سوريا الى ذلك من اجل اشعال فتيل الحرب بين الكورد والحكومة العراقية لافشال تجربة الحكم الكوردي . ويجب ان لا يغيب عن بالنا مشاركة الجيش السوري مع الجيش العراقي في محاربة الحركة الكوردية في عام 1963.


وحتى لو رمى العراق بنفسه في احضان اميركا من اجل الوقاية من السقوط بين مخالب تركيا واسرائيل , ( ونعتقد انه الافضل ) فيجب عليه في هذه الحالة ان يقوم بحل الميليشيات الشيعية  وهو المطلب الاميركي الملح حيث تصر الادارة الاميركية على ذلك منذ بدأت هذه الميليشيات بمهاجمة القواعد الاميركية .

       هناك قول ( مهما كان القصد منه )  يتردد دائما وهو ان الشيعة لا يستطعون الاستمرار في الحكم حتى لو تمكنوا في بداية الامر من الانتصار , حيث سرعان ما يخبو اندفاعهم ويفقدون القدرة والرغبة في الاستمرار كأن التعب والانهاك يصيبهم بسرعة , وهم لا يختلفون عن الكورد الذين لم يتمكنوا لغاية الان من شق طريقهم نحو تكوين دولة خاصة بهم ,وان اختلفت التوجهات والاسباب بين الاثنين .

       وكما ان الكورد في خطر دائم لعدم قدرتهم على توحيد صفوفهم وتكوين قوة موحدة من البيشمركة , كذلك الحال بين الشيعة انفسهم , فالحشد الشعبي وبعد ان نجح في القضاء على خطر انهيار حكمهم بايدي داعش تمزق هذا الحشد الى اشلاء واصبح يتبع قوى مختلفة توجهها حسب مصالحها وحسب ارادتها .

     ونعتقد انه طالما بقيت قوات البيشمركة تابعة للاحزاب , فسيبقى الاقليم مهددا بالانهيار مرة اخرى وستستمر هذه المشاكل الموجودة حاليا   وخلاص كوردستان هو بتوحيد البيشمركة تحت ادارة حكومة واحدة لا تتبع حزبا معينا,  كذلك الحال مع الحشد الشيعي , حيث على الحكومة العراقية ان تحول هذه القوة الى مؤسسة رسمية تنقاد بالاوامر الحكومية وتحت اشراف المرجعية الشيعية لاننا على يقين  ان تخلي القوى الشيعية عن الحشد الشعبي يعني اقتراب تخليهم عن الحكم وفقدانه لصالح السنة مرة اخرى .

ورغم العداء بين فئة معينة من الحشد الشعبي تجاه الكورد و البيشمركة , فان الحشد هو الخيار الامثل بالنسبة للكورد لو تمت مقارنته مع الحكام الجدد في سوريا وتوابعهم في المنطقة , وقد يتمكن الكورد في الوقت الراهن من التغلب على سيطرة الحشد الشعبي فيما اذا لا سمح الله اختلفا مستقبلا , ولكن من الصعوبة الانتصار على مجاميع السنة ذلك ان قوة الطرف الاخر وهم السنة اقوى بكثير من الشيعة , كما ان تمرسهم في الحكم ودهائهم في الحفاظ على هذا الحكم لا يمكن ان يقارن مع ما  تعلمه الشيعة والكورد خلال فترات تواجدهم في الواجهة , لذا اذا كان العراق يسعى للحفاظ على كيانه الموجود حاليا , فعليه السعي نحو توحيد الكلمة بين كافة مكوناته ولا سيما بين تواجد الجيش والحشد والبيشمركة والتي نعتقد انهم الضمانة الكفيلة ببقاء  هذا الاستقرار الموجود حاليا في البلد . وقد ينعكس هذا التوحد بين افراد الشعب العراقي باجمعه على الدفع بالاحزاب الكوردية الى الاطمئنان وتوحيد قوات البيشمركة ايضا .

أحدث المقالات

أحدث المقالات