23 ديسمبر، 2024 9:37 ص

ما هي الحروب الشاذة التي تعيشها مهنة المحاماة (ج 9)

ما هي الحروب الشاذة التي تعيشها مهنة المحاماة (ج 9)

تكملة لمقالنا السابق نتناول المحور التاسع في الحروب الشاذة التي تعيشها مهنة المحاماة، وهو:
تنظيم عمل المحامين مع الدوائر التحقيقية:
نصت المادة 26: (يجب ان ينال المحامي من المحاكم والدوائر الرسمية وشبه الرسمية والمراجع الاخرى التي يمارس مهنته امامها الرعاية والاهتمام اللائقين بكرامة المحاماة وان تقدم له التسهيلات التي يقتضيها القيام بواجبه، ولا يجوز ان تهمل طلباته بدون مسوغ شرعي.)
المادة 27: (اولا – على المحاكم والسلطات الرسمية التي تمارس سلطة قضائية او تحقيقية والمجالس والهيئات والمراجع الاخرى التي يمارس المحامي مهنته امامها ان تأذن له بمطالعة اوراق الدعوى او التحقيق والاطلاع على كل ما له صلة به قبل التوكل ما لم يؤثر ذلك على سير التحقيق على ان يثبت ذلك كتابة في اوراق الدعوى.
ثانيا – يعتبر المكلف بخدمة عامة مخالفا واجبات وظيفته إذا أخل عمدا بحق من حقوق المحامي المنصوص عليها في هذا القانون اثناء ممارسته مهنة المحاماة او إذا منع المحامي من ممارستها، وتطبق بحقه الاحكام الخاصة بمخالفة المكلف بخدمة عامة واجبات وظيفته. ثالثا –….)
هاتين المادتين اللتان تنظمان العلاقة بين المحامي والمحاكم والأجهزة التحقيقية والدوائر الرسمية وشبه الرسمية، ومن خلال الممارسة الميدانية، نجد ان هاتين المادتين يشوبهما الغموض ويضرب مضمونهما الضعف وتحتاجان الى تعديل، وبالرغم من ذلك، الواقع العملي يشير الى عدم تطبيق هذين النصين، فالمحامي لديه التزامات أمام موكليه تجعله في حرج كبير يتأتى من ضعف المعلومات التي يقدمها للمتهم وذويه وأحيانا تأخذ جانب فقدان مصداقية المحامي لهزالة عمله لطول مدة مراحل التحقيق والمحاكمة، في ظل وجود حماسة فائقة من بعض القائمين بالتحقيق في عدم معاملة المحام بالطريقة المثلى، والتعسف عنوانه الأبرز في كثير من مظاهر التعامل، مما نتج عن ذلك؛ عدم  استطاعة المحامي رسم الصورة الحقيقية لوقائع ومجريات الدعوى وضياع جهوده التي وجدت تفسير سلبي لدى المتهم وذويه بسبب هذه الإجراءات التعسفية.
ولما كان حق الدفاع من الحقوق الأصلية المكفولة بحكم الدستور، الأمر الذي يجب وضعه دائمًا في موضع التنفيذ في كافة مناحيه، والعمل على إزالة أية عقبات تعترض سبيله، ولعل من أهم مظاهره وجوب السماح للمحامي بالاطلاع على التحقيق حتى اليوم السابق على استجواب المتهم حتى يحاط الدفاع بما جرى في التحقيقات عن بصر وبصيرة حرصًا على أداء واجبه وصولاً إلى الحقيقة التي ينشدها المجتمع، ولأجل تفادي كثير من المعوقات والمصاعب التي برزت بسبب العوار والنقص في صياغة المواد (26 و27) نرى ان يكون النص المقترح في قانون المحاماة الجديد، وفق الاتي:
المادة (  ):-
((تضمن الدولة استقلال المهنة وتكفل للمحامي ما يلي:
اولاَ / القدرة على أداء واجباته المهنية بحرية ونزاهة وفقاً لمصالح موكله وفي حدود آداب المهنة دون ضغط أو ترهيب أو أعاقة أو تدخل أو أي تصرف لا ينسجم بكرامة المهنة.
ثانياً / تمكينه من زيارة موكله الموقوف في أي وقت وفي مكان لائق داخل السجن وتأمين حضوره مع موكله الموقوف عند تدوين إفادته وفسح المجال أمامه للتشاور معه بحرية تطبيقاً لمبدأ حق الدفاع المقدس.
ثالثا / تقديم الضمانات الكافية له ولاسرته إذا تعرض أمنه للخطر بسبب أداءه لمهام عمله.))
المادة(  ) :-
 ((أولا/ على المحاكم والسلطات الرسمية التي تمارس سلطة قضائية أو تحقيقية والمجالس والهيئات والأجهزة الأمنية والمراجع الأخرى التي يمارس المحامي فيه مهنته أمامها، أن تقدم له التسهيلات التي يقتضيها القيام بواجبه، وأن تأذن له بمطالعة أوراق الدعوى والأوراق التحقيقية والقضائية وحضور التحقيق مع موكله وفقًا لأحكام القانون، ولا يجوز رفض طلباته دون مسوغ قانوني، كما له الاطلاع على كل ماله صله قبل التوكل وتصوير أوراق الدعوى بعد التوكل ما لم يؤثر ذلك على سير التحقيق، على أن يثبت ذلك في الأوراق بقرار مسبباً. ثانيا/ تفعيل المناقشة القضائية بين المحامي والقاضي في مرحلة التحقيق لما لها من الأثر الكبير في توضيح الملابسات التي تعترض للدعوى، وتحقيق أقصى حالات التعاون)).
المادة(  ):-
((لا يجوز في غير الحالات التي ينص عليها القانون:
اولاً/ استجواب المتهم بغياب المحامي الذي يرغب به المتهم وبخلاف ذلك يحق للمحامي طلب إعادة استجواب بحضوره، وفي جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق، تطبيقا لنص المادة 123 الأصولية
ثانيا/ منع المحامي من الاطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب أو المواجهة ما لم يقرر القاضي غير ذلك.
ثانياً / إجراء محاكمة في أي دعوى سبق لأي من أطرافها، أن وكل محامياً فيها قبل المرافعة أو أثنائها، إلا بحضور المحامي الوكيل، فإذا تغيب المحامي دون عذر مشروع أو عزله موكله، فتجري المحاكمة دون حضوره. ))
وتلك المواد تكون استجابة لما ورد في الدستور النافذ وتطبيق العدالة وكفالة حقوق الدفاع، وان المادة 123 الأصولية اكدت على حصول الاندماج بين شخصية المتهم ومحاميه من حيث الحضور، فهما يعتبران شخصاً واحداً، إلا في بعض الاستثناءات الخاصة التي نص عليها القانون، كما في حالتي الخوف والاستعجال بسبب الخوف من ضياع الأدلة والاستثناء لا يتوسع في تفسيره، ولا يقاس عليه، لضرورة تفسير كل شك لصالح المتهم، وصالح المتهم هو حضور المحامي الذي اختاره أو قبله، ومن ثم فلا يصح التعويل على ما أدلى به المتهم في غياب محاميه؛ كونه وليد إجراء باطل فيكون مثله في البطلان، لمنافاته الشرعية الإجرائية.
ولتيسير الإسهام في كفالة الممارسة التامة لحق الدفاع لواجبه وفق ما نصت عليه القوانين والدساتير والمواثيق وحفاظاً على حقوق المتهمين من أي انتهاك، ولحين تشريع قانون المحاماة الجديد، نرى:
أولا/ يحق للمحامي عند مباشرته او طلبه لأية بيانات بمناسبة توكله عن أي متهم او العمل الذي يقوم به او بسببه او تقديمه لأية اوراق او مستندات او رغبته في تقديم شكوى، او غير ذلك من الاعمال القانونية التي يقوم بها أمام دوائر مجلس القضاء الأعلى او الشرطة بما تشمله من اقسام ومراكز ونقاط او غير ذلك؛ ان يكون ذلك  بطلبا شارحا، يقدم الى المحقق او ضابط الشرطة او الضابط المسؤول عن التحقيق مباشره، ويؤشر المعني بالطلب او نائبه بحسب الأحوال، بقيد مضمون الطلب المقدم من المحامي ومضمون ما عسى ان يقدمه المحامي(اوراق او مستندات) بدفتر وارد خاص بهذا الغرض يصدر بمواصفاته بقرار من رئيس مجلس القضاء الأعلى فيما يخص المحققين العدليين ووزير الداخلية بصفته فيما يخص البقية، بالتنسيق مع نقابة المحامين على ان تقسم كل صفحة منه الى خانات خانه بيان بموجز الاجراء المطلوب من المحامي وخانه لبيان الموكل وعنوانه وخانه لبيان المشكو في حقه وعنوانه وخانه لبيان مضمون ما تقدم من مستندات وخانه لبيان عدد صفحات المحضر، ويعد هذا الدفتر ضمن فترة لا تتجاوز الثلاثون يوم ويعهد به لاحد الموظفين المختصين، وفى هذه الحالة يكون الرد على طلبات المحامي السالفة البيان في الحال وتحريريا.
ثانيا/ لابد من اتخاذ تدابير تنظيمية وتأديبية في مواجهة الأجهزة التنفيذية التي تؤخر عن عمد آو عن طريق الخطأ أي تأخير غير ضروري لكافة المراحل الخاصة بالدعوى، مع إيماننا الكامل بأن تحديد المدة المعقولة في إكمال الإجراءات الجزائية مرتبط بظروف وملابسات كل جريمة على حدة من حيث خطورتها وتنوع أدلتها وتعدد شهودها لكن هناك ضوابط لتقدير المدة، لضمان سرعة الإجراءات الجزائية وان يتم ترتيب أثار قانونية وإدارية على تجاوز المدة المعقولة
ثالثا/ إلزام القائمين بالتحقيق بنصوص قانون المحاماة بالمواد(27و27) بأن يلقى المحامي المعاملة اللائقة وألا تهمل طلباته بدون مسوغ قانوني، وان يسمح له بقراءة اوراق الدعوى حتى قبل التوكل فيها، على ألا يتجاوز يومين، ومثله لتوقيع الوكالة، وإلزام القائمين بالتحقيق على احترام ما يمثله المحامي من ضمانة من ضمانات المحاكمة العدالة، بخاصة هناك إهمال لطلبات المحامين وعدم ربطها أحيانا في إضبارة الدعوى.
رابعا/ تفعيل موضوع المناقشة القضائية بين المحامي والقاضي في مرحلة التحقيق؛ لأهميتها في توضيح الملابسات التي تعترض الدعوى وعدم التردد من الاتصال بمحامي المتهم بالاستفسار منه عن أي تفصيل.
خامسا/ تحديد يوم معين في الاسبوع يسمح به للمحامي الوكيل بزيارة موكله لغرض استيضاح كافة الأمور التي تتعلق بحق الدفاع ومن خلال تخويل يصدر من القاضي المختص.
سادسا/ التأكيد على ضباط التحقيق بالإسراع بتزويد المحكمة بكافة المتطلبات التحقيقية بخاصة منها؛ أصول الأخبار للجرائم المدعى بها من المصدر آو المخبر وخلال فترة محدودة وعكس ذلك تحرك شكوى على الضباط وفق القانون.