20 مايو، 2024 5:08 م
Search
Close this search box.

ما هي الحروب الشاذة التي تعيشها مهنة المحاماة (ج8)

Facebook
Twitter
LinkedIn

تكملة لمقالنا السابق نتناول المحور الثامن في الحروب الشاذة التي تعيشها مهنة المحاماة، وهو:
مجلس شورى او حكماء المحامين ما بين الفكرة والتفعيل:
طالعت مؤخرا، فكرة من المحامين الغيورين على كرامة ورفعة المحاماة في مصر بشأن إنشاء مجلس شورى المحامين من كبار وشيوخ المحامين المصريين، وقد تفاعلت مع الخبر مثلي مثل الكثير من المحامين الأملين بالتغيير الى الأحسن.
بداية، من الموجبات النص في مشروع قانون المحاماة الجديد على استبدال مسمى مجلس نقابة المحامين بمسمى المجلس الأعلى لنقابة المحامين؛ ليتناظر مع مسمى شركاءنا في السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وتسمية هيئات انتداب المحافظات بالمجالس الفرعية.
وهناك ضرورة ملحة، ان يتم تشكيل مجلس شورى(حكماء) المحامين في نقابة المحامين العراقيين والنص عليه في مشروع قانون المحاماة الجديد، لأهميته؛ ومراعاة صبغ هذا المجلس بالصبغة القانونية لحداثته على قانون المحاماة، وان يكون اعضاءه من المحامين الحياديين المهنيين غير المتحزبين، وان تكون لهذا المجلس مهام مهنية وقانونية تكون في غاية الابداع الفكري والمهني والقانوني.
واعتقد لو تم طرح هذه الفكرة في استفتاء يوزع على غرف المحامين في العراق سيكون له تفاعل جاد وقوي من المحامين لوجود هناك رغبة ملحة في إنشاء مجلس شورى او حكماء يراقب مجلس النقابة العامة، والأسباب والدوافع والوقائع لإنشاء مثل هذا المجلس شاخصة  في الميدان المهني، فلو اردنا الرجوع الى اجتماعات الهيئة العامة  التي حصلت نجد اغلبها شكلية، والقرار المتفق عليه في مجلس النقابة والمزمع عرضه على الهيئة العامة سيكون هو المُصوَت عليه والنافذ، وما دعوة الهيئة العامة للاجتماع الا لإضفاء الشرعية المطلوبة لقرار ما، ليس من صلاحيات مجلس النقابة اتخاذه، بخاصة اننا لاحظنا؛ هناك عزوف كبير من المحامين القدامى المعروفين بكفاءتهم وخبرتهم، في الحضور لأكثر اجتماعات الهيئة العامة، يقابله حضور فعال من المحامين الشباب وكان ذلك واضحا، في اجتماع الهيئة العامة الاخير، حول تحرير الوديعة الخاصة بالتقاعد وجعلها وديعة متحركة لأجل فائدة المحامين المتقاعدين، مما يجعل القرارات التي تتخذ، لا تستند على راي ودراسة لقادة من المحامين المهنيين.
وما يجعل الضرورة ملحة لتأسيس مجلس شورى المحامين أضاف لما سبق عرضه انفا؛ هو ما ورد في المادة (80) من قانون المحاماة النافذ، حيث نصت على:
(يتوفر النصاب القانوني للاجتماع العادي وكذلك الاجتماع غير العادي الذي يتم بقرار من مجلس النقابة على ان لا يقل عددهم عن خمسة وعشرين بالمائة من مجموعهم فان لم يتم الاجتماع في اليوم الاول يؤجل الى اليوم التالي مهما كان عدد الحاضرين).
ان هذه المادة فيها ضعف كبير وخلل اكبر ومؤلم، لأمرين، الأول:  ان الاعداد المطلوبة من أعضاء الهيئة العامة للحضور في الاجتماع المطلوب انعقاده،  يجب ان يكون 25% من المحامين المسجلين في جدول المحامين، ولو اردنا معرفة العدد الحقيقي لكل اجتماع للهيئة العامة فأننا نجده لا يتجاوز 3% من المحامين المنتمين للنقابة، في ظل غياب الية شفافة يتم  فيها تدوين وتوثيق ذلك الحضور، وعند مقارنته بالعدد الحقيقي للمحامين المسجلين في جدول المحامين فعلا، فلو كان عدد المحامين المجددين لاشتراكاتهم من مجموع العدد الكلي للمحامين(مائة الف تقريبا)، حوالي 50% منهم؛ فان 25% منهم يجب ان يكونوا حاضرين عند عقد اجتماع الهيئة العامة، أي يجب ان يكون هناك اكثر من اثنا عشر الف محامي حاضر لأي اجتماع للهيئة العامة في اقل تقدير، وهذا العدد وفق اجتماعات الهيئة العامة  التي حصلت، لم يتم تحقيق حتى ولو 5% منه، وتلك والله فاجعة لا يمكن تجاوزها، والامر الثاني الاخطر على سلامة القرارات التي تتخذها الهيئة العامة:
ما نص عليه الشق الثاني من المادة(80):
 بانه في اليوم الثاني يتم فيه اتخاذ أي قرار مهما كان عدد الحاضرين، أي حتى لو اثنين فقط.
لذا فإننا بحاجة ماسة للنص في القانون الجديد على تشكيل مجلس شورى المحامين، وان يكون نصب أعيننا(نقيبا وأعضاء مجلس وهيئة عامة) ما يميز مجلس الشورى من تكوينه، من شيوخ المهنة وحكمائها بجميع محافظات العراق الحياديين غير المنتمين لفكر أو حزب أو تيار، على ان لا يقل عددهم عن (50) عضو ولا تقل خدمة كل عضو عن (15) سنة ويفضل من حملة الشهادات العليا ومن الذين لديهم باع في القانون ولديهم مؤلفات ومشاركات في ندوات قانونية ومهنية وممن لديهم الخبرة والكفاءة المشهود لها، وهذا ما سيمكنهم من حرية الأداء والعمل بروح الفريق للصالح العام، ويكون لهم اجتماع دوري كل ثلاثة اشهر لمراجعة ومراقبة عمل مجلس النقابة وإصدار القرارات الملزمة؛ المطلوبة في تصويب العمل النقابي المهني، ويراقبوا ويدققوا ويسددوا القرارات التي يتخذها مجلس النقابة، رافعين لواء كرامة وهيبة ووقار المهنة هي هدفهم جميعا، مع التأكيد على صرف لهم مكافئات تحفيزية مقطوعة. 
واجزم بان المحامين سيقومون بالالتفاف حول هذه الفكرة؛ لتفعيلها وتكوين هذا المجلس، وصبغه وما ينبثق منه بالصبغة القانونية واعتباره ممثلا للهيئة العامة ومشرفا ورقيبا على سير العمل بالنقابة العامة وفروعها.
ولا شك هناك عدة أمور ووقائع لها حضورها، أدت للطلب بتشكيل مجلس شورى(حكماء) المحامين منها:
أولا: هناك ضعف في أداء المجلس الحالي لكثرة اعداد المحامين وكثرة المشاكل والمعوقات، وانشغال بعض الاعضاء بتحقيق المكاسب الشخصية قد تبدو واضحة، وانشغال البعض الاخر عن العمل النقابي الحقيقي وتخليهم عن الدور الذي تم انتخابهم من أجله والولوج في ميادين غير مهنية ومليئة برسم الاحلام الوردية.
ثانيا: هناك إهمال للتراث النقابي الكبير، والاهتمام بالدور الإعلامي على حساب الدور النقابي، من أجل الاستحواذ على أكبر المكاسب والمصالح الشخصية من قبل بعض الأعضاء المتمجلسون، وهم بذلك قد هدموا هذا التراث ولم يبنوه، وهناك مؤامرات تتم في ظلمة الليل على النقابة.
ثالثا: هناك تدخل لا يمكن تجاهله من قبل بعض الجهات في إدارة شؤون النقابة للعمل في غير المصلحة العامة للمحامين وما يقابله من استكانة ضمنية قد تكون أحيانا واضحة جدا، من قبل بعض قيادات النقابة، من خلال اعتماد منهج المواءمة والمهادنة مع السلطات، مما أفقد المحامين قوتهم التي اكتسبوها علي مر تاريخ النقابة.
رابعا: عدم استخدام أدوات واّليات الضغط المتاحة بقانون المحاماة لإدارة أزمات المحامين، والأداء المهني للنقابة يشوبه قرارات متضاربة متلاحقة غير مدروسة، قد عصفت بالنقابة وفرقت أواصر المحبة بين أعضائها والمحامين وستقضي علي أمال حكمائها بالتوحد.
خامسا: هناك تردي مستمر يحيق بالمحاماة، بسبب الأداء البعيد عن التزام الإطار المؤسسي، والجماعي يغلب عليه النزعة الفردية، وبخاصة الأعضاء الممثلون لهيئات الانتداب عبء عددي وأكثرهم يفتقد رؤية ومنهجيه العمل النقابي العام، وقد تكون هناك سلبية مفرطة من جانب النقابة في محاولة الإصلاح وعجزها عن التواصل مع المحامين والإحساس بمشاكلهم وألية إيجاد الحلول المناسبة لها.
سادسا: إقحام النقابة في قضايا ومواقف بعيده عن إطار العمل النقابي انعكست سلبا علي المحامين.
سابعا: – هناك تلكؤ واضح في عدم قيام  هيئات غرف المحامين واللجان المشكلة بالمجلس بالأنشطة المناطة بها رغم كثرة هذه الهيئات واللجان وكثرة أعضائها عنها في المجالس السابقة، ما أدى إلي تشتيت الجهود وانصراف الأعضاء عن المهام الأساسية التي أنيطوا بها طبقا لنصوص قانون المحاماة.
ثامنا: تبني مشروعات غير مدروسة فنيا وماليا، تهدد الموقف المالي للنقابة العامة بشكل خطير، قد يقودها الى الإفلاس، مثلا(تبديد الأموال في قاعات الفنادق الكبرى).
وهناك ما هو أكثر من تلك من الأسباب التي تجعل المحامين يتفاعلون مع النص في مشروع القانون المحاماة الجديد على(تشكيل مجلس شورى المحامين)، لكننا تناولنا أبرزها، أملين أن تكون بمثابة طوق النجاة للنقابة العامة ولهم، ولابدّ أن تتجاوز مرحلة الجزر التي تمرّ بها النقابة، ونعمل عاجلا على تأسيس هذا المجلس، ليقوم بدوره الجوهري والمنتج، والمتمثل بالقيام بالمهام والواجبات الاتية:
الف- تغليب التوجّه المهني داخل المحاماة، بعيدا عن مفهوم مبتذل يقتصر على المطلبيّة الماديّة الجزئيّة، للمحافظة على ان لا تحيد مهنة المحاماة عن دورها الوطني الذي ينطلق من اسس رصينة.
باء- يحق لمجلس شورى المحامين تقديم طلب لمجلس النقابة للاستجواب او الاستفسار او الاحاطة في أي شان مهني، بخاصة الشؤون المالية والحساب الختامي للصندوق او ايه مخالفات مالية يثار الاستفسار عنها في النقابة، وعلى مجلس النقابة الرد مؤيدا بالمستندات خلال اسبوع من تاريخ الاستجواب او الاستفسار، وإذا لم يتم الرد او قام في شأنه ما لا يعد مقنعا او مخالفا لقرائن اخرى يري مجلس الشورى انها اسباب جديرة باتخاذ اللازم قانونا، فلهم اتخاذ ما يرونه مناسبا لذلك وتكون قراراته ملزمة.
جيم- يجب ان يعمل مجلس شورى المحامين بمتابعة اللجان التأديبية المهنية ومراقبة عملها واتخاذ القرارات الملزمة، لضمان العمل بجدية في المحاسبة التأديبية للمنتهكين لقواعد السلوك المهني وقانون المحاماة، والذين باتوا يهددون كيان المهنة عموما، لجهة جعل الناس ينظر للمهنة بانها مهنة تقديم الرشاوى (معنوية ومادية) والنصب والاحتيال والكذب لأجل تحقيق مكاسب مادية غير مشروعة.
دال- السعي إلى مراقبة أداء هيئات غرف المحامين في العراق كافة، حيث اصبحت هناك، لجان عديدة فيما يشبه توزيع تركة، والعمل على تكوين جيل جديد من المسؤولين بالغرف واللجان، القادرين على التسيير الإداري المهني الجيّد للحفاظ على مكاسب ومبادئ واستقلالية المهنة.
هاء – السعي إلى تكوين وبعث منبر أكاديمي للدراسات والبحوث المرتبطة بممارسة مهنة المحاماة، بخاصة ان المتمعن في واقع المحاماة اليوم يشهد التفكّك الذي تعيشه، كما يشهد الضعف القانوني الذي يتفاقم باطّراد، والجهل شبه الكلّي لنواميس هذه المهنة النبيلة وتاريخها المضيء الذي يمثل مصدر إلهام ثريّ ومتنوّع.
واو- الأشراف على أي عملية انتخابية في النقابة بخاصة انتخابات أعضاء مجلس النقابة من خلال استلام مقاليد النقابة قبل فترة  شهر عن موعد الانتخابات المزمع اجرائها، لتجري العملية الانتخابية بشفافية عالية، ومن خلال ذلك سيتصدى مجلس الشورى لمحترفي ومقاولي الانتخابات النقابية وخصوصا من كانت تجربتهم بالنقابة فاشلة ولم تسجل لهم أي اضافة تذكر.
زاء- يقوم المجلس بالتفكير الجدي والعميق في رسم استراتيجية لعصرنة مهنة المحاماة على جميع الأصعدة: ادارةـ غرف – مكاتب محامين ـ طرق العمل والتعامل وغيرها.
حاء-العمل على اعادة احياء تقاليد التضامن والاستقلالية والثقة بين عموم المحامين، وخلق الشعور بالانتماء إلى عائلة واحدة وهي قيم أصيلة متأصّلة أصالة برسالة الدفاع.
طاء – العمل الحثيث؛ بان لا تكون المحاماة حزبا سياسيا معارضا، او حلبة للصراعات أو للتحالفات السياسية، وجعل رداء نقابة المحامين مهنيا وليس رداء حزبيا سياسيا طائفيا، لان ذلك يهدد وحدة المحاميين ووحدة الوطن.
ياء: العمل على تفعيل دور القاعدة العريضة من المحامين في اتجاه الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية لمهنة المحاماة والمحامين والتصدّي لمحاولات الاحتواء والتدجين.
ولنا لقاء مع المحور التاسع ان شاء الله

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب