بعد تصاعد الأحداث في جبهة جنوب لبنان أو بالأحرى صراع حزب الله مع إسرائيل التي تجاوزت كل التفاهمات وحتى الخطوط الحمراء، فما هي السيناريوهات القادمة، فإن انتصرت إسرائيل لا سامح الله فهذا يعني القضاء على الذراع الأقوى والأهم للمقاومة، أو رأس الحربة في محور المقاومة، أما المقاومة في سوريا فهي امتداد لمقاومة حزب الله وإذا ضعف الحزب لا سامح الله ينتهي دور هذه المقاومة في هذا البلد.
ونتيجة البعد الجغرافي للحوثين وهم أحد أذرع المقاومة يجعل دورها محدود جداً، وحديثنا المهم عن المقاومة المسلحة العراقية، كلنا يعرف أن هناك مقاومة فاعلة لكن صعوبتها أن هذه المقاومة جلها يتمثل في الحشد الشعبي وهذه المؤسسة هي مؤسسة رسمية أي أن الحشد أصبح مؤسسة عسكرية عراقية رسمية تحت لواء القائد العام للقوات المسلحة وكما يعرف الجميع هو رئيس مجلس الوزراء.
ولا يخفى على الجميع التأثير الأمريكي الكبير في العراق على السلطة والموارد الطبيعية على حد سواء، وهنا يتبادر سؤال في الأذهان (كيف سمحت أمريكا تسنم السلطة في العراق من قبل مسؤولي المقاومة مع إبقاء على تشكيلات وسلاح المقاومة)؟.
هذا السؤال المهم والجواب على ذلك أن السياسة الأمريكية وهي الداعمة والراعية والحامية لدولة الكيان، تحتاج قراءة سياستها بتمعن وعق وتفكر أو ما يسمى القراءة بين السطور لسياسة وأهداف ونوايا الدولة الأولى في العالم.
من منا لا يعرف أن كل ما تقوم به إسرائيل هو بمباركة وحماية ورعاية أمريكية، أتذكر عندما اجتاحت موجة الربيع العربي بعض الدول العربية وهو مشروع بصياغة أمريكية حيث أعلنه وزير الخارجية الأمريكية (كولن بأول) في حينها دار حوار بيني وبين استاذي في مرحلة الماجستير الأستاذ الدكتور حسن عثمان رحمه الله وهو الأستاذ الفقيه الدستوري مصري الجنسية قلت له أن الدور القادم على مصر وكان هذا مستبعد في ذلك الوقت فرد عليُ أنك واهم وبين أسبابه وأدلته فأجبته استاذي الفاضل أن السياسية الأمريكية لا تقرأ بسطحية وإنما تحتاج إلى قراءة ما بين السطور، وبعد مضي مدة وجيزة تسارعت الأحداث وبشكل غير متوقع أدت إلى تغيير النظام السياسي في مصر وهنا برز دور التيار الإسلامي (اخوان مسلمين وسلفيين) وكان استاذي المومئ إليه ينتمي للتيار السلفي ومؤيد بحماس لما آل إليه الوضع في مصر، وعندما التقيته مجدداً كان منتشياً بالثورة المصرية كما وصفها وفي أول محاضرة أشاد بآرائي أمام زملائي وعند انتهاء المحاضرة طلب مني مرافقته إلى مكتبه وفي أثناء الحوار الذي دار بيننا وعندما طلب رأي عن الوضع الحالي تفاجأ عندما قلت له أن ما آل إليه الوضع هو فخ وضعته أمريكا للتيار الإسلامي وأن الأخير لن يستمر في حكم مصر ووجدت نفسي وكأني قد استفزيته من خلال هذا الطرح، وقد تحققت قراءتي مرة ثانية لكن توفاه الله استاذي الكبير رحمه الله قبل سقوط التيار الإسلامي وحزنت عليه وحزنت لأني لم أحصل على اشادة جديدة.
استعرضت ذلك لأن السياسة الأمريكية يمكن أن تتغير بكل اتجاه إلا اتجاه إسرائيل وحمايتها، وإن السماح للإطار التنسيقي بتسنم السلطة وتشكيل الحكومة وجل الإطار هم من قادة المقاومة الإسلامية في العراق وهذا برأي المتواضع هو فخ آخر على قادة الإطار الحذر الحذر وأن يقرأوا الأمور بواقعية ويبتعدوا عن السطحية القرائية لأن مستقبلهم ومستقبل العراق على المحك فعليهم أن يبتعدوا عن الخلافات بينهم وأن يعيدوا اللحمة مع التيار الصدري متمثلاً بقائده السيد (مقتدى الصدر) وأن يتخلوا عن الفاسدين ويضربوهم بيد من حديد ويقللوا من الاعتماد على النفط لأن وارداته تدار من خلال البنك الفدرالي الأمريكي ويمكن أن تمنع من قبل واشطن، على الجميع أن يعلم أن القادم صعب وصعب جداً وقد أعذر من أنذر والله من وراء القصد.