تأتي زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الى أوربا في مرحلة مهمة يشهدها العراق والمنطقة والعالم فداخلياً العراق يستعد لأنتخابات نيابية مهمة في حزيران القادم التي قد تعيد الثقة بالواقع السياسي , وسط أنهيار أقتصادي مقلق بسبب جائحة كورونا و أنخفاض أسعار النفط وصل الى العجز عن توفير الرواتب للموظفين ونقمة شعبية بعد فشل الحكومة بتنفيذ وعودها و قرب أنطلاق مظاهرات تشرينية مقبلة لا تعرف نتائجها وتأثيرها على الواقع السياسي داخلياً فيصل الكاظمي الى أوربا حاملاً في جعبته ورقته البيضاء التي يحتاج فيها للمساعدة الخارجية الأوربية لأنقاذ العراق مالياً من خلال القروض طويلة الأمد التي يسعى العراق للحصول عليها من دول الأتحاد الأوربي و التي أنقطعت علاقتها مع العراق منذ 1991 بعد غزو العراق للكويت , ودولياً تأتي هذه الزيارة بعد الأخبار المتتالية التي تتنبأ عن أنحسار للدور الأمريكي المباشر في العراق والمنطقة بعد التلويح بأخراج السفارة الامريكية من بغداد و تقليص الوجود العسكري الأمريكي المستمر في العراق لصالح أوربا وأنتظار نتائج الأنتخابات الأمريكية , ويسعى العراق مع الاتحاد الاوربي ملفات عدة يريد الحصول عليها والتباحث فيها مع الاوربيين منها دعم الاتحاد الأوربي في مواجهة بقايا داعش والجماعات الارهابية و منع ظهورها مجدداً ضمن التحالف الدولي وملف التسليح والتدريب للقوات العراقية , و مطالبة العراق للاتحاد الاوربي بأرسال مراقبين لمراقبة للانتخابات القادمة , كما يطمح العراق أن يرفع الاتحاد الاوربي أسمه من قائمة الدول عالية المخاطر و التي تتيح تبييض الاموال , بالأضافة طبعاً الى الملفات الأقتصادية و التجارية بين العراق و الدول الأوربية ,
و أبتدأت هذه الجولة من بوابة باريس خاصة التي أقتربت كثيراً للعراق في الفترة ألأخيرة التي شهدت نشاطاً تركياً غير مقبول من قبل أوربا سواءً في شرق تركيا او غربها في شرق البحر المتوسط و في ليبيا واعتبار العراق أحد المتضررين من التمدد التركي وتقويته لمواجهة تركيا ,فبعد زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون لبغداد في أيلول الماضي قال الكاظمي انهم مهتمون بتوسيع الشراكة مع فرنسا بعد توقيع وثيقة التفاهم الأستراتيجي بين البلدين وخاصة في مجال التسليح و النقل و الصناعة و الزراعة والتي لا تختلف كثيراً عن المحطة الالمانية التي تتسم ايضاً بالأهداف الأقتصادية و التقنية العسكرية التي مازالت موجودة وحاضرة في العراق بالأضافة الى مجال الطاقة الكهربائية من خلال حضور شركة سيمنز في العراق و ربما أهمها هو الجانب المالي وأصلاح الواقع النقدي والبنكي العراقي من خلال حضور وزير المالية ومحافظ البنك المركز العراقي والعلاقة الوثيقة بين المصارف الألمانية والعراقية
كما أشار هاشم داود مستشار الكاظمي الى ان “الجولة الأوربية تأتي بسبب رغبة العراق بلعب دور محوري وريادي في المنطقة فضلاً عن الأهداف الأقتصادية في الحصول على قروض طويلة الأمد ومذكرات تعاون في مجال الصناعة و الزراعة و النقل والمطارات و مترو بغداد” , فالعراق بحاجة الى هذا الانفتاح على منظومة الاتحاد الاوربي سياسياً و أقتصادياً و عسكرياً لما يملكه الاتحاد من نقاط قوة سياسية باعتبار وجود الدول دائمة العضوية في مجلس الامن وما تملكه أوربا من تقنيات متطورة في الصناعات البنى التحتية والعسكرية والنفطية و الطاقة وغيرها من الصناعات التي يحتاجها العراق و في الوقت نفسه تعي هذه الدول أهمية العراق كأرض خصبة للأستثمار ونزول شركاتها في أرض الرافدين وما تملكه هذه الأرض من ثروات أقتصادية و بشرية و لكنها تحتاج الى توفر البيئة الملائمة لنمو و أزدهار الحركة الأقتصادية وهذه هي مسؤولية الحكومة في السعي نحو أستقرار البلد وعدم الأنسياق مع الأرادات الخارجية التي تريد جعل العراق ساحة صراع دولي من خلال ابقاء القواعد العسكرية على أرضه لتنفيذ أجندات الشرق الأوسط الجديد .