لم تفاجؤنا الجرائم الأخيرة التي قامت بها قوات البيشمركة ضد الأبرياء التركمان في طوزخورماتو والتي كشفت عن الوجه القبيح للشيفونية التي ينتمي إليها بعض زعماء الكرد ولكن ما فاجأنا هو الصمت المريب الذي لاذت به بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (اليونامي) حيال هذه الجرائم. وبعثة اليونامي في صمت القبور الذي خيم عليها حيال الجرائم التي ارتكبت ضد التركمان في طورزخورماتو تتخلى بذلك عن دورها المنوط بها وواجبها الأخلاقي والقانوني والإنساني بالاهتمام بالقضايا الإنسانية العادلة وإعانة المظلومين والمساعدة في رفع الحيف والظلم عنهم. ولذا فإن اليونامي في موقفها هذا تكون متواطئة في التستر على الجرائم والفظائع التي ترتكب في حق التركمان في طوزخورماتو.
والمتابعين لعمل البعثة الأممية لم يستغربوا هذا الموقف المشين منها فهي قد دأبت في مواقفها السياسية على القيام بالعمل بوحي من انحيازات بعض العربان الطائفيين وذوي الميول البعثية والداعشية والمرتشين من الكرد. وهؤلاء الذين يعملون في القسم السياسي في البعثة وفي طليعتهم رئيس القسم السياسي فيها الفلسطيني الطائفي الحاقد والبعثي الهوى والهوية مروان علي الكفارنة وشلة الطائفيين المغرضين من أتباعه الذين طالما عملوا على دفع البعثة لاتخاذ مواقف محابية ومنحازة لأطراف سياسية معينة في العراق وعلى تحريف تقاريرها لتزوير الحقائق بغرض تشويه صورة بعض القوى والمكونات وعلى وجه الخصوص القوى التابعة للمكونين الشيعي والتركماني.
لا يمكن لمسؤولي بعثة اليونامي أن يدعوا بأن صمتهم ناجما عن عدم حصولهم على معلومات دقيقة عن ما يجري في طوزخورماتو. فلقد قام نائب رئيس الجبهة التركمانية العراقية النائب التركماني عن محافظة التأميم الأستاذ حسن توران بعقد لقاء يوم الإثنين في 16 تشرين الثاني مع المساعد السياسي للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة جورجي بوستن أطلعه فيها على الانتهاكات التي ارتكبت بحق أبناء المكون التركماني من المدنيين والعزل والعوائل والمحلات والبيوت السكنية. وقد قام الأستاذ حسن توران أثناء هذه الزيارة بتسليمه للبعثة ملف ضم قائمة بأسماء المختطفين من أبناء التركمان في قضاء الطوز. ودعا الأستاذ حسن توران البعثة الأممية إلى ممارسة دورها الإنساني والحقوقي والدولي في ضمان سلامة التعايش المجتمعي.
جهود الأستاذ حسن توران لم تثمر لحد الآن أي موقف ينم عن تعاطف إنساني من قبل البعثة الأممية التي ينخر فيها البعثيون المروانيون ويعيثون فيها الفساد ويعشش فيها الحقد الطائفي. ألم يكن حريا بهذه المنظمة الدولية التى يفترض بها أن تهتم بأمور السلم ورفع الظلم عن المظلومين والمضطهدين وإغاثة الملهوفين في ساعات الشدة والضيق أن تقوم بإرسال لجنة تقصي حقائق إلى طوزخورماتو لتبين حقيقة الموقف وتحديد المسؤولين عن الاعتداءات التي أدت إلى استشهاد الشعرات ومن بينهم مقاتلين في الحشد الشعبي ضد الإرهاب الداعشي وتقديمهم إلى العدالة؟ ألا يستحق حرق العشرات من البيوت والمحلات التجارية العائدة للتركمان الشيعة في طوزخورماتو وحرق حسينيتين وخطف العشرات من السكان التركمان وترويع المدنيين واستهدافهم في بيوتهم بالمدافع والقناصات بشكل عشوائي ألا يستحق كل ذلك ولو بيان إدانة من اليونامي التي طالما ملأت تقاريرها وبياناتها بعبارات الشجب والإدانة لقيام القوات الأمنية بقصف أوكار الإرهابيين من البعثيين والدواعش المختبئين في بيوت أخلاها المدنيين في المدن والقرى التي يسيطر عليها الإرهابيون زاعمة زورا وبهتانا بأن القوات الأمنية تتعرض للمدنيين؟ أي تواطؤ أكبر من أن تقف بعثة اليونامي موقف المتفرج وقد سقط من التركمان في السنوات الماضية أكثر من 10 آلاف شهيد على يد المجاميع الإرهابية وعشرات آلاف الجرحى والأرامل والأيتام على أيدي مجاميع إرهابية مجرمة يتواصل كبار الموظفين في البعثة الأممية مع قادتها وقتلتها الذين تلوثت أيديهم بدماء الشعب العراقي؟
مشكلة سكان طوزخورماتو مع اليونامي أنهم تركمان من جهة وشيعة موالين لأهل البيث (ع) في معظمهم من جهة أخرى. ولا تعاطف يرتجى لهم من بعثة أممية تزعم الحياد في حين أنها تضم في صفوفها أشخاصا من أمثال الكفارنة الذي تربى في أحضان البعث الصدامي ووضع يده بيد الإرهابيين القتلة الملوثة بالدماء من بعثيين ونقشبندية وجيش لاإسلامي دواعش وباع نفسه للكرد بأبخس الأثمان. ولذا فإن المطلوب من نواب الجبهة التركمانية ونواب التركمان العمل مع الشرفاء من أعضاء مجلس النواب الذين لا تأخذهم في الحق لومة لائم من أمثال الدكتورة حنان الفتلاوي وعالية نصيف والنائب القاضي محمود الحسن لتشكيل لجنة برلمانية تحقق في الجرائم التي ارتكبت في طوزخورماتو وتفتح ملف المواقف المخزية والمنحازة للبعثة الأممية وتواطؤها مع القتلة والإرهابيين.
إن الكارثة الإنسانية التي قام الشيفونيين الكرد بإلحاقها بطوزخورماتو عبر اعتداءاتهم الدموية على سكان القضاء ومحاصرته لقطع الغذاء والدواء عنه قد قامت مرة أخرى بشكف عورة اليونامي المروانية التي تقبح وجه التاريخ مثل عورة عمرو بن العاص. ولكن طوزخورماتو التي كسرت آمرلي، عروس القضاء ودرة تاجه، شوكة الدواعش ستكسر أحقاد الطائفيين في اليونامي وستكشف عوراتهم المروانية وإفكهم وارتشاؤهم من الكرد وبيعهم لكراماتهم رخيصة في سوق النخاسة.