اتفقت روسيا والولايات المتحدة في السابع من أيار2013 على حث نظام الرئيس بشار الأسد والمعارضة السورية على إيجاد حلٍّ سياسي للنزاع المستمر منذ أكثر من سنتين ، وذلك من خلال تنظيم مؤتمر دولي حول سوريا نهاية الشهر الجاري، في تطور قد يثني مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي عن عزمه تقديم استقالته.
وصدر الإعلان عن المؤتمر، الذي ستكون توصيات بيان جنيف الصادرة في 30 حزيران2012 العام الماضي أرضية له. ولاقى الاتفاق الأميركي الروسي حول إعادة إحياء (بيان جنيف) تساؤلات من قبل المعارضة السورية التي تؤكّد أنّه لن يكون لهذا الإعلان أي نتائج أو خطوات عملية على الأرض، رافضة في الوقت عينه المشاركة أو القبول بأي حل سياسي لا ينص على تنحي الرئيس الأسد عن الحكم .
من جانبه، أصدر مكتب الإبراهيمي أمس بياناً تعليقاً على التوافق الروسي – الأميركي بـ(أنها أوّل معلومات تدعو إلى التفاؤل منذ وقت طويل جداً)، مؤكداً أنَّ {التصريحات التي صدرت في موسكو تشكـّل خطوة أولى إلى الأمام، تحمل الأمل بشأن ذلك البلد التعيس (سوريا)، لكنها ليست سوى خطوة أولى ومن المهم أن يحدث تعبئة في المنطقة بأكملها من أجل دعم هذه العملية)، مضيفا أنَّ (كلَّ المعطيات تدعو للاعتقاد بأنَّ التوافق الذي تم ، سيحصل على دعم الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن الدولي}.
من جانبه، صرح مايكل مان، المتحدث باسم مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، أنَّ الاتحاد (مرتاحٌ جداً) للاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة حول سوريا. وأضاف الناطق أنَّ أوروبا (كررت مراراً أنَّ حلَّ النزاع يكمن في تسوية سياسية شاملة) مبدياً في الوقت ذاته أكد استعداد الاتحاد الأوروبي للتعاون (بأيِّ شكل، ويأمل في أنْ يُشـَكـِّلَ المؤتمر بداية عملية السلام(.
كما أكد وزيرا الخارجية الروسي والأمريكي لافروف وكيري في مؤتمر عقد فجر 8/أيار/2013 أنَّ الجانبين اتفقا على (تشجيع الحكومة السورية ومجموعات المعارضة على إيجاد حل سياسي للنزاع). وأكدا أيضا ً أنهما يأملان في الدعوة إلى مؤتمر دولي في نهاية أيار الجاري للبناء على اتفاق جنيف الذي أقرّته القوى الكبرى العام الماضي. وقال كيري إنَّ الاتفاق، الذي يتضمن 6 نقاط وأنجزه مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة السابق كوفي أنان: «يجب أن يكون خارطة الطريق التي يستطيع الشعب السوري من خلالها إيجاد طريقه إلى سوريا الجديدة ويمكن أن يتوقف بها حمّام الدم والقتل والمجازر)، محذرا أنَّ البديل هو مزيد من العنف والاقتراب أكثر من هاوية الفوضى أو حتى السقوط فيها.
أهم بنود بيان جنيف : ــ
أفضى لقاء مجموعة العمل الخاصة بسوريا في مدينة جنيف السويسرية في 30(حزيران) 2012 إلى بيان ختامي يؤكد على التزام الدول المجتمعة على سيادة واستقلال سوريا، والتعهد بالمحافظة على وحدة البـلاد الوطنية وحمايتها من التقسيم، وسعيا لهذه الأهداف أوصى المجتمعون بما يلي:
أولا: دعوة جميع الأطراف لوقف العنف بكل أشكاله، وعدم انتظار مبادرة الطرف الآخر لإعلان وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى:
* إطلاق سراح جميع المعتقلين بشكل تعسفي.
* ضمان حرية التنقل في جميع أنحاء البلاد للصحافيين، ومنح تأشيرات الدخول لهم دون تمييز.
* احترام حرية تكوين الجمعيات والحق في التظاهر السلمي.
ثانيا: التوافق على الخطوط والمبادئ التي ستحكم المرحلة الانتقالية، وتشمل:
* أن تعبر المرحلة الانتقالية عن تطلعات السوريين، دون استثناء أي مكون.
* وضع جدول زمني للمرحلة الانتقالية.
* توافق الخطوط العملية للمرحلة الانتقالية مع المعايير الدولية وحقوق الإنسان ومبدأ استقلالية السلطة القضائية.
ثالثا: الموافقة على الخطوات التي سيأخذها المجتمعون لدعم الجهود الدولية لإنجاح المرحلة الانتقالية، ومنها:
* تشكيل حكومة انتقالية، من المعارضة والموالية وجهات أخرى، تمتلك كامل الصلاحيات التنفيذية وتحظى بـ(قبول متبادل).
* ترك تحديد مستقبل سوريا للسوريين، من خلال مشاركة جميع مكونات الطيف السوري في عملية حوار وطني.
* القيام بمراجعة الدستور، تخضع نتائجها لموافقة الشعب، وإجراء إصلاحات قانونية.
* بعد الانتهاء من المراجعة الدستورية، يجب الإعداد لإجراء انتخابات حرة ومفتوحة أمام جميع الأحزاب.
وبالإضافة إلى العناوين الثلاثة السابقة، شدد البيان على ضرورة أن تحظى النساء بتمثيل كامل في كل جوانب العملية الانتقالية، وعلى دعوة المعارضة السورية لتدعيم تماسكها، والدعوة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق الأكثر تضررا، وتأمين استمرارية المرفق العام أو ترميمه، ويشمل الجيش والأجهزة الأمنية، وتخصيص إمكانات مادية هامة لإعادة إعمار سوريا.
وفي حينه، أقر مهندس البيان، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي عنان أن ترك الأمر للسوريين، ليقرروا مصيرهم، ليس سهلا، مضيفا أنها (ليست المرة الأولى التي يتقاتل فيها أناس ثم يجلسون للتفاوض). لكن توصيات جنيف ظلت حبيسة الأدراج بسبب تجاهلها لموقع الرئيس بشار الأسد في المرحلة الانتقالية.
والحالة هذه ؛ فقد سلـّم العراق رئاسة الجامعة العربية في نهاية آذار2013 إلى قطر، في حين أنَّ المشكلة السورية امتدت لعامين تقريباً ، كان العراق خلالها رئيساً لجامعة الدول العربية ، لم يتخذ أي مواقف مخالفة لبنود جامعة الدول العربية ، ولم يعلن موقفه الصريح من هذه الأزمة ، حيث كان حذراً ودقيقاً ومحرجاً،آثر أن يجعل الأزمة (سورية ـ سورية) ،بينما نرى قطر اتخذت موقفاً حاسماً حيال هذه الأزمة، من خلال دعوتها للمعارضة السورية بتمثيل الدولة السورية في مؤتمر الجامعة العربية ـ آذار 2013، دون أن تأبه بأيِّ اهتمام لحكومة دولة عربية لا تزال حاكمة في هذه الدولة العربية العضو في جامعة الدول العربية.
الأزمة السورية تشكـّل مسالة خطيرة، ومنعطف حرج في الأمّة العربية والإسلامية، والعراق اليوم .. ببغداده عاصمة الثقافة العربية لـ2013 مطلوب منه موقفاً دبلوماسياً فاعلاً إزاء الأزمة السورية، سيّما وأنَّ دولاً غير عربية تتبنى حلّ المشكلة، وهي قضية ليست أجنبية،وأنَّ دولاً غير عربية تتفاعل مع الأزمة بجديّة ، وهي دول ليست عربية ، كإيران.
العراق ؛ خلال رئاسته لجامعة الدول العربية لم يستطع حلّ المشكل السياسي السوري، لقناعاته الدبلوماسية والقانونية الخاصة،لكنه اليوم؛ مطالب بتحرّك عربي فاعل حيال الأزمة ، ثقافياً وإسلامياً وعربياً.. العراق مطالب بموقف ثقافي موجّه نحو حلّ هذه الأزمة العربية ، من خلال تعبئة الأقلام العربية بكتابة المقالات ، وإعداد المحاضرات،وتوجيه الإعلام العربي لأجل تثقيف الشعب السوري أولاً ، والسياسيين والمثقفين العرب لأجل الحث على تفاعل عربي مع الحلّ الناجع للأزمة ، لا لأنها أزمة سورية ـ سورية، بل؛ لأنها أزمة عربية عامة ، ستؤثر متغيراتها السياسية على معادلات إستراتيجية وعسكرية في المنطقة ، وفي طبيعة المواجهة العسكرية والتاريخية مع إسرائيل. إنَّ المتغيرات السياسية التي ستـَحدث في سوريا بعد بشار الأسد ستـُحدث تغييرات كبرى في المنطقة العربية،وإنَّ المعارضة السورية على ضوء أطروحاتها المعلنة، لا تريد سوريا فيها حكومة بشار الأسد،وهي لم تقتنع بتوصيات مؤتمر جنيف 2012 لكونه لم يحتوِ فقرة تقرر تنحية بشار عن الحكومة القادمة عن السلطة القادمة، وهذه مشكلة خطيرة. العراق مطالب فيها أن يتحرّك دون كلل أو ملل لأجل تقرير مصير الأزمة بما يخدم قضايانا العربية المصيرية التي كان العرب يناضلون لأجلها منذ أكثر من ستين عاماً، وهي قضايا المواجهة العربية بوجه الوجود الإسرائيلي السرطاني في الأرض العربية .. في الجولان .. في الضفة الغربية .. في جنوب لبنان .. في القدس العربي الإسلامي الشريف، وما ينسحب علينا ـ نحن ـ في العراق كشعب وكدولة جوار مع سوريا الأمس وسوريا اليوم وسوريا غدا…! ((مصادر معتمدة))