9 أبريل، 2024 2:31 ص
Search
Close this search box.

ما هو السر؟ أينما حكم الاسلاميون حلّ الخراب والدمار؟ – العراق نموذجا!

Facebook
Twitter
LinkedIn

لو نظرنا الى الخارطة الجيوسياسية في العالم الاسلامي وبؤر التوتر التي تعاني منها لوجدنا ان للاسلام السياسي دور محوري في ازماتها ولبرزت اسماء مثل جماعة ابو سياف في الفلبين, الجماعة الاسلامية في اندونيسيا, نمور التاميل في سريلانكا, طالبان والقاعدة في افغانستان, الولايتفقيهية في ايران, حزب الدعوة والمجلس الاعلى وبدر وحزب الفضيلة والتيار الصدري واحزاب اسلامية متشظية اخرى في العراق, جبهة النصرة ومجاميع القاعدة في سوريا, حزب الله الايراني في لبنان, الحوثيين المدعومون ايرانيا والقاعدة المدعومة سعوديا في اليمن, الوهابية التكفيرية في السعودية, حركات اسلامية في الكويت, الاخوان المسلمين وحزب النور السلفي في مصر, حزب النهضة في تونس, الحركة الاسلامية في الجزائر او ما يعرف بالاف اي اس, تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي في المغرب, المحاكم الاسلامية في الصومال, حزب المؤتمر الوطني بقيادة عمر البشير في  السوادن, حركة التوحيد والجهاد في مالي الى اخر تلك الاحزاب والحركات الاسلامية المسلحة وغير المسلحة في جميع انحاء العالم الاسلامي.
عندما نحاول ان نجد صفة مشتركة لنشاطات هذه الحركات بشكل عام وتاثيرها على الدول التي تمثل ساحات صراعاتها السياسية المباشرة نجد مشتركات مثل الفوضى والنزاعات والتهديد بالتقسيم وتقويض وحدة الامم التي تنتمي اليها اي بعبارة واحدة التخريب واالدمار هما من الصفات الملازمة لتواجد هذه الحركات, وهنا يبرز سؤال مهم وهو: ما هو السر وراء ذلك؟ وكيف لاحزاب وحركات اسلامية ترفع شعارات برّاقة ان تتسبب في هذه الفوضى العارمة في العالمين العربي والاسلامي؟
ولكي نعيد للذاكرة فقط لابد ان نستعرض باقتضاب تاثيرات هذه الحركات والاحزاب على مواطنها الاصلية, فحركة ابو سياف الاسلامية المدعومة من قبل القاعدة ومن قبل تيارات داخل السعودية تقوم باعمال الخطف والقتل والتفجير وتتسبب في زعزعة استقرار الفلبين وتهديد سمعتها كدولة سياحية ونفس الشيء ينطبق على حركة الجماعة الاسلامية في اندونيسيا وبشكل اقل نمور التاميل الانفصالية في سريلانكا, اما طالبان والقاعدة في باكستان وافغانستان فغني عن التعريف ما تسببوا فيه لهذه الدول من مآسي, فقد كانوا السبب الرئيسي لتواجد القوات الاجنبية على الاراضي الافغانية والتسبب في تخلفها وتدميرها واحتلالها ليومنا هذا… واذا وصلنا الى ايران فسنجد ان الحركة الوليفقيهية او نظرية ولاية الفقيه وهو تنظيم سياسي سري في كثير من تفاصيله اكثر من كونه نظرية حكم تسيطر على مفاصل ايران واوصلت هذه الدولة متعددة الاعراق الى الدمار الاقتصادي من خلال تركيع التومان جراء سياسات غير حكيمة الى سعر 4000 للدولار الواحد والدمار السياسي من خلال تقسيم المجتمع الايراني الى موالي ومعادي للولي الفقيه ناهيك عن اضطهاد الاقليات العرقية والدينية كالعرب والكرد والسنة وغيرهم, ونوجيه تهمة الخيانة ورفع شعار الموت لكل ايراني لا يؤمن بهذه النظرية (مرك بر زدي ولايتي فقيه), ولنواصل المسح السياسي غربا فنصل الى العراق فنجد ان اسباب تدمير العراق منذ ثلاثة عقود على الاقل ولحد الان هو استلام الاحزاب الاسلامية للسلطة كما هو الحال منذ عشرة سنوات او معارضتها للسلطة لعقود من القرن الماضي وبشكل خاص من قبل الاحزاب الشيعية الثورية منها كالمجلس الاعلى للثورة الاسلامية ( المجلس الاعلى الاسلامي العراقي حاليا) وهو تنظيم ايراني يؤمن بحاكمية الفقيه المطلقة على الامة حتى لو كان مختصا فقط باحكام العبادات كالطهارة والحيض والنفاس, وحزب الدعوة الذي يهدف نظرياً الى اسلمة الحكم على مراحل متعددة ويعتبر ان الديمقراطية هي الية حكم ووسيلة للوصول الى السلطة اذا تعذر الوصول اليها بوسائل اخرى وبعدها يتم التسلط على الشعوب باسم الحاكمية الالهية المطلقة, وكذلك حزب الفضيلة الشيعي والحزب الاسلامي السني الذي هو الوجه الاخر لحركة الاخوان المسلمين وحزب التحرير المصري يهدفون الى اقامة نظام اسلامي  مهما كلف الامر وطال الزمن ولا نريد الخوض في الفصائل الاسلامية المتشظية من احزاب اسلامية في الساحة العراقية تمثل الاجنحة المسلحة لهذه التشكيلة المتنوعة كمنظمة بدر وحركة حزب الله وعصائب اهل الحق الذي عقد المالكي معها صفقة لتكون قوة بوجه جيش المهدي التابع للتيار الصدري الذي يؤمن بالولاية الخاصة للفقيه اي ضمن دائرة سلطته وحكمه, وكذلك جند الله وجند السماء ومؤخرا جيش المختار المدعوم ايضا من قبل المالكي سراً وكذلك عشرات الاسماء الاخرى التي مزقت العراق وعاثت فيه قتلا وفسادا وسرقة لامواله وتدميرا لبناه التحتية واوصلته الى حافة الانقسام الى ثلاثة دويلات او اكثر وليس لها اية رؤية وحدوية لعراق قوي ومستقل تنعم فيه كل شرائحه بالمساواة في الحقوق والواجبات. واذا اقتربنا من الساحل الشرقي للبحر المتوسط فسنجد ان حزب الله الايراني في لبنان يمثل خنجر الخاصرة للبنان ويقف عائقا دون تشكيل حكومة موحدة تقوم بادارة هذه الدولة التي مزقتها الحروب الاهلية, وحزب الله يعلن صراحة انه يتّبع الولي الفقيه الايراني ويتشرف بذلك ومستعد لحرق لبنان من اجل مصلحة ايران, وفي سوريا نجد ان من بين القوى الضاربة ضد نظام بشار الاسد هي جبهة النصرة وبعض تنظيمات القاعدة. اما جنوبا من لبنان فنجد ان حركة حماس قامت بتقسيم فلسطين حتى قبل ان تحصل على اعتراف بها كدولة مستقلة وما ان وصلت حماس الى السلطة في غزة حتى اعلنت دكتاتوريتها واحتلال كامل غزة وتطهيرها من حركة فتح وكان مقاتلوها يقبّلون الارض عندما يقومون باحتلال مقرات فتح وكانهم قد حرروا كامل التراب الفلسطيني من اسرائيل, نفس الشي فعله مقاتلوا حزب الله اللبناني عندما احتلوا بيروت. الحوثيون والقاعدة في اليمن  ليسوا افضل حالا فهم قد دمروا هذا البلد الذي كان يسمّى بالسعيد وحولوه الى اليمن التعيس فالاجنبي لايامن على نفسه حتى لو كان عامل في القطاع الصحي ويخدم اليمنيين والصراع المرير ضد السلطة قد انهك البلد الضعيف اقتصاديا اصلا ولا توجد اية ومضة نور في نفق الصراعي اليمني الداخلي. واذا زحفنا غربا باتجاه مصر فنجد ان الرئيس مرسي وحزب الاخوان لم يصدّقوا وصولهم الى السلطة ومنذ ذلك الحين ومصر تلك الدولة المحورية في العالم العربي والاسلامي تمزّقها الصراعات السياسية وليس ادلُّ شيء على ان الاخوان في مصر ماضون في تدميرها الى النهاية هو تصريح الرئيس المصري مرسي قبل ايام من أن “مهمة الرئاسة دونها رقبتي” اي انه باقي في السلطة مهما حدث من خراب في مصر كما قال المالكي من قبل ” هو منو يكدر ياخذها حتى نعطيها”. ولنعرج سريعا على تونس والجزائر والمغرب فنجد انها ليست افضل حالا فالشارع التونسي ممزق بعد سقوط حكم بن علي ووصول حزب النهضة الاسلامية للسلطة, والجزائر عانت لعقدين من القتل والذبح من قبل حركات تكفيرية تقتل باسم الاسلام وان كان البعض منها مندسا من قبل المخابرات الجزائرية والفرنسية, والمغرب يعاني ايضا من عمليات نوعية هنا وهناك يقوم بها تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي, اما في صوماليا ومالي فلا نحتاج الى سرد واقع الحال هناك فصوماليا من افشل دول العالم منذ ثلاثة عقود, ولولا التدخل الفرنسي في مالي لكانت سائرة على درب صوماليا بفضل الحركات الاسلامية الجهادية.
الاشكالية الاولى في فكر هذه الحركات هي عدم وضوح نظرية الحكم الاسلامية التي يرفعون شعارها ومهما حاول منظّرو هذه الحركات من وضع اطر لنظرية اسلامية للحكم تجدهم يواجهون اشكاليات ومشاكل عدة في تطبيقها او تبرز تيارات اسلامية معادية لها تناشد بدورها تطبيق الشريعة الاسلامية بطريقة مغايرة لتعكس حالة من الفوضى الفكرية والسياسية, وما يؤكد ذلك هو هذا التنوع الكبير في الطروحات النظرية للحكم الاسلامي وعليه فالسؤال الكبير لكل هذه الحركات: اي نظام حكم يريدون تطبيقه في حالة الوصول الى السلطة؟ هل هو النظام الذي طبقته حركة طالبان في افغانستان من قبيل منع كل ماهو حديث وتحريمه وقطع الايدي والرجم في ملاعب كرة القدم وانعدام اية نظرية اقتصادية لادارة البلاد, ام هونظام الولي الفقيه في ايران الذي يشبه الى حد كبير دكتاتورية الكنيسة في القرون الوسطى حيث الولي الفقيه يتحكم بمصير الدولة ويقرر كل صغيرة وكبيرة ويصادق او يمنع المرشحين للرئاسة او للبرلمان, ام هو نظام المملكة في السعودية حيث يتم تطبيق سطحي للاسلام من خلال تنفيذ بعض الاحكام الجزائية من قطع يد ورجم وعندما يصل الامر الى الادارة في النواحي الاقتصادية فنجد تخبطا وعدم وضوح لاية ملامح نظرية اقتصادية لا شرقية ولا غربية بل ان الملك هو الامر الناهي وهو الذي يهب من يشاء كيفما يشاء بمباركة المؤسسة الدينية المقربة منه ةالتي تنفق المليارات من اجل نشر الفكر الوهابي التكفيري في العالم, او ربما يريد الاسلاميون تطبيق نظرية الحكم في السودان حيث قام البشير باسم الاسلام باحتكار السلطة وتدمير السودان من خلال حرب اهلية طالت لاكثر من عقدين ادت الى تقسيمه ولم تنتهي الحرب بعد, او ربما تطبيق نموذج المحاكم الاسلامية في الصومال والتي لا يعلم احد اية نظرية يطبقون. التخبط يذهب الى أبعد من هذا فالاسلاميون الشيعة ينتقدون نظرية الحكم السنية الشائعة التي تقوم على اطاعة ولي الامر مهما كانت الطريقة التي يصل بها الى السلطة في حين تجد تناقضاً فاضحاً في ادائهم عندما يتعلق الامر بشرعنة الوسائل للوصول الى السلطة كما حدث في العراق حيث وصل الشيعة الى الحكم على ظهر دبابة امريكية دون ان يشعروا بالحرج من ذلك ونفس التناقض نجده في سلوك الاسلام السياسي السني ففي الوقت الذي يشنعون على الشيعة نظرية ولاية الفقيه والامامة الالهية نجدهم يتعاملون مع الحاكم بنفس القدسية التي يتعامل فيها الشيعة مع الامام المعصوم او الولي الفقيه كما هو الحال في ايران او المرجعية الشيعية في النجف وامثلة ذلك تجدها متجسدة بوضوح في السعودية حيث الملك مقدّس ومعصوم من الخطا والويل لمن يمس الذات الملكية, والشي نفسه اثناء فترة حكم طالبان وكذلك ضمن الهيكل الهرمي لتنظيم القاعدة حيث ان راس التنظيم يعتبر مقدسا او معصوما الى حد كبير كما كان الحال عليه مع بن لادن فهو الامير المطاع وكلامه لايرد وهو الامر الناهي تماما كما هو الولي الفقيه.
السؤال اذا بصيغة اخرى اذا كان نظرية الحكم في الاسلام واضحة وجلية فلماذاهذا التنوع الكبير في الطروحات الاسلامية,  بل ضمن المذهب الواحد وضمن العقيدة الواحدة نجد تشظيات كثيرة وصيغ متنوعة لها وهذا يوصلنا الى نتيجة حتمية على الاقل من وجهة نظر كاتب المقال وهي ان القصد من وراء هذه التشظيات تحشيد الاتباع والدخول في مزادات الوصول الى السلطة وتحسين اوراق المساومة عند تقسيم مغانم الشعوب الغارقة في الجهل والظلام بسبب أتباعها لرجالات الدين الكنسي الاسلامي, ويسعى هؤلاء الاسلامويون بكل قوة الى ابقاء الشعوب قابعة في سراديب العقائد الفاسدة والخرافة والجهل فنجدها تحارب كل صوت يحاول ان يوقظ الامة وهذه الشعوب النائمة من غفوتها فينادي كل قائد حزب اسلامي في اتباعه (اني اخاف ان يبدل دينكم او يظهر في الارض الفساد) ويدعو بالويل والثبور لمن حارب الله رسوله وحكمه الاسلامي وكأن عندهم عهدا من الله لن يخلف الله عهده.
ولابد لنا هنا من الاشارة الى دليل ساطع كسطوع الشمس في رابعة النهار على حق الامة في تقرير مصيرها واختيار طريقتها في الحياة وتاسيس نظام ادارتها وقوانينها بما لا يتعارض مع الخطوط العريضة للاسلام وليس في الجزئيات المملة التي اغرقنا فيها فقهاء الحيض والنفاس وهذا الدليل تجسّد في معركة احد! حيث كان الرسول (ص) قد قرر مواجهة المشركين داخل المدينة وليس الخروج اليهم بعد ان وضع خطة الحرب الالهية بمعاونة جبرائيل عليه السلام ولكن المسلمون الجدد لم يستوعبوا بعد فكرة الرسالة  والرسول واتصاله بالفيوضات الالهية فرفضوا فكرة البقاء في المدينة وانتظار هجوم المشركين عليهم ومن ثم الانقضاض عليهم من بين ازقة المدينة واسطح منازلها ودهاليز حاراتها فقالوا ماذا تقول عنا العرب! غزوهم في عقر دارهم؟ حيث كانت العصبية الجاهلية مازالت مترسخة في اذهانهم وقيم القوة والعزة الفارغة كانت متقدمة على قيم اطاعة الله ورسوله ولكي نتجنب الاطالة فان الرسول (ص) نزل عند رغبة الامة واخذ برأيها وقبل بخطة اصحابه في الحرب بان يخرجوا الى المشركين خارج المدينة ويتنازلوا معهم حسب قواعد الحرب المالوفة في ذلك العصر, ومع عصيانهم لامر النبي لم يكفّر الرسول اياً منهم ولم يتهمهم بالزندقة او الشرك او يخرجهم من الدين والملة او يتهمهم بالحرابة كما يحدث في ايران لكل من يعارض حكم الولي الفقيه, ثم ان الصحابة ندموا في ليلتهم على فعلتهم وعلى اعتراضهم لرأي النبي ورجعوا اليه يطلبون الصفح والعفو وان يمضي برأيه في خطة الحرب ولكن الرسول رفض وقال كلمته الشهيرة ( ما كان لنبي إذا لبس لامة الحرب أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين قومه) وهو بذلك اراد تهذيب الامة وتربيتها على الطاعة من جهة وعلى تحمل مسؤولية قراراتها من جهة اخرى والتأصيل في الوقت ذاته لمبدأ سلطة الامة وحاكميتها على نفسها فلم يكن للامر الالهي او امر النبي دورا هنا رغم الاثر الكبير الذي ترتب على قرار الصحابة بالخروح, اذا قد خسر المسلمون المعركة وتسبب في زلزال شديد لهم وارتد الكثير منهم الى الشرك ولكن كل ذلك كان درسا قاسيا وضروريا للامة وجعل الله تعالى منه مقدمة لتطهير الامة من المنافقين والانتهازيين والوصولوين على طريق الزحف الكبير الذي قاده النبي لفتح مكة لاحقا. نستنتج من هذه الواقعة ان الامة اذا قررت فلها القرار وعليها التبعات هذا في عصر الانبياء فكيف في عصرنا هذا؟
وقبل ان نصل الى نهاية المقال لابد من الاشارة الى ان المستفيد الاول من كل هذه الفوضى في العالم الاسلامي هي اسرائيل بالدرجة الاساس ومن ورائها الولايات المتحدة حيث لازالت الادارات الامريكية المتلاحقة تطبق مبدأ كيسنجر في انشاء الازمات وادارتها ,ولكن التطور اللافت الذي حصل منذ وصول الاسلاميين الى السلطة في العالم العربي والاسلامي هو انهم اصبحوا يحجون الى واشنطن بدلاً من مكة وقد كانوا من قبل يشنعّون على كل من يتعامل سياسيا ببراغماتية وحنكة ويتواصل مع الادارة الامريكية كواقع حال فكانت تهمة العمالة لاميركا واسرائيل جاهزة لكل من لايخضع لهم ويطبق مفاهيمهم الساذجة في العمل السياسي.
وعليه يمكننا ان نتساءل هل كانت الشعارات التي يرفعها الاسلامويون في العالم العربي والاسلامي المعادية لامريكا واسرائيل هي من باب المزايدات السياسية لتحشيد الاتباع وجعلهم مطايا للوصول الى السلطة حتى اذا ما تحقق لهم ذلك ىنزعوا اقنعة التقوى والورع فنجدهم راكعين للولايات المتحدة يستجدون الدعم السياسي حتى ولو على حساب تدمير شعوبهم وتقسيم اوطانهم فقط من اجل البقاء في السلطة وهم بذلك ينفذون اجندات دولية كبرى الهدف منها تقسيم الموحد وتجزئة المقسم وتحويل دول العالم الاسلامي الى دويلات يسهل التعامل مع امرائها وقادة حروبها منعا لها من ان تتحد وتتحول الى قوة بشرية واقتصادية وسياسية كبرى تؤثر في العالم الخارجي بدلا من ان تتاثر به.
الواضح ان الاسلام السياسي اصبح يشكل خطرا حقيقيا على حياة الامم والشعوب الاسلامية المختلفة واذا اردنا ان نقيس بالنتائج فانه يبدوا جليا ان الحركات الاسلامية ما ان وصلت السلطة حتى تبدا في تدمير أوطانها بشتى الوسائل ومختلف الذرائع وكانها تنفذ اجندة مرسومة لها بدقة متناهية فيعجب المرء من الازمات المتتالية التي تتسبب فيها هذه الاحزاب ذات الشعارات الاسلامية البراقة ما أدى ويؤدى الى تولد حركة نفور كبيرة من الاسلام وايصال الشعوب الى حالة من التخبط والياس وكأن المخطط الذي تنفذه هو ليس فقط تدمير هياكل وشعوب هذه الدول بل تدير المشاعر الاسلامية الخالصة فيها وتحويلها الى مشاعر طائفية فئوية ضيقة لا ترى ابعد من انفها تركز على الجزئيات وتنسى او تتناسى بقصد او من غير قصد الكليات الكبرى اتي تحدد مصير الامم والشعوب وتساهم في تطورها وازدهارها, وهكذا نجد اشتداد صراعات سياسية ذات ابعاد تاريخية أكل عليها الدهر وشرب كاحقية الخلافة وفلان افضل من فلان وجدلية علي ومعاوية وصراعات الشيعة والسنة ومن هو صاحب المذهب الحق ومن يدخل الجنة او النار.
 وعليه فمن اجل ان يبقى اسم الاسلام نقيا صافيا ومن اجل ان تبقى الشعوب متوحدة تعيش في هناء وسلام لا بد من فصل الاسلام عن السياسة وتحقيق العدالة الاجتماعية التي يريدها الاسلام الحقيقي دون مزايدات وشعارات, حيث نجد تطبيقات عملية للعدالة الاجتماعية في بلاد الكفر ولا نجد ذرة منها او ادنى من ذلك في اية من الامثلة التي ذكرنا في هذا المقال, وعلى قاعدة فذكّر ان نفعت الذكرى اقول للاسلاميين كفاكم شعارات زائفة ومخادعة ظاهرها الاسلام وباطنها حب الدنيا والشهوات والسلطة ثم تقولون هذا من عند الله, فقد توعد الله تعالى الساهين في صلاتهم مرة واحدة وتوعد امثالكم ثلاثة مرات في اية واحدة, الم تقرأوا الاية الكريمة:
فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون (البقرة 79), واقول للعراقيين كفاكم طائفية مقيتة وانتخاب حكامكم على اسس فئوية ضيقة فقد سقطت ورقة التوت عن السياسين وكشفت عوراتهم وبات اللعب على المكشوف فهل ستنتخبون على اساس البرامج السياسية وصدق ونزاهة المسؤول لا أنتمائه الطائفي؟ ام ستعيدون الكرّة مرّة بعد اخرى؟ وصدق الله حين قال “أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم” الرعد (11).
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب