5 مارس، 2024 10:27 م
Search
Close this search box.

ما هو الأسوأ والأخطر من الفساد والظلم؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

يجمع الجميع على ان الفساد هو الذي دمر العراق فيما بعد عام ٢٠٠٣ رغم كون العراق من البلدان الغنية بالثروات مثل النفط والغاز والثروة الزراعية وباقي المعادن علاوة على تعدد الاختصاصات العلمية والأكاديمية مع وجود بنية أساسية تم بنائها بخطط خمسية خاصة منذ السبعينات. وبعد ان كان العراق من افضل البلدان النامية تطورا من كافة النواحي اصبح اليوم من أسوأ البلدان في كافة المجالات دون استثناء. لقد اجهز الفساد على العراق بعد ان حكمته أحزاب فاسدة وعميلة وللأسف لبست لباس الدين مثل الأحزاب الشيعية والسنية او الأحزاب التي ارتدت لباس القومية الكردية. هذه الأحزاب مثل حزب الدعوة العميل وأحزاب باقي الجوقة الشيعية والسنية امتطى صهوتها فاشلين ولوردات حرب وعملاء فاسدين كان ولايزال همهم الوحيد هو السلطة والنهب دون الاكتراث لما وصل اليه الشعب من فقر وبطالة وتخلف وامية ودمار هائل للخدمات وانهيار تام للصناعة واغتصاب للمتلكات العامة والخاصة بل وتفكك العرى الاجتماعية وضياع الوطن بجعله تابع للفرس وكأنه محافظة تعود لبلاد فارس وذلك حسب تصريحات الفرس انفسهم. ولقد وصل الفساد حد الظلم الشديد الذي شوه حتى المذهب الذي ينتمي اليه الشيعة بحيث اصبح حكام العراق الشيعة اليوم يضرب بهم المثل في الفساد والتبعية والظلم.

 

اذن فان الفساد والظلم والتبعية هي التي جعلت من العراق في مصاف الدول الفاشلة لاسيما وان نفس المفسدين و بما يمتلوكنه من ميليشات تبعيتها للاجنبي تسببوا عمدا باضعاف الدولة العراقية والجيش لكي يتسنى لهم تحقيق ما يريدون او ما يريد اسيادهم الفرس. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو ما الذي يكون أسوأ من الفساد والتبعية والظلم؟ وهنا يأتي دور الشعب الذي لابد ان يتحمل جزأ كبيرا من المسؤولية في ديمومة الفساد واانتشاره وتفشيه ليس في اعلى الهرم فقط ولكن في كافة دوائر الدولة الأخرى. اذن هو السكوت على الفساد والظلم الذي هو أسوأ من الفساد نفسه. ان السكوت على الفساد هو الذي ساعد على تفشيه ثم ترعرعه ثم انتشاره. فلو ان وزير او رئيس وزراء سرق او اخذ رشوة او ارتكب حماقة أدت الى ضياع ثلث البلد بيد داعش او تسبب قراره بقتل عشرات المئات في سبايكر او انتهج نهج طائفي بالسر او العلن او غير ذلك تم إيقافه ومحاسبته من قبل القضاء والشعب لما ترعرع الفساد. هنا يأتي دور القضاء الذي لم يصمت فحسب بل تساهل واشترك في الفساد وتلك هي الطامة الكبرى فاذا كان القضاء فاسدا فسد الجسد كله لان القضاء يمثل الكبد الذي يعمل على تصفية الجسم من السموم وازالتها فاذا مرض الكبد تسمم الجسد وخربت وضائفه وضاع كل شيء فيه من وضائف حيوية حتي يموت مصفرا. ان السكوت على الفساد هو أسوأ من الفساد لانه يوفر الحاضنة له وهذا لاشك مسؤولية الشعب والقضاء والشعب أولا وقبل كل شيء. لهذا السبب قيل ان الساكت عن الحق شيطان اخرس.

 

ان الساكتون عن الفساد والظلم يعملون على توفير حاضنة لهؤلاء وهم بذلك يساعدون الظالم والمفسد على تعميم ظلمه وفساده على الجميع حتى على اولئك الذين يعينون الظالمين والمفسدين على الفساد والظلم وهذا خلاف سنة الله في الكون ذلك أن من أعان ظالمًا سلطه الله عليه. (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ) القصص17 . أن الظلم والفساد والبغي في الأرض يؤدي الى خراب الأمم وانعدام الامن والفقر والتدهور لذلك قال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) وهذه من مسؤولية الشعب والقضاء في محاسبة الفاسدين والظالمين.

وقد قيل قديما إن الله يقيم دولة العدل ولو كانت كافرة ولا يقيم دولة الظلم ولو كانت مسلمة. ان القضاء يضع موازين العدل بشكلها الصحيح فاذا اختل القضاء يعم الجور ويتصدر الطغاة والمفسدين. وهناك مجموعة أخرى من الذين يدعمون المفسدين والبغاة وهم أولئك الذين يضعون هؤلاء الطغاة في مصاف الشعب اذا ثار عليهم ويطلقون صيحات تدعوا الى الحوار وكأن الامر يتعلق بخلاف بسيط يمكن حله بالحوار. هؤلاء يحاولون جاهدين على تمييع الامر وجعله ميسورا للتغطية على الظالمين حين يجمي الوطيس ضدهم وقد يكون هؤلاء مدفوعين من قبل الفاسدين انفسهم او خائفين على ضياع مكاسبهم او انهم ينفذون اجدنات خارجية صهيونية مثل (جنين بلا سخارت) او سفراء بعض الدول سيئة النية او المحتله للبلد.

 

كما ويجدر الإشارة الهامة الى إن الحكام المفسدين والظالمين لايفعلون ذلك ان لم يكن لهم أدوات يستعينون بها في ظلمهم وفسادهم وهذه الأدوات هي من الشعب واولها المستشارون والمعاونون والأحزاب. ثم يأتي دور الادوات التنفيذية كالميليشيات العسكرية واجهزتها والمروجون من الزبابيك الذين ينشرون فضائل للظالمين هي غير موجودة فيهم ويزينون مساوئهم في الإعلام، كما وهناك المؤسسة المشرعة لظلمهم وهم شيوخ السلاطين وعلماؤهم (مثل المرزا) والقضاة المفسدين وهؤلاء كلهم منتفعون من قبل المفسدين الذين يشركون ادواتهم بالقاء بعض النهب اليهم قال تعالى (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون) [الأنعام:29]. ويبقى اخطر من الظلم والفساد نفسه هو السكوت عن الظلم والفساد من قبل الشعب. حيث نهى الله سبحانه عن الركون لهؤلاء عندما قال: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون) [هود:113]. وقال تعالى: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب) [الأنفال:25]. وقال: (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) [الشورى:39] أي ينتفضون ضد الباغي والفاسد والظالم. وعليه فان الشعب يتحمل المسؤولية في بقاء هذه الشراذم في الحكم بل يجب عليه عدم الركون اليهم والانتصار منهم بكافة الأساليب وتقديمهم للقضاء بعد تطهيره من الأدوات الفاسدة.

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب