23 ديسمبر، 2024 11:01 م

ما هكذا تُدار المعركة!

ما هكذا تُدار المعركة!

لمْ نكن بحاجة ” اصلاً ” لتُلفت انظارنا تصريحات ابرز جنرالات الولايات المتحدة ودول اوربا بأنّ القصف الجوي للتحالف الدولي في العراق لايمكن لوحده ان يقود الى القضاء على داعش , فتلك مسألةٌ محسومة وغير قابلة للنقاش .
ثُمّ مَنْ هي داعش وماذا تكون ليبلغ عدد الدول المشاركة في هذا التحالف ستّينَ دولة تتقاسم مهام الدعم اللوجستي والمعلومات الأستخبارية والطائرات القاصفة والمقاتلة وما الى ذلك  , ثمّ اضيف لذلك سلاح الجو الروسي الذي يدكّ معاقل داعش في سوريا ولربما في العراق في وقتٍ لاحق , فهل تتحدى داعش كلّ هذا العدد من الدول وبينها أربع دولٍ عظمى ! وما برحت معارك القوات العراقية مع الدواعش على جبهاتٍ حالية وعلى اخرى لاحقة , فلا يمكن هنا القفز فوق المنطق مهما بلغت مسوّغات الدول التي تحارب داعش , فلكلّ دولةٍ مصالحها الوطنية والذاتية , ونتذكّر جميعا أنّ الولايات المتحدة ومنذ اليوم الأول لسقوط الموصل في حزيران 1914 أعلنت أنّ المعركة مع تنظيم داعش ستستمر لسنين وسنين ! وهو موقفٌ ينسحب على الدول المشاركة في التحالف الذي تتحكّم به امريكا , ثمّ لماذا فاق عدد الغارات الجوية الروسية ” خلال اسبوعين ” ما قام به سلاح الجو الأمريكي في نحو سنة , بينما نلحظ أنّ الدواعش يواصلون الإعدامات وهدم الآثار , وكأنّ المعارك الأرضية والقصف الجوي لايعنيهم او لا يؤثر من مجريات المعركة معهم .
إنها ليست بمعادلةٍ حسابيةٍ معقدّة , وانها ليست من الطلاسم للقول أنه طالما الخطوط الخلفية لداعش < تركيا > مؤمّنة وتتيح لهم  قابلية الحركة والمناورة والدعم اللوجستي والتسليحي فأنّ المعركة معهم سوف لا تنتهي فعلاً ! , وهل يمتلك هذا التنظيم كمياتٍ ازليّة من ذخيرة المدفعية والصواريخ والعجلات المفخخة والأسلحة المتوسطة وما الى ذلك , وجميعها قابلة للتجديد اثناء وبعد كلّ معركةٍ تخوضها القوات العراقية  في هذه الجبهةِ او تلك .!
   ادارة المعركة  مع هذا التنظيم المشبوه والمدعوم تتطلّبُ ” اولاً ” جهداً عراقيا سياسيا ودبلوماسيا لتحشيد قواتٍ من ايةِ جنسياتٍ موثوقة ويجري نشرها على طول الحدود التركية – السورية , وعلى الحدود الشمالية الغربية ” العراقية – التركية ” , ولايبدو هنا أنّ دور وحدات البيشمركة الكردية فاعلاً في ذلك , فالمهم هنا هو ” الخنق الستراتيجي ” لهذا التنظيم , حيث أنّ دور القوات المفترض أن تملأ الحدود مع تركيا هو منع الدواعش من الإنسحاب , ومنع اية تعزيزاتٍ عسكرية ولوجستية قد تصلهم عبر الحدود , وانّ مثل ذلك اذا ما حدث فسيسبب الإنهيار النفسي لمقاتلي الدواعش وانعدام الأمل بالبقاء والقتال . وهنا , فمن الطبيعي القول أنّ كلّ الدول التي تشارك في عمليات القصف الجوي فهي على دراية مسبقة في ذلك , انما لها اهدافها الأخرى .
    لقد باتَ جلياً ومفضوحا عارياً أنّ تركيا – العضو في حلف الأطلسي – هي الداينمو الذي يغذّي المعارك مع ما يسمى بتنظيم الدولة , وأنّ دورها الميداني الفاعل هو ما تسببّ لسوريا والعراق , وهي رأس الحربة المشبوهة لتجزئة وتفتيت واستنزاف العراق وسوريا , ومن المؤسف أنّ القيادة في العراق تتمتّع بقُصر النظر السياسي والعسكري على كلا الصعيدين الستراتيجي والتكتيكي .!