خطابي موجهٌ للكثير من مرشحي وأنصار القوائم الانتخابية المتنافسة ، وأقول لهم بمنتهى الجرأة التي لا يحبذونها ويعتبرونها تطاولاً على قدسية رموزهم ، انّ من أهم مبادئ التنافس الانتخابي سعة الصدر واحترام آراء الآخرين وتقبل النقد وعدم المساس غير المقبول بالقوائم الأخرى . وأقول لهم أن الصراع الانتخابي لهُ أصول وقواعد أخلاقية عن طريق طرح البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من البرامج التي تهدفُ للارتقاء بالعراق الى مستوىً حضاري متقدم ، وليس عن طريق الكذب وتزوير الحقائق واستهداف القوائم الأخرى والشخصيات ووصفها بأبشع الأوصاف . ومن المعلوم أن مثل هذه التصرفات تنعكسُ سلباً عليهم قبلَ غيرهم لأن النزاهة السياسية تتطلبُ حفظ اللسان واحترام الكلمة . ومن المعلوم أيضاً أن للنقد أصولا وأخلاقاً لابدّ الالتزام بهما ، ولا يعني على الاطلاق تجاوز الخطوط الحمراء والقيام بالتشهير والطعن والسباب ولصق الاتهامات الملفقة بالآخرين . ومن النقاط المهمة الأخرى التي يجب التركيز عليها أن المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف وبقية المرجعيات الأخرى لم تمنح دعمها وتأييدها لأية قائمة من القوائم الانتخابية وقد كذبتْ تلك الادعاءات واعتبرتها باطلة ، وانما دعتْ بشكل واضح ضرورة المشاركة في الانتخابات ومن ثم أوضحت كيفية اختيار القائمة المرضية والشخص المرضي . ومع هذا فان بعض مرشحي وأنصار بعض القوائم مصرّون على تزوير الحقائق ومخاطبة العقول البسيطة بهذا الخطاب المفبرك من أجل كسب أكبر عددٍ من الأصوات تحت عباءات المرجعيات الدينية . فالذي يلجأ الى مثل هذه الأساليب الرخيصة لا يمكن لهُ أن يتحمل مسؤولية قيادة البلد بمنتهى الأمانة والنزاهة ، بلْ سيكون وجوده في العملية السياسية وجوداً مشوها ومربكاً للمسارات المستقبلية . كما أن بعض القوائم المعروفة استخدمت اسلوب التكفير ضدَ قوائم أخرى عن طريق مؤيديها وأنصارها وقياداتها واعتبرت زعماء بعض القوائم خارجين عن الدين وعن الملّة وعن المذهب ، واعتبرت أن من ينتخب هذه القوائم سيكون آثماً وكافراً . والطامة الكبرى أن أنصار مثل تلك القوائم لا يفسحون المجال للناس بالتعبير عن آرائهم بحرية تامة ، بل يحاولون تكميم الأفواه بالتهديد والوعيد . فما الفرق اذن بين ما يقومون به وما كانت تقوم به الأجهزة القمعية في نظام صدام حسين ؟ وهل بطريق التهديد والوعيد وترهيب الناس سيتم قيادة البلد نحوَ شاطئ الأمان ؟
أمّا الاغراءات والوعود الكثيرة التي تقدمها أغلبُ القوائم ( ان لم أقل جميعها ) فحدث ولا حرج على ذلك ، وهم يعرفون أن من علامات المنافق الثلاثة عدم تنفيذ الوعد ، ومع هذا تراهم غارقين بوعودهم الوردية والبنفسجية من أجل مداعبة نفوس المساكين من الناس والحصول على أصواتهم حتى لو تطلب الأمرُ اللجوء الى الكذب والخداع . فكيف يمكن للمنافقين من أمثال هؤلاء ادارة شؤون البلاد والعباد فيما لوْ كتبَ لهم النجاح بالحصول على عدد كبير من المقاعد البرلمانية ؟
وعلى ضوء ما تقدمَ فان أغلب القوائم المتنافسة وأغلب المرشحين لم يحترموا أصولَ التنافس الحرّ الشريف ولم يكونوا بالمستوى الأخلاقي الذي يفرضُ عليهم اتباع الطرق الصحيحة الشريفة للتعريف بقوائمهم وبأنفسهم ، بلْ أن بعض المرشحين وللأسف الشديد تحولوا الى أبواق تثرثرُ هنا وهناك دون أدنى قدرٍ من الخجل والحياء ، كما أن البعض لم يجدوا سوى فتل العضلات وسيلةً لإثبات الوجود . وكل هذه التصرفات الهمجية الرعناء تفصحُ عن فقدانهم الثقة بأنفسهم أولاً ، وحجم الفراغ الذي يسيطرُ على عقولهم وتفكيرهم الآني والمستقبلي . وهم لمْ يعرفوا لحد الآن كيف توردُ الابلُ .