ما في هذا المقال نحاول أن نجري مقارنة بسيطة بين الإنقلاب التي الذي حصل في تركيا وبين إنقلاب إفتراضي – وقد تكون له مقدمات واقعية وليست افتراضية – يحصل في العراق, ومعرفة ما إذا كان هذا الإنقلاب الإفتراضي في العراق سيكون مصيره الفشل كالذي حصل في تركيا أو سيكتب له النجاح…
الإنقلاب الذي حصل في تركيا لم تكن متوفرة فيه الشروط اللازمة ومنها الطائفية الشعبية التي تصل لدرجة سفك الدماء كما يحصل في العراق, كذلك لم يكن حاوياً أو شاملاً لكل القيادات العسكرية أو على الأقل النسبة الكبيرة منها, وعي الشعب التركي وامتلاكه الروح الوطنية, عدم وجود قيادات دينية استغلالية وطائفية تؤثر على قرار الشعب أو تسيره وفق ما تريد وتشتهي, ولاء الأحزاب المعارضة والسياسيين لتركيا فقط وفقط, فكما شاهد الجميع إن كل الأحزاب التركية المعارضة لم تؤيد الإنقلاب ولم تقدم أي دعم له, بل وصل الأمر بها تنزل بكل قواها الجماهيرية للشارع لتعارض الإنقلاب, وبشكل ملخص إن كل الشعب التركي وبمختلف أطيافه ومكوناته الشعبية والسياسية والدينية كان ولائها لتركيا فقط ولا تريد أن يكون هناك ما يضر الشعب التركي, فالكل حريص على وطنه وشعبه لذلك اتحد الجميع ضد هذا الإنقلاب الذي لو نجح لجر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه, هذه وبشكل موجز ومبسط ابسط العوامل التي ساعدت على وأد الإنقلاب العسكري في تركيا.
والآن لو فرضنا إن هناك إنقلاب عسكري سيحصل في العراق, فنجد إن كل مقومات نجاح هذا الإنقلاب موجودة, ومنها شياع الثقافة الطائفية الدينية والسياسية عند الشعب, وجود قيادات دينية استغلالية وطائفية تبحث عن مصلحتها ومكسبها الشخصي الدنيوي الضيق, جميع الأحزاب السياسية معارضة وكلها تبحث عن نقاط ضعف بل إنها تختلق نقاط الضعف والثغرات من أجل الإطاحة بالحكم كخلق أزمات أمنية وسياسية من أجل تتسلط هي للحكم وليس لمصلحة العراق بل لمصلحتها , هيمنة جهات غير حكومية على القوات العسكرية وإخضاعه لسيطرتها, ومن أوضح الأدلة على ذلك هو انقياد الجيش العراقي لمليشيا الحشد بحيث أصبح هذه المليشيا هي التي تأمر وتوجه وتنصب قادة وتعزل آخرين وأمرها فوق القانون ولا يمكن لأي عسكري أن يخاف توجيهاتها وإلا سيكون مصيره الموت أو العقاب على أقل تقدير, وبهذا يكون الجيش غير موالي للوطن أو للشعب وإنما ولائه للطائفة.
ولنعطي مثالاً على ذلك, الآن المؤسسة الأمنية والعسكرية تنقاد من قبل شخص واحد وهو الدكتاتور المالكي الذي يسعى وبكل جهد أن يعود إلى الحكم مرة ثالثة حتى وإن كان على حساب الدماء العراقية وهذا ما صرح به قبيل تولي العبادي الحكم في العراق حيث قال ما معناه ( إني سأحرق بغداد في حال ذهب الحكم لغيري ) وبالفعل حرق العراق من خلال تسليمه لتنظيم داعش الإرهابي وإرتفاع وتيرة العمليات الإرهابية بكل أنواعها في بغداد وباقي المحافظات العراقية, وفي الوقت ذاته نجد إن السفاح المالكي قد ضمن سكوت المؤسسة الدينية ” اللادينية ” وبالذات مرجعية السيستاني من خلال استفزازها وتهديدها بما يملكه ضدها من ملفات فساد, فقد ثبت إن المالكي ولأكثر من مرة هدد بفضح كل من محمد رضا السيستاني وذراعيه عبد المهدي الكربلائي واحمد الصافي وتورطهم بملفات فساد كبيرة في ملف جولات التراخيص النفطية وإدارة العتبات المقدسة واستحواذهم على مليارات الدولارات من خلال هذه الصفقات المشبوهة, وهذه التهديدات جاءت رداً على معلومات قد تلقاها المالكي عن عزم السيستاني وابنه محمد رضا وذراعيه الصافي والكربلائي وممثلهم في الحكومة العراقية حسين الشهرستاني، على التخلص من المالكي من خلال تقديمه للمحاكمة, وهذا الأمر أجبر السيستاني ومرجعيته ومؤسسته على إتخاذ الصمت والسكوت وحتى قرار الإعتزال جاء وفق لذلك الأمر.
وهذا ما يجعل الطريق سالك أمام المالكي لقيادة إنقلاب على الحكومة العراقية, فهو مسيطر على المؤسسة العسكرية والأمنية, وكذلك هيمنته على المؤسسة الدينية ومن خلالها يستطيع أن يهيمن على الشارع العراقي, فبمجرد صدور فتوى من السيستاني مؤيدة للمالكي يكون الشارع كله مع هذا العتل الزنيم, خصوصاً إذا ضمن السيستاني بقائه في منصبه ومكانته من قبل المالكي, وكما يعلم الجميع إن السيستاني رجل يبحث عن المال والجاه والسلطة من أجل الإبقاء على تأريخه المزيف والتغطية على جهله, وهي نفس الأسباب التي دفعته إلى تولي إدارة مؤسسة الخوئي وكما بين ذلك المرجع العراقي الصرخي في المحاضرة الخامسة من بحث ” السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد ” حيث قال …
{{… بعد وفاة الخوئي بقيت أموال الخوئي , مؤسسات الخوئي , شركات الخوئي, إلى أين تذهب ؟ الجميع, الكل, المشاع, المعروف, المشهور , المتفق عليه, الإجماع على إن من يدير مؤسسة الخوئي ليسوا بثقات, بل يعتبرهم العلماء, يعتبرهم المراجع, يعتبرون من يدير المؤسسة من الفساق من الفاسقين من المنحرفين من السراق , وهؤلاء أرادوا ويريدون البقاء في المؤسسة وعلى المؤسسة والتحكم بالمؤسسة وأموال المؤسسة وأرصدة المؤسسة وأرصدة المؤسسات المنتشرة في كل بلدان العالم التي تجبى لها الأموال من كل بقاء الأرض …(…)… فعرض – إدراة المؤسسة – على الكلبكاني وعلى السبزواري فكل منهما رفض العرض وقالوا تسلم كل الأوليات, كل المفاتيح, كل الأرقام السرية, كل أرقام الحسابات, كل المسؤوليات تسلم إلى البراني, إلى المكتب, إلى الإدارة التي يديرها المرجع الذي عرضت عليه وبعد هذا نفكر هل أنتم تصلحون لهذا العمل أو لا تصلحون له, فرفضوا قبول هذا العرض وهذه المساومة وطردوهم من مكاتبهم وداروا على غيرهم أيضاً من أجل هذا العرض وقد أيضاً رفض الآخرون حتى حط رحالهم على السيستاني وهنا من لا يملك العلم, لا يملك الواجهة, لا يملك السمعة, لا يملك التاريخ, لا يملك البعد الإجتماعي, لا يملك الإيمان, لا يملك التقوى, لا ينظر إلى الآخرة, من يتعلق بالدنيا ويبحث عن الدنيا ويتمسك بالدنيا وبالواجهة والسمعة, طبعاً سيتمسك بها سيلصق بها, سيعض عليها, فقبلها وتمسك بها وعشعش فيها, هذه بداية الزعامة, من هنا بدأت الزعامة الفاشلة, الزعامة الجاهلة, زعامة الواجهة والإعلام, من هنا بدأت الفضائيات وبدأ الإعلام وبدأت المواقع تحكي عن مرجعية فراغية, مرجعية فضائية, مرجعية خرافية, وبدأت تبني مجد هذه المرجعية الشخصي, أموال تُضخ وأقلام وأفواه وضمائر تُشترى ويكتب الجميع و الرُشى تُعطى والجهل هو السائد, بهذه الطريقة وبهذا الإسلوب الدنيوي الذليل الخسيس قبل السيستاني التصدي للمرجعية وتحمل وزر المرجعية …}}.
السيستاني على أتم الإستعداد بان يقدم الدعم والفتوى وتوجيه الشارع لكل جهة أو حزب أو شخص يضمن له المال والجاه والإعلام والسلطة, وما تأييده للإحتلال الأميركي ف سنة 2003 وكذلك إصدار فتوى وجوب إنتخاب الفاسدين وتحريمه التظاهر ضد المالي سنة 2011, فمع ملفات الفساد التي يملكها المالكي ضد السيستاني ومع ضمان الجاه السمعة يستطيع المالكي أن يضمن الشارع والجيش الذي هو يهيمن عليه بالأساس يكون إنقلابه ناجحاً, ورُبَ سائل يسأل لماذا المالكي دون غيره وحسب هذا الفرض هو من يسعى إلى الإنقلاب؟ والجواب على ذلك هو , إن المالكي هو الشخص الوحيد الذي يسعى إلى الحكم بهذه الطريقة لأن كل الطرق الأخرى موصدة بوجهه, كما إنه الوحيد وكما بينا يملك المقومات والشروط التي تضمن نجاح الإنقلاب, وكذلك هو الشخص الوحيد الذي عبر ولأكثر من مرة عن رغبته في العودة للحكم وخصوصاً بعد تفجيرات الكرادة.