كشف الكاتب والصحفي الصديق ابن الحلة الفيحاء الأستاذ عدنان حسين بمقالته النقية ( ما مشكلتكم مع الكرد؟ ) وهو يخاطب طبقة سياسية فاسدة في فكرها وثقافتها وسلوكها وانتمائها، منذ أن تولت في غفلة من الزمن مقاليد الأمر والنهي، في بلاد اختلط فيها الحابل بالنابل لتطوف فوق مياهها الآسنة، مجاميع من السراق والمغتصبين والكذابين والعملاء الأقزام، كشف وهو يكرر سؤاله المليء بالألم لهؤلاء الذين يتمتعون بعذابات شعبهم ويمارسون أسوء عمليات التعذيب بحقه في إفقاره وإذلاله وتسطيح تفكيره وإدامة سذاجته وتخلفه، كشف عاراتهم وعوراتهم التي أخزت البلاد والعباد في بلاد أدمنت حكم الطغاة الأغبياء!
حينما ارتفعت رايات كوردستان والعراق فوق جبل سنجار على أيدي البيشمركة محررين فيها واحدة من اعرق واكبر مدن الشمال الغربي الكوردستاني والعراقي في مدينة شنكال ( سنجار ) انكشفت عورات اولئك الإبطال الورقيين والفضائيين اللصوص الذين تسببوا في سقوط ثلث البلاد العراقية بأيدي مرتزقة إرهابيين قدموا من كل دهاليز الجريمة وسراديب الأفكار المتعفنة، ليمارسوا فوق أديم العراق واعرق مدنه عمليات إطفاء الشمس وتلويث الحياة وتمزيق نسيجه الاجتماعي والأخلاقي، كما فعل أسلافهم الشباطيون من الحرس القومي وأتباع صدام منذ 1963 وحتى تولي هؤلاء العارات والنكرات مقاليد الأمر والنهي بعد انهيار هيكل البعث وحكومته في نيسان 2003م.
لقد بانت عوراتهم وعاراتهم بعد تحرير سنجار وقبلها زمار وسد الموصل وربيعة ومخمور والحفاظ على كركوك من السقوط، بينما سلموا هم مدنا عظيمة كالموصل وتكريت والانبار ومساحات شاسعة من غرب البلاد وهربوا بدشاديشهم، ولكي يساووا حيطانهم كما يقول المثل الدارج سخروا ماكينة دعايتهم ومفاتيح الغرائز والعقائد بين العامة من الأهالي، لإشاعة الكراهية والأحقاد وتأجيج الفتنة بين مكونات هذا الوطن المجروح بهم ومنهم، فاختلقوا أزمة في مدينة سلخها زعيم الفاشية العراقية صدام حسين من كركوك وضمها إلى تكريت مع مجموعة من البلدات الأخرى، لإدامة سياسته سيئة الصيت في التعريب والتغيير الديموغرافي العنصري، مدينة اختلطت فيها الدماء رغم كل ما جرى على أرضها وبين مكوناتها، اختلقوا فيها أزمة مفتعلة وجيشوا لها كتائب من ميليشيا القتل والسحل والسرقة والابتزاز، تهدد وتتوعد في اكتساح كوردستان وإبادة الكورد لأنهم أبناء الجن!؟
مشكلتهم ليست اليوم كاتبنا العزيز، وليست في الطوز أو سنجار أو رفع العلم أو استثمار النفط أو الصلاحيات، مشكلتهم اكبر بكثير، فهي تتعلق ببنيتهم الفكرية والثقافية والسياسية وبسلوكهم المتوارث والمتكلس منذ مئات السنين، مشكلتهم ليست مع كوردستان ومشروعها الحضاري وبنائها المدني وتوجهها إلى حق تقرير المصير، والخروج من دائرة طغيانهم وتخلفهم وأمراضهم وبدويتهم المقيتة، التي تحولت إلى حرباء سياسية في أشكالها وألوانها، منذ أن أدغمنا في كيان اصطنعه البريطانيين والفرنسيين، واستحوذوا فيه على كل مفاتيح السلطة والقرار والمال ومقاليد الحكم المطلق، مشكلتهم مع الكل المختلف معهم سواء في الفكر أو الرأي أو الدين أو المذهب أو العرق أو القومية، المشكلة ليست اليوم فقط، فهم مجرد ممثلين وأدوات لتلك الثقافة التي تحكم هذه المنطقة من العالم منذ أن تأسست كياناتها السياسية في غفلة من شعوبها قبل مائة عام من الآن!
بون شاسع بيننا وطريقان مختلفان تماما في رحلتينا، نحن ذاهبون الى حيث تشرق الشمس لكي نبدأ حياتنا الجديدة، وهم راحلون الى دهاليزهم المعتمة وافكارهم الظلامية المقيتة!