يبدو أن قلق واشنطن وغضبها بعد تصريحات وزير خارجية العراق هوشيار زيباري الأخيرة ،والتي عبر فيها بجرأة ووضوح( أن العراق فقد السيطرة على إيقاف تدفق الأسلحة والصواريخ والحرس الثوري والميليشيات العراقية الموالية للحكومة الإيرانية الى سوريا عبر الأراضي العراقية )،حدا لم يعد السكوت عليه ممكنا لإدارة اوباما،لذلك سارع جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي بأجراء مكالمات هاتفية مع كل من نوري المالكي رئيس الوزراء وأسامة النجيفي رئيس مجلس النواب العراقي ،عبر فيها عن غضب وسخط واشنطن تجاه تلكؤ حكومة المالكي وعدم سيطرتها على ضبط ألأجواء العراقية والأراضي العراقية بخصوص تدفق المساعدات الإيرانية لإنقاذ نظام بشار الأسد من السقوط الحتمي ،وقد كان بايدن (حازما ؟) مع المالكي كما وصفت الصحف الأمريكية ومنها الواشنطن بوست ،والتي أشارت الى أن بايدن قد حذر المالكي من تداعيات وقوف المالكي مع النظام السوري وخضوعه لأوامر ولي الفقيه الإيراني الخامنئي ،وان عليه أن يتعامل مع القضية بجدية اكبر كما تعامل مع عبور الطائرات الإيرانية في الأجواء العراقية ،وشدد بايدن للمالكي على وجوب الالتزام بالاتفاقيات الأمنية بين البلدين ويقصد عدم خروج المالكي من الطاعة الأمريكية والامتثال الى ولي الفقه الإيراني ،واعتبر هذا خطا احمر ولا يمكن لإدارة اوباما القبول به ،وهو يؤشر شدة الخلافات الجوهرية بين حكومة المالكي وإدارة اوباما ،لهذا كان محور الحوار بين المالكي-بايدن هو عدم التزام العراق بتعليمات واشنطن وخروجها عن الطاعة الأمريكية لصالح ولاية الفقه ،ولكن ما لم يقله بايدن للمالكي، إن ادارة اوباما فقدت السيطرة كليا على حكومة المالكي وخضوعها لأوامر ولاية الفقه الإيراني بدليل تصريح وزير الخارجية الناري والجريء والذي انتقده بشدة أعضاء دولة القانون حصرا ،لأنه يتنافى وامتثال المالكي لتوجيهات ولي الفقه وخروجه عن طاعة وتعليمات واشنطن ،لذلك نقول لبايدن أن إدارتك فشلت في تصحيح ما خلفه المجرم بوش من أخطاء قاتلة في غزوه لله للعراق وتسليمه الى إيران على طبق من ذهب ،وفقدان السيطرة على القرار العراقي من قبل ادارة اوباما ،يعني انتهاء هيمنتها على العراق كليا وهذا ينسجم مع تصريح هوشيار زيباري وزير الخارجية واعترافه الخطير الذي لم يستطع أي مسئول عراقي في حكومة المالكي أن يجهر به ،في حين شدد أسامة النجيفي في حواره الهاتفي معه على ضرورة (الضغط) على حكومة المالكي لإيقاف تعاونها مع طهران بخصوص الملف السوري وتدفق المقاتلين، والتي تدعى حكومة المالكي ولو إعلاميا أنها على الحياد ولا تسمح بإرسال المقاتلين والأسلحة الى سوريا عبر أجوائها ،وهي ترى طوابير القتلى من الميليشيات العراقية التي كانت تقاتل في سوريا في مراسيم دفنهم ومشاركة شخصيات نيابية و رسمية مع رفع صور ولي الفقه الإيراني في شوارع العراق أثناء تشييع هؤلاء القتلى ،(شي ما يشبه شي )، إذن اعتقد أن الأيام المقبلة سيكون هناك موقفا أمريكا آخر، تجاه حكومة المالكي إذا لم يلتزم المالكي بتحذيرات بايدن (ولن يلتزم )، لاسيما وان الملف السوري يزداد تعقيدا وتصعيدا مخيفا، بعد إعلان الحرب بين الجيش الحر وجبهة النصرة ،وإرسال آلاف المقاتلين من تنظيمات القاعدة من أفغانستان وباكستان لمقاتلة الجيش الحر على الأراضي السورية ،هذا الوضع المتفجر يجعل أمريكا في موقف لا تحسد عليه أبدا (هناك سجال وخلافات داخل الكونغرس حول تزويد المعارضة السورية بالأسلحة بين معارض وموافق ) ،مما يعقد الموقف الأمريكي على الارض السوري ويؤخر عملية إسقاط نظام الأسد ،بالرغم من أن الجيش الحر يسجل انتصارات كبيرة على الارض بدون السلاح الأمريكي والغربي ،هذه المخاوف الأمريكية اصطدمت بجدار الأحداث في مصر ،وهشاشة وانتهازية وضبابية الموقف الأمريكي من أحداثها ،واصطفافها مرة مع مرسي وما جرى مع أبطال الثورة ووزير الدفاع ،فهي مازالت (تدرس )،إن ما حصل هل هو انقلاب أم ثورة ،ولم تعترف إن من أزاح نظام مبارك هو الشعب المصري العظيم وموقف الجيش العظيم، واليوم يتكرر نفس المشهد فيزيح الشعب إخوان مصر وإسلامهم السياسي وفشله ومرسي وفشله ،بموقف شجاع من جيش مصر العظيم ،إذن ما نريد تأكيده هنا أن القرار الأمريكي في الشرق الأوسط (فقد ظله ) و(فقد عقله ) ،وأصبح هزيلا متأرجحا وغامضا أحيانا وملتبسا أيضا ،وهذا ما جعل الأحداث تتفاقم وتنفجر في أكثر من مكان (سوريا العراق مصر تركيا تونس وغيرها ) دون أن تستطيع ادارة اوباما توجيه بوصلتها الأمريكية التي فقدتها في الشرق الأوسط، وهذا بحد ذاته يعد فشلا أمريكيا آخر تستحقه أمريكا عدوة الشعوب المقهورة ،والعراق مثالا …وهذا الكلام ما لم يقله بايدن ولا رئيسه للعالم ولا للمالكي ……