هل الحكومة مدرسة لتلقين الدروس في الآداب ، والاخلاق ، والمحافظة غلى النظام ، والنظافة ، والزام الشعب على التقيد بأوامرها ..؟؟ أم ان وظيفتها هي اصدار القوانين المتعلقة بكل ما تقدم ، وعلى الشعب ان ينفذ تلك القوانين دون ان تضطر الحكومة الى اللجوء لاستخدام القوة ، وفرض الغرامات ، والعقوبات على مختلف انواعها..!! البلدان المتقدمة هي راقية بشعوبها التي تلتزم بما عليه وما له ، وتنفذ مختارا بما تصدرها الحكومة من قوانين ، ولا يجد حرجا منها قيد شعرة ، وبالتالي لا تضطر الحكومة الى تاديبه بفرض الغرامات والعقوبات عليه، ولا تأنيبه ،فضميره يأبى ان يتحمل مثل هذه الاهانات فحسب بل حتى التنبيهات التي من الصعوبة عليه ان يتحملها…كنت في زيارة احد زملائي العائدين من اوروبا، فدار من الحديث الكثير ، منه ما يتعلق بالانضباط العالي للمواطن الاوروبي بالقوانين ، والكيفية التي يتعامل بها من خلال احترامه لتلك القوانين والارشادات..
قال لي صديقي كنت في زيارة احد الاصدقاء مع شقيقتي ، واثناء العودة عند منتصف الليل ، وكنت انا اقود سيارتها لاول مرة , ولدى وصولنا الى المنزل طلبت مني شقيقتي ان ادخل المنزل وستعود بعد نصف ساعة، ولم اتحمل ذهابها لوحدها في هذه الساعة المتأخرة من الليل ، فسالتها ((وين رايحه بهاي الساعة ..؟؟)لا زوجك وياك ولا احد..؟؟ادركت شقيقتي بإحساسها ما يساورني من شكوك ، فطلبت مني ان ارافقها الى حيث تذهب، وانطلقت بنا السىيارة ، وكانت هي تقود السيارة ، ولكن الى اين ..؟؟هل الى الظنون التي ساورتني ..؟؟هل الى مكان تشتري منه حاجياتها الخاصة بها..؟؟لا بل الى المخفرحيث اوقفت سيارتها ترجلت ودخلت المخفر ، فلحقت بها ووقفت امام ضاب الى الضابط المخفر ففتحت محفظتها تدفع بعضا من الاوراق المالية لمسؤول المخفر قائلة له ..ان شقيقي غريب ، وقد اجتاز اشارة المرور وكانت تشير الى التوقف لذلك جئت ادفع الغرامة ، واطلب منكم المعذرة ..!! ورد مسؤول المخفر بعد ان اخذ الغرامة مقابل وصل اصولي فقال. كان عليك سيدتي ان تنبهي اخوك الى انظمة بلادنا قبل ان يتعرض لدفع الغرامة..!!
وفي اثناء عودتنا قلت لشقيقتي ..((ليش سويتي هالشكل..؟؟)) آني شفت الاشارة الحمرة ..بس دنيا ليل ما شافنا احد..!!فردت علي شقيقتي .. صحيح كان بالشارع ماكو احد..ومحد شافنا..بس اعتقد ان ضميرنا هو اللي شافنا ..وواجب علينا ان ندفع الغرامة…!! واردفت قائلة..ليش انتم بالعراق ضمايركم ما تشوفكم..؟؟قلت لها عدنا بالعراق ما نسوي هالشكل ..احنا شقاوات ..الشرطي اللي يحجي ويانا هالشكل نبسطه مضبوط. وحتى اذا غرمونا ما ندفع..وهنا وقف صديقي عن الكلام ثم اردف قائلا.. لا اكتمك سرا بعد كل هذه السنيين التي قضيتها هناك اصبحت اطبق المثل القائل ((من عاشر قوما اربعون يوما صار منهم))وعدت الان الى العراق بعقلية جديدة ومتطورة ..واسال نفسي باستمرار ..لماذا لم نفعل في العراق ما يفعله ابناء تلك البلدان..؟؟ ونساعد الحكومة على رفع مستوى احترامنا للأنظمة والقوانين..
كل ذلك حفزني ان اشاطره الراي ، واقول لابد لضمائرنا ان تستيقظ من سباتها لنحاسب بها ما نرتكبه من اخطاء لنصحح مسار حياتنا التي سبقتنا الشعوب وهم لا يزيدوننا بشيء سوى بحبهم لأوطانهم على طريقة .. ما للوطن علينا نقدمه نحترمه وما لنا عليه نطلبه بصمت..