هل الصراع في حياة البشر هو صراع طبقي ، ديني ، طائفي ، قيمي، فكري، حداثي ,سلفي؟ . لو تأملنا في تأريخ البشرية وحللنا جميع انواع الصراع التي خاضها البشر لوجدنا انه مهما حدثت صراعات فالنتيجة ان التصنيف النهائي سيكون ان الصراع( طبقي) وعندما نقول ان الصراع طبقي فنقصد الصراع بين طبقتين هما الطبقة العليا ( او الارستقراطية ) والطبقة السفلى ( او طبقة الشغيلة) كما يسميها الماركسيون اما الطبقة البرجوازية او الوسطى فهي طبقة وسطية وهي تتقبل الصاعدين من الطبقة السفلى لتبقيهم لاجيال يتدربون فيها اذا جاءتهم الفرصة للصعود الى اعلى بعد توفر شروط الترقي . هنا يظهر السؤال الهام ماهو الشرط الاساسي الذي يقسم الناس في انتمائهم الى أي من هذه الطبقات ؟ هل هو المال ؟ التدقيق العلمي يشير الى ان المال ليس هو الشرط الاساسي للانتماء للطبقة ولحدوث الصراع ولكنه احد الشروط .انا اعتقد ان الاساس في التوزيع هو القابليات الشخصية مثل الذكاء والموهبة .لو تمعنا في تأريخ الانبياء والشخصيات الهامة في التأريخ لتبين لنا ان اهم الشخصيات كانت تنتمي او مرت في مرحلة من حياتها بالطبقة العليا حتى لو كانت تنتمي وراثيا او بيئيا الى الطبقة السفلى ولنأخذ امثلة فالنبي محمد (ص)ينتمي الى اسرة هامة في قبيلة قريش فهو من اسرة ارستقراطية بغض النظر عن وضعه المادي كفرد ولاصله الشريف فقد استطاع الزواج من السيدة خديجة وانتهت المشكلة المادية في حياته ودون ان يعارض او يمانع احد . ومن الامثلة الاخرى النبي ابراهيم (ع)فهو سليل اسرة معروفة بمقاييس ذلك الزمن اما النبي موسى (ع)فقد تربى في كنف اسرة الفرعون بالرغم من انه من اسرة معروفة في بني اسرائيل كما ان يوسف (ع) وبالرغم من انه من اسرة بدوية الا انه سليل شيوخ العشيرة التي ينتمي لها .ولو جئنا الى السيد المسيح (ع) لوجدنا عائلة والدته من اشراف بني اسرائيل وخالها زكريا من اشرافها . ونعود الى المسلمين فنجد ان عليا ابن ابي طالب وبالرغم من معاناته من شظف العيش فان ذلك كان باختياره لانه كان ينتمي الى عائلة من اشراف قريش ، في يداية ظهور الدعوة الاسلامية كان الصراع دينيا او صراعا فكريا او هذا مايبدو ولذا اجتمع افراد من كل الطبقات ليشكلوا المجتمع الاسلامي في بدايته وبعد استقرار الاوضاع واستتباب الامر للدين الجديد واستعادة الطبقات لدورها فقد استعاد الصراع طبيعته أي صراعا طبقيا ولذا نجد ان الشغيلة تثور في نهاية عهد الخليفة عثمان ضد الطبقة العليا التي يمثلها الحكام وتصل الثورة الى حد قتل الخليفة و اختيار الثائرين لعلي كخليفة والذي بقي طول حياته ينتمي سلوكيا ونفسيا الى طبقة الشغيلة ولم يحاول الاستفادة من تحوله الى خليفة وبقي الصراع بينه وبين الاخرين صراعا قيميا مستمدا اصوله من عهد النبوة وبقي علي يدعو الى ازالة الطبقية من خلال سلوكه . طبعا عندما نتحدث في هذا الموضوع فنحن نصف الاحداث ولا نقيم سلوكيات الافراد ولا نقصد بان الشغيلة افضل من الارستقراطيين ولا هؤلاء اسوأ منهم فمسألة الاخلاقيات فردية اذا استثنينا العادات والتقاليد التي هي من ترتيب المجتمع ولذا نجد ان الناس تقول ابن اصول او ابن شيوخ او ترباة دواوين للدلالة على كرم اخلاق الشخص المنحدر من عوائل راقية اذا احسن السلوك. في العراق وبعد سقوط الملكية تم تدمير البنية الطبقية للمجتمع واصبح الحكام يصنعون الطبقات من اتباعهم واقاربهم وتحويلهم الى طبقة عليا ماليا وبروتوكوليا ولكنها تفتقد الى القيم الاخلاقية للطبقة العليا لذا نرى اشنع السلوكيات من القتل الى السرقة الى الفساد . اما الطبقة الوسطى التي تمثل الطبقة المتعلمة والتي تمثل العمود الفقري لاي مجتمع فقد ذابت تماما واصبح المجتمع العراقي متكون من طبقة واحدة لايمكن توصيفها فقد اتحدت الطبقة العليا بالطبقة السفلى ليشكلون مركبا كيمياويا غير متجانس تعليميا ولا ماليا ولاسلوكيا . قد يظن البعض انني اؤيد النظرية الماركسية لتأكيدي على اهمية الصراع الطبقي و انا اعتقد ان ماركس محق في اهمية الصراع الطبقي مع العلم انني لا اؤيد النظرية ككل لان مخرجات النظرية في الاتحاد السوفيتي وشرق اوربا وكوبا وكوريا الشمالية لم تنجح حتى في حماية نفسها في صراعها التأريخي مع الرأسمالية الغربية مما ادى الى انهيار المنظومة الشيوعية وبقيت تجربة الصين ناجحة مع انه لم يبق منها سوى اسم الحزب لكون الاقتصاد غادر النظرية الماركسية الى الرأسمالية.