لم تتخذ الحكومات التي توالت على حكم العراق ما بعد عام 2003 للأسف الشديد خطورة بقاء السلاح بيد جماعات مسلحة مدعومة من قبل اطراف اقليمية مجاورة وأشخاص منفلتين , ولحد الآن لا توجد أي خطوات جدية في هذا السياق ولم تتخذه حتى حكومة السيد الكاظمي حتى هذا الوقت , ولعل ما يعقد إمكانية حصر السلاح بيد الدولة , هو أنه بات منصة للكسب السياسي والاقتصادي لكتل برلمانية رئيسة، حيث نرى بأن وجود تلك القوى وتأثيرها على المشهد العراقي مرتبط بشكل وثيق بامتلاكها جماعات مسلحة, كما يبرز تحد آخر يتعلق بالدعم الكبير الذي توفره تلك الدول الاقليمية المحيطة بالعراق , ورغم تأكيد سيد النجف علي السيستاني والسيد الصدر على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة, لما لمسه الشعب العراقي من مخاطر على السلم الاهلي ، حيث ان المرجعية كانت تطمح على أن يكون صانع القرار السياسي قوي وجريء في التمرد على الأحزاب الا أنه لم تتمكن تلك الحكومات من حصر السلاح بيد الدولة على مدى “19” سنة خلت , كما يمكن القول بأن بقاء السلاح خارج سيطرة الدولة يعد عائقاً حقيقياً أمام كل خطوات الاصلاح التي نتطلع إليها كشعب ثائر منتفض بوجه الفساد وسراق المال العام , و أكثر من ذلك فإنه يرفع من حالة الفوضى في المجتمع المسالم , وتشير كل تلك المعطيات إلى أن الأحزاب التي تمتلك جماعات مسلحة لن تتخلى عن سلاحها بسهولة، خصوصاً وأنه يمثل المدخل الرئيس لنفوذها على الدولة , حيث يقول “الشريفي ” أحد الباحثين في الشأن العراقي السياسي : ” إن الإشكالية الرئيسة التي تعيق حسم ملف حصر السلاح تتعلق بـ”إدراك الأحزاب ذات الأذرع المسلحة أنها غير مقبولة جماهيرياً وإقليمياً ودولياً، وبالتالي فإن قوتها ونفوذها يرتبطان بقوة أذرعها المسلحة وليس رصيدها الجماهيري”.
لا شك ان المحاصصة الطائفية التي تشكلت في دولتنا العميقة “العراق ” كانت تعيق إمكانية التوصل إلى حسم هذا الملف كونها أخضعت كل رؤساء الوزراء السابقين لإملاءات تلك الأحزاب, وأن سلاحها بات يمثل منصة للسيطرة على موارد الاقتصاد في البلاد، وهم أي “الجماعات المسلحة ” يمثلون شبكة مصالح مالية لن يتم التخلي عنها بسهولة, من هنا نرى بأن دعوة السيد الصدر بمشروعه الاصلاحي الجديد عند تشكيل الحكومة العراقية القادمة ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وطرحه خطة لسحب ” 10″ ملايين قطعة سلاح وحصرها بيد الدولة, وهذا المطلب لايزال مطلبًا اساسيًا تطلبه مختلف شرائح المجتمع العراقي بأغلب طوائفه وفئاته , لأنها أكثر عرضة للسلاح المنتشر بيد جهات غير رسمية , فقد شهدت حوادث عدة منها ” القنص , أو الاغتيالات , خطف الناشطين والصحفيين , عمليات السطو المسلح, ومجازر حدثت هنا وهناك الخ , وكانت كثير من الحوادث التي تؤكد على خطورة بقاء السلاح بيد أشخاص منفلتين لا يحترمون النظام والقانون , وأن الإشكالية الرئيسة التي تعترض طريق حسم ملف السلاح ترتبط بـعدم إيمان الأطراف السياسية بمفهوم الدولة.