لانشك بصدق النوايا لمن ينادي النهوض بالواقع الشيعي من خلال النهوض بالمؤسسات الحوزوية التي يتخرج منها الفقيه ولكن هنالك مؤاخذات على بعض ما يطرحه اصحاب الفضيلة بخصوص اسلوب ومناهج التدريس في الحوزة وحتى طبيعة الاحكام الشرعية .
بداية لابد لنا من الاشارة الى امر مهم جدا يخص السلطة ، اغلب دول العالم ان لم يكن كلها فيها ثلاث سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية ، حتى تتمكن الحكومة من قيادة الشعب ، بالنسبة للمجتهد يعتبر سلطة تشريعية فقط في اغلب الدول الاسلامية باستثناء ايران اليوم لان الفقيه هو صاحب كل السلطات المتمثلة بالسيد علي الخامنئي .
من هنا ماقيمة الحكم الشرعي الخاص بالمعاملات والايقاعات الذي يصدره فقيه ليس لديه سلطة تنفيذية ولا يلتزم بها الفرد وقد تعود عليه بالسلب خصوصا اذا كان الحاكم ظالم ،
قرات معلومة تخص السيد الخميني قدس سره بخصوص المرونة في التشريع الاسلامي حيث انه افتى بعدم جواز الصلاة على التربة الحسينية في مكة والمدينة وجواز صلاة الجماعة مع المسلمين او خلفهم ، ويستشهد بهذه الجراة الصحيحة الكاتب مختار الاسدي ، وانا اجزم ان فتواه هذه قالها بعدما استتب الامر للسيد في ايران ،كما وان الامر المهم هو التفريق بين عدم الجواز والحرمة ، الامر الاخر ان الحوزة تهيئ الدارس فيها ان يكون ملما بابجديات التشريع اي كل ما يستلزمه استنباط الحكم الشرعي وليس بالضرورة ان يكون حكم المجتهد هو الصائب .
عملية النهوض بالواقع المجتمعي حسب ما ينادي به السيد الشهيد محمد باقر الصدر امر رائع لكن المهم كيف ؟ هنا يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار المكان والزمان ، وهذا نفس الحال الذي مر به ائمتنا عليهم السلام على سبيل المثال في موسوعة الكلمة تجد اربعة مجلدات لكلمات الامام الصادق عليه السلام بينما تجد نصف مجلد للامام الجواد عليه السلام وهذا لان الزمان والمكان اختلفا ، بل ما يخص المراجع هل يمكن ان نقول ان السيد السيستاني وما صدر عنه بعد السقوط يستطيع ان يصدر نفس البيانات قبل السقوط ؟
كلمات قاسية صدرت من الشيخ محمد مهدي شمس الدين وحتى السيد محمد حسين فضل الله بحق الحوزة ، ولا اعلم لماذا لم يتبنيا حوزة لهما تدرس ما يناديان به ، واما ان الشيخ شمس الدين يقول بان اول من اطلق لقب المرجعية هو والسيد محمد باقر الحكيم والسيد مهدي الحكيم والسيد محمد بحر العلوم والسيد محمد باقر الصدر( رحمكم الله جميعا ) استخدمنا كلمة المرجعية ضد عبد الكريم قاسم الذي يؤيد الشيوعية واسف اصبح اليوم مصطلحا رائجا وهو لا اساس له على الاطلاق ( الامة والدولة والحركة الاسلامية ص 130 -134)
على ماذا تتاسف على مصطلح المرجعية وماذا يعني ان كان موجود او محذوف فقبل ان تطلقه زعماء الشيعة كانت لهم المكانة المرموقة من يوم الغيبة الكبرى والى يومنا هذا .
اما السيد محمد خاتمي فله راي بخصوص المرونة في التشريع الاسلامي يقول نحن بحاجة الى المتدين المثقف فاذا ما خاطبنا المثقف اللاديني باسم الله سيرد علينا باسم الانسان واذا خاطبنا المتدين ـ المتحجر المنغلق الضيق الافق ـ باسم الناس فانه يرد علينا باسم الله ، المثقف المتدين يتحدث باسم الانسان الالهي .
حقيقة عبارة فضفاضة ويا ليته لو ذكر لنا ماهو الموضوع الذي يتحدث به مع اللاديني فهل يتحدث معه عن الصلاة والزكاة والحج ، فهذا كلام فارغ ، واما وصف السيد الخاتمي للفقيه بنعوت مع الاسف تدل على حقده على الفقيه العالم وبالرغم من ذلك فانه لا يستطيع ان يتناول بالامثلة ماهية المواضيع التي يريد نقاشها .
اما الشيخ محمد مهدي الاصفي فانه يرى حالات معينة تسمح للمرونة في التشريع الاسلامي منها الضرر ، العسر ، الخطأ ، الجهل ، العجز ، الاضطرار ، وغيرها وهذه كلها موجودة في حسابات الفقهاء ولكن المهم كيف ان يوفق موضوع الحكم مع الحكم متى نستطيع ان نلجا الى الضرر لدفع الضرر الاكبر من يحدد هذه الحالة ؟
ويشيدون بالعقل باعتباره احد الاربعة الضرورية لاستنياط الحكم الشرعي والاخذ بما قاله الامام الباقر عليه السلام ” إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة، وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة ( عليهم السلام )، وأما الباطنة فالعقول ” في موضع اخر ينسب الحديث للامام الكاظم عليه السلام ، هذا الحديث هنالك حديث يناقضه للامام الصادق عليه السلام حيث قال :”ان دين الله لا يصاب بالعقول ” ، كيف يمكن التوفيق بين هذين الحديثين ؟
انا اقول لكل حديث ظروفه من حيث الزمان والمكان والحضور وهل هو اجابة على سؤال ام جزء من خطبة ام رد على ظاهرة حدثت امام الامام عليه السلام ، وهنا يكون الفقيه حسب خبرته في الدراسة ان يوفق بين الحديثين وموضوعهما .
ومسالة الادعاء بالمرجعية فانها اصبحت ظاهرة تحت برقع الحرية وللمسلم الخيار في التقليد وما وصل اليه السيد السيستاني جاء بحكم اعلميته وعلو شانه بين فقهاء النجف ولم يلجا الى اعلام او ابواق .