23 ديسمبر، 2024 12:37 م

ما حقيقة خطورة سد الموصل وهل يهدد العراق بدمار شامل ؟!

ما حقيقة خطورة سد الموصل وهل يهدد العراق بدمار شامل ؟!

خلال اليومين الماضيين صدرت عدة تصريحات بخصوص سد الموصل ، فمجلس الوزراء قال إن هناك احتمال بتصدع وانهيار السد ، وفي حالة حصول ذلك فان البداية ستكون في الموصل بارتفاع 25 متر ثم يستمر الانهيار باتجاه صلاح الدين وسامراء بحيث يصل إلى بغداد في غضون أربعة أيام ، وطلب البيان بان يتم الابتعاد مسافة 6 كيلو متر عن مجرى النهر ومناطق تدفق مياه الفيضان المتوقعة ، وفي يوم أمس الاول( الاثنين ) صدرت تصريحات أمريكية تحذر بشدة من انهيار سد الموصل وأمرت رعاياها بوضع خطة لمغادرة المناطق القريبة بالوقت المناسب من مناطق وقوع الخطر ومنها بغداد كما يتم توزيع منشورات في الولايات المتحدة تدعوا للتحذير من سد الموصل ، وفي غضون ذلك صرح وزير الموارد المائية السيد محسن ألشمري بان بيان الحكومة عام وروتيني وهو من باب التحسب لأسوا الظروف ، دون أن يعطي معنى ودرجة ومقياس لتلك التحسبات ، علما إن هذا الوزير قد نهاه سماحة السيد مقتدى الصدر عن التحدث بموضوع السد لأنه يعرف مقدار فقه بموضوع السد وحساسية الموضوع كما انه قدم استقالته لرئيس مجلس الوزراء وقد يكون محدود أو موقوف الصلاحيات ، ووزير الموارد المائية سبق وان تمت استضافته مع مجموعة من الخبراء في مجلس النواب ، وقد تم الإجماع في تلك الاستضافة بأنه لا يوجد خطر محدق وأكيد حاليا بخصوص سد الموصل لان التصدعات والانهيارات وغيرها من الحالات مسيطر عليها من خلال أعمال التحشية التي بدأت مع إنشاء السد وان المعالجة الجذرية تتطلب إنشاء سدا ثانيا لحماية السد الكبير ، كما إن مجلس الوزراء قد وافق في إحدى جلساته التي عقدت خلال الأسابيع الماضية على إحالة صيانة السد إلى الشركات الايطالية التي سيسمح لها بجلب قوات عسكرية وأمنية لحماية الملاكات الهندسية والفنية وغيرها التي ستعمل فيه ، السؤال الذي يمكن طرحه بصوت عالي لماذا هذه التناقضات في التصريحات ؟ ، والسؤال الأكثر أهمية هل إن التحذيرات كافية ولماذا لم تقترن بأفعال وبإجراءات مناسبة إذا كانت حقيقية بالفعل ؟ ، فالبيانات الصادرة بهذا الخصوص تشير إلى إن إضرار انهيار السد ستؤدي إلى : تهديد حياة مليون ونصف مواطن عراقي على الأقل ممن يسكنون في المناطق القريبة من مجرى المياه حدوث أضرار كبيرة وفادحة في الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية والمساحات في بعض المحافظات عموما تعرض مساحات واسعة من العراق إلى الغرق بحيث تغمرها وتجرفها المياه حدوث أضرار كبيرة في البنى التحتية يؤدي لتوقفها بالكامل في مجال الكهرباء والماء والمجاري انتشار الإمراض والأوبئة وتعرض البيئة والإصحاح البيئي إلى خلل كبير التعرض إلى أزمات في توفير الغذاء وتقديم الخدمات الصحية والاحتياجات الضرورية لمعيشة السكان وما تم عرضه في أعلاه ليست إشاعات أو معلومات مفبركة من وسائل الإعلام وغيرها من تلك القابلة للتشكيك ، وإنما هي بيانات صادرة من أعلى سلطة تنفيذية في الدولة وهي رئاسة مجلس الوزراء ، كما إنها صادرة من أكبر دولة في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية التي لديها العديد من الاتفاقيات الرسمية والمصالح المشتركة مع العراق ، ورغم ذلك فان الاهتمام الإعلامي والرسمي والشعبي ليس بمستوى الحدث حيث نلمس حالات من عدم الاكتراث والتجاهل ، ومما يثير القلق بان الموضوع رغم انه غير مؤكد ولكنه محتمل الحدوث وهو ما يتطلب أن يقابل بإجراءات بمستوى الحدث ، لان بلدنا قد تعود على الاحتمالات الايجابية وأحلام اليقظة ويقع تحت تأثير اللحظات الأخيرة فقد حصل ذلك في حرب الخليج الثانية 1991 وفي احتلال العراق 2003 وفي نكسة حزيران 2014 ، ولو حصل انهيار السد ( لا سمح الله ) فان الآثار ستكون كبيرة جدا جدا لان البلد يعاني من وجود أكثر من 3 ملايين نازح أغلبهم لا يتناولون ثلاث وجبات يوميا ، كما إن داعش يقف على الأبواب ويستغل الثغرات وما هجوم الأحد الماضي على خان ضاري إلا تأكيدا لذلك ، ومن جانب آخر فان البلد يعيش في أزمة مالية حادة همها توفير رواتب الموظفين وان سوء الإدارة وضعفها وقلة كفاءتها تجعلنا غير قادرين بالكامل على إدارة الازمات الكبيرة ، حيث لا توجد شفافية في الأمن الغذائي والدوائي واحتياطي العملات وهناك أزمات سياسية تتصاعد يوما بعد يوم وانفلات امني يمكن أن يحصل بأي وقت كما إن هناك مناطق خلافية ( متنازع عليها ) ضمن إطار خطر الفيضان . إن الغرض من هذه الكلمات ليس بث الرعب بين النفوس فالبيانات الحكومية هي من تقول ذلك كما إن البيانات الأمريكية تقول أكثر من ذلك ، ومن خلال تجارب الشعوب في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية فانه كلما دعت رعاياها للخروج من بلد ما إلا وحصلت مصيبة في ذلك البلد بعد أسابيع أو أيام ، ومكمن الخطر في موضوع سد الموصل انه يستهدف بلدنا بكامله لان الكل سيكونوا من المتضررين حتى وان كانت شدته بدرجات ، فإضافة إلى أخطار تسونامي التصدع والانهيار فان مياه السد من خلال تسربه أو الاضطرار لقصفه يعرض مخزونات المياه إلى الانخفاض الكبير ، وفي حالة انجلاء الموقف والعودة للحياة من جديد فإننا سنكون تحت رحمة أطلاقات المياه من دول الجوار كما إن الدمار في البنى التحتية سيكون في العراق من الموصل إلى الفاو ، ومما يزيد الأمر خطورة إن مناسيب المياه في السد ستزداد خلال الأسابيع القادمة لوجود احتمالات في سقوط أمطار غزيرة من جهة وذوبان الثلوج في المناطق الشمالية من جهة أخرى ، ولكي لا نطيل في الموضوع ، فإننا نوجه الدعوات للجهات المسؤولة في الدولة لإيلاء الموضوع القدر الذي يستحقه من الاهتمام ، كما نوجه دعواتنا للكوادر العراقية في مجال الموارد المائية ومن أساتذة الجامعات إلى توضيح الحقائق بحيادية كاملة ، من خلال الندوات واللقاءات العلمية وإيصال كلمتهم المهنية والوطنية عن طريق وسائل الإعلام النزيهة ، فهي قضية تستحق الاهتمام ما دامت محتملة الوقوع ويتوجب فضحها إذا كانت تخضع لأهداف وأجندات سياسية أو غيرها من الغايات ، فالشعب يريد الحقيقة وحفظ الأرواح والأموال إذ يكفينا ما قدمنا من تضحيات وخسائر عبر العقود الماضية لنصل إلى هذا الحال الذي يصعب فيه التمييز بين الخطر الحقيقي والتشكيك فيه رغم أهميته وعلاقته بحياة العراقيين وواقع ومستقبل العراق .