يُكتشف يوم بعد اخر ما ينويه اردوغان و يخطط له سواء باستراتيجية العثمانية القديمة الجديدة او بدوافع شخصية خاصة به و لا صلة لها بتاريخ و تركيبة الشعب التركي و متوا ثاته و انما نابعة من شخصيته الغريبة و طموحاته الكبيرة المولودة من رحم مسيرته الشخصية وسياساته و اخلاقياته و فكره غير السليم.
ما يراه الجميع في هذا الاتجاه هو تخبط اردوغان في سياساته الداخلية و الخارجية و تخبط و تشعب امتداداته شرقا و غربا لاغراض و اسباب عديدة و اكثرها تتعلق بشخصيته الذاتية و ما يتعرض له في بلاده و ما يصدر من تفكيره و ما تستلزمه صراعاته الكثيرة التي افرزت عدة عوائق امام مسيرته و العقبات التي برزت في مواصلة خططه الشخصية و الحزبية استنادا على مصالح ضيقة فقط، و ان الصقها الى مستقبل ما يدعيها بالامة التركية الدخيلة التي يعرف الجميع كيف انبثقت و ما هو منبعها و مرجعها و ارضيتها و تركيبتها.
اليوم و بعدما علقت ارجله في وحل اخطائه يريد ان يستخدم الكثير من الحيل مستفيدا من التاريخ العثماني باسماء و توجهات و ادعاءات مغايرة، و المحيّر انه لا يقيّم الحاضر بمتغيراته بل بما كانت عليه اجداده دون ان يحتسب لاي حقوق اجحفت بها و اجحدت الولاة العثمانيين للشعوب الاصيلة في الخارطة التي احتلوها باسم الدين و المذهب.
اليوم عندما يريد اردوغان اعادة الكرّة و استغلال الضعفاء ممن ليس لديهم دولة او امكانية من اجل تحقيق مرامه و هو يلاقي السد و يصطدم بما لم يفكر فيه و لكنه يصر على الاستمرار خوفا من الردات الداخلية ازاء فشله، فليس هناك اسهل من استغلال الكورد في الجانب الاسهل من التعامل معهم مستغلا عدم وجود دولة او قوة خاصة تردعه و لم تبق امامه القوميات الاخرى كما كان ابان العصر العثماني لدى اجداده و هم يسرحون يمرحون دون اعاقة لحين مرضهم و ارجاعهم و اعادتهم الى موقع تمددوا منه وهو ليس لهم ايضا و استقروا فيه بعد لجوءهم منذ قرون و بهجمات مغولة شرسة احتلوا الارض و عاثوا الفساد و هدموا الحرث و النسل فيها.
الارمن اصبحت لديهم مكانة و قوة لا يمكن الاستهانة بها و هم في طريق اعادة حقوقهم و بيان التظلم الذي وقع عليهم ابان ابادتهم و ادانه الفاعل العثماني مستمرة يوميا في العديدة من دول العالم. اما العرب اصبحت لديهم دول ثابتة المعلام راسخة لا يمكن مد اليد اليها الا ان وقع فيها خراب او فوضى فيها كما يستغل اليوم اردوغان ليبيا بشكل وقح و باعتداء صارخ محاولا استغلال الثغرة في خصر الدول التي اعتدت عليه اجداده من قبل. و هناك من اليونانيين الذين لازالوا كسد مانع و شعب صامد امام من احتل جزء من كيانهم من زمن قريب رغم اوضاعهم المادية و الاقتصادية الصعبة. و لم يبق الا شرق تركيا من الدول التي احكمت هي ايضا حدودها و نظمت كياناتها و لم تدع من يتسلل من منافذها بانيا سدا منيعا بكل ما لديها من قوة. و هذا ان دلّ على شيء انما يدل على ما هو مدى بقاء الصفة المغولية الراسخة في كيان تركيا و شعبها التركي في بيان و اثبات ذاتهم على حساب حقوق و ما لدى الاخرين، اي باستمرارهم في الغزوات و الاحتلالات و لكن باداعاءت و اهداف سرية و حجج جديدة واهية علنية ليست لها اية حقيقة. اما الفرس فانهم بقوا صامدين امامهم و هم عقدتهم و عليه لا يمكن ان يفكروا في ايذائهم لانهم تلقوا ضربات موجعة من ايديهم و سياساتهم.
اذاً الكورد هم اول المتضررين من الطمع التركي و من يعتلي كرسي قيادتهم من شخص غير مستقر و ليس لديه ما يبني عليه سوى اعارة ما اعتمدته اجداده من قبل، فهاهو يستغل كوردستان الجنوبية و يحتلها منذ عقدين و ليس هناك رادع يعيده الى موقعه و مكانه الصحيح، و هو يستغل سهولة التحرك دون مانع في منطقة ستراتيجية له كما هي كوردستان الجنوبية، اي يستغل الحلقة الضعيفة للوصول الى المواقع و تحقيق الاهداف التي يحملها بعيدا عن الاعين.
ما يريده اردوغان ليس ارض كوردستان فقط و انما يحلم بامبراطورية جديدة على حساب كافة الاثنيات و الاقوام ان تمكن من ذلك . و ما يصر عليه هو لاسباب تاريخية توارثها من اجداده او نتيجة الحس بالنقص نتيجة عدم وجود ارض خاص بهم في المنطقة اصلا و عاتهم هم نابع من تعديهم على ارض و ساحة غيرهم و احتلالها بالقوة و استمرارهم على الاعتداء عليها لقرون. و عليه لم يحسوا بالامان في قرارة ذاتهم كما هو حال اللص الذي يحوم حول المنطقة التي سرق منها وما يفرض هذا عليه هو احساسه الداخلي العميق في عقله الباطن حول ما اقترفته ايديه بما يريد و القلق مسيطر عليه و لا يمكن ان يستقر الا باعادة الكرّة و يوقع نفسه في شباك الحق و العدالة. فان الحدود التي رسمت لتركيا كدولة و ضمت اليها العديد من الاثنيات غدرا و منهم الكورد، فهذا ما يدع تركيا و من يحكمها ان لن يستقروا في قرارة انفسهم و هم يحسون بالظلم الذي اقترفوه بحق الاخرين و توارثوا هذه الاحساس من اجداهم المغول المحتلين الغازين الاتين من اقصى الشرق. فما يدعيه اردوغان اليوم و يلهث عليه و يطلق احيانا حقائق تفكيره و نياته و ما يؤكده يدل على صحة قولنا، و يحس من يستمع اليه بما يفكر به و بالخصوص في عقدته امام الكورد اينما كانوا في الاجزاء الاربعة من كوردستان.
انه هو الارطغرل و الوالي و السلطان الحميدي الذي يريد ان يعيد التاريخ مهما كلف الامر، و ما يريده من الكورد هو ان يجعلهم وقود صراعاته مع الاخرين بادءا من كوردستان و بادعاءات وحجج هو صاحبه و خالقه. انه يصنع الاعداء له و هو يعاونهم ايضا في الوقت ذاته، وهو من مد يده الى داعش و مارس الارهاب و يريد ان يتحجج بالصاق صفة الرهاب بالاخرين المطالبين بحقوقهم. و من الواضح ان كل ما يريده من الكورد الان و هو يستغل الفوضى العارمة في المنطقة هو استغلالهم كخدم في وجه ما يريد ان يحققه في المنطقة ككل، و لكن هيهات له فان اليوم ليس كالامس ابدا، و كسرت ساقه في اول خطوة له.