7 أبريل، 2024 3:18 ص
Search
Close this search box.

ما تبخر .. وما تجذر

Facebook
Twitter
LinkedIn

0 ما تبخر .. وما تجذر

في لحظات .. لا تسمع فيها أزيز الرصاص .. هذا يعني انك في هدنة .. وهي استراحة محارب .. ومنها تبدأ حسابات وحجم الخسائر والبدائل .
ان مجابهات أسبوع كامل من الانتفاضة الباسلة .. قد أفرزت وجود لاعبين بفريقين .. فريق يمتلك المال ، والسلطة ، والسلاح ، والمكر والخداع .. لكنه عار من غطاء الوطن والشعب .. وفريق ثان لايمتلك سوى الإرادة الوطنية المكتسبة من القهر ، والحرمان ، مع تراكم في الوعي ، وحقوق الانسان .

في لقائي المتلفز مع قناة T R T التركية ( عربي) الذي اجري قبل أسبوع .. ذكرت جملة من المعطيات الجديدة .. اذكر منها الان بالتفصيل والإضافة .

اولا/ .. ان سر نجاح الايّام السبعة ، التي هزت الحكومة والبرلمان ، وأدهشت وسائل الاعلام .. تتلخص بوعي تراكمي ، وتحدي جريء ظهر على سلوك الشباب الثائر . . مما جعل الرؤوساء ، والوزراء ، والنواب في حالة ذعر وارتياب ، خوفا وارتباكا ، خضوعا وانقيادا .. لارضاء المتظاهرين بقطعة ارض ، أو عقد عمل ، وكأن المتظاهرين باتوا من المتسولين والضالين ، وهم الذين تميزوا بالقدرة على صبر السنين .
كنت أصغي .. الى الشبان الثائرين ، وهم يتحدثون عن انتفاضتهم ، بحماسة وثقة قل نظيرها .. في زمن من الارتخاء الوطني ، والميوعة السياسيةً ، حتى خَيل لي ان هؤلاء الفتية نزلوا من كوكب اخر .. أو من فضاء سيبراني لا يقتصر على تكنولوجيا الاتصال بعوالمه الافتراضية .

ان جعل المظاهرات ، في حالة حراك متنقل ، تنتهي ( بمظاهرات مناطقية ) فكرة ذكية .. لان تركها تتجمع في ساحة التحرير ، بوقت عسير ، و بعلم و وبموافقة الحكومة ، لا يخدم القضية .. كما ان استمرارها في حالة تنقل دائم .. يعد تحولا نوعيا و مهما ، جعل المتظاهرين في حل من موافقات السلطة ، فهم الان يتحكمون في الزمان والمكان ، بما يناسب تجمعهم وانسحابهم .. وهذا وحده ينهك السلطة واجهزتها الأمنية .

هؤلاء الفتية من الشبان الثائرين .. ولدوا وامامهم صورة نمطية / لسياسيين فاسدين و لصوص ، تناوبوا على صناعة الظواهر السياسية .. استثمروا المذهبية عقيدة ، ثم الطائفية ذريعة ، وأخيرا لعبوا على حبل الديمقراطية نهجا مزيفا .. واتخذوها هزوا ، كي يحافظوا على امتيازاتهم وفسادهم .

ثانيا / ..سبب مهم ، يكمن في التغيير الجذري في عقول وفكر الشباب الثائر ، نضجت معه قناعة راسخة باسقاط ( المقدس ) الذي كان يقودهم وفقا لأجنداته ، وغيبياته ، ونزواته .. وقد أعلنوا فك هذا الارتباط المقدس صراحة .. مع الذين لم يقفوا معهم ، في ساعة العسرة / يوم جرفت بيوتهم الواهية ، وسحقت بسطياتهم البالية .. وما من معين ، و لا من منقذ أمين .

ان معظم المتظاهرين من خريجي الكليات .. وجدوا أنفسهم يقطنون داخل عشوائيات ، و مصدر رزقهم من البسطيات .. ولم تلتفت اليهم جميع الحكومات .. ولا الى إمكانية تعيينهم ..حالهم حال الآلاف من اولاد المسؤولين في الداخل والشتات .

ثالثا / لم يخرج الفتية هذه المرة للمطالبة بالخدمات .. انهم خرجوا لتغيير بنية النظام وتفكيكه .. وتشكيل حكومة جديدة باستفتاء مباشر من الشعب .

البعض .. ظل يتحدث عن ضرورة وجود البديل .. أظن ان التغييرات السياسية والاجتماعية الكبيرة ، تفرز معها وبسرعة البدائل المناسبة .. وما يميز العراق كثرة العقول العلمية ، و ضخامة الموارد الطبيعية .
اخيراً .. ان الثورلت العظيمة تبدأ بسلسلة من الانتفاضات القوية .. و اليو م لم يعد الوقت في صالح حكومة عبد المهدي .. فهناك فكرا سياسيا بدأ يتجذر .. مقابل سلطة ضعيفة تتبخر .
حكومة عبد المهدي ، سقطت بأول امتحان شعبي قاس .. لم تستطع معه الحفاظ على شرعية وجودها وتوازنها امام الإعصار الشعبي الذي هز أركانها .. حتى تركت أمور الدولة لفصائل مسلحة ، لا تفكر الا بأحكام السيطرة على المرافق الاقتصادية ، وشل عَصّب الدولة ومؤسساتها السياسية .. والقتل العمد لمعارضيها ..فظهرت الحكومة وهي في حالة يرثى لها .. لاتستطيع حماية نفسها ، ولا حماية مواطنيها .. لهذا أصبحت الأفكار جاهزة للتغيير .. واصبح الخلاص
شعارا لإنهاء هذا الواقع المرير .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب