23 ديسمبر، 2024 7:36 ص

ما بين مشروعية السيسي وشرعية مرسي.. الديمقراطية أكذوبة !!

ما بين مشروعية السيسي وشرعية مرسي.. الديمقراطية أكذوبة !!

كان الكثيرون يظنون ان الولايات المتحدة يمكن ان تؤيد إقامة ” نظم ديمقراطية ” في المنطقة ، كبديل عن الانظمة الدكتاتورية القائمة ، وتقيم حكم الشعوب عن طريق الاحتكام الى صناديق  الاقتراع ، ضمن إطار اللعبة الديمقراطية التي تسير على نهجها دول الغرب.
ولكن ماظهر في مصر وما جرى من احداث تمثلت في إزاحة الرئيس المصري محمد مرسي ، الذي تم انتخابه عن طريق صناديق الاقتراع ، وتركها الجيش المصري يتحكم بمقاليد الحكم يؤكد ان الولايات المتحدة نفسها لا تؤمن بالديقراطية في بلاد العرب، وهي التي حركت وزير الدفاع المصري ليقوم بإنقلاب عسكري يطيح بمرسي والجماعة الاسلامية وتعود حالة الاحتراب الى الشارع المصري من جديد وتعود الامور الى أسوا حالات الارتباك والفوضى في هذا البلد ، والهدف من ذلك ادخال الدول العربية في منظومة رعب مستمر، وتشعل الصراعات والإحتجاجات بين أطرافها لتزداد الامور سوءا ، وتصب الزيت على النار لتزداد إشتعالا.
ونحن هنا لسنا في معرض الدفاع عن ( شرعية مرسي ) أو ( مشروعية السيسي ) فكلاهما ارتكبا من الاخطاء ما أدى الى تصاعد حالة الاحتراب في الشارع المصري، وكان بمقدور الولايات المتحدة ان تمدد فترة التفاوض بين مرسي ووزير الدفاع المصري قبل ان يتم اقتحام السلطة والانقضاض عليها وتسليم مقدرات البلد الى القوات المسلحة.
ولم يلعب الجيش المصري دورا ايجابيا في هذه الازمة ، رغم ان ملايينا من المصريين فرحوا بالانقاض على مرسي الذي خلصهم من استبداد ” الاسلاميين ” وجماعة الاخوان المسلمين على وجه التحديد ، ولكن لو كانت أميركا تؤمن حقا بالديمقراطية لما تجرأ الجيش المصري على تسلم مقاليد الامور والسير بها نحو الفترة الانتقالية ، ولكن تأجيج المعارضة للشارع وربما بدفع أميركي هو الذي أشعل فتيل الأزمة ، وسار الوضع بهذه الطريقة التراجيدية ، وبدأت حلبة الصراع تشتد بين انصار مرسي وجبهة الانقاذ المصرية ومناصريها من باقي القوى والشخصيات السياسية، ولن ينتهي الموقف بهذه السرعة التي يتصورها البعض، بأن يتم تسليم مقدرات الحكم لجماعة مدنية ، والطريقة التي استخدمت هي أقرب الى الانقلاب العسكري من ان تكون رغبة في الانتقال السلمي للسلطة، وكان الاجدى منذ البداية لو فكر الجميع بتقريب فترة الانتخابات المبكرة كخلاص أخير من تردي الاوضاع ومن عودة الاضطراب الى الشارع المصري وما يلقي بظلاله على كل احوال مصر ، التي لابد وان تعاني ازمات اشد وطاة من الازمات التي عانتها في السابق، ويعطي المبرر للاخوان المسلمين للاصطراع بكل أشكال العنف مع السلطة من اجل اتعابها والحيلولة دون تسليم مقدرات السلطة خارج اطار الشرعية الدستورية التي يرى انصار مرسي انهم الاحق في الحكم الذي سرق منهم عنوة وفي وضح النهار.
كنا في العراق نقول ان أمريكا لاتريد أن تقيم نظاما ديمقراطيا في العراق ولا حتى في دول المنطقة ، حتى توصلنا الى نتيجة مؤداها ان الديمقراطية أكبر أكذوبة نسجتها الولايات المتحدة وطبعت بها أساليب الحكم في المنطقة العربية ، واذا بها أول من يوئد هذه الديمقراطية ، وبخاصة في مصر ، عندما وجدت انه من المصلحة  أسقاط الانطمة التي جاءت عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع ، وتجد المبررات لهذه الاكذوبة ، بإن الاوضاع في البلد لم تعد تحتمل لاقامة نظام ديمقراطي يحكمه الاسلاميون.. أذن لماذا سمحت لاسلاميي العراق ان يستبيحوا الحرمات ويقتلوا شعبهم ويروعوه ويذيقوه مر الهوان في أكثر الانظمة دكتاتورية ، رغم انه جاء عبر الاساليب الديمقراطية ، ولكن امريكا تريد اقامة ديمقراطيات على هواها، ومن لايعجبها تسقطه وتقيم انظمة دكااتوتورية بديلة عنه، ولتذهب الديمقراطية الى الجحيم وان اقيم نظام ديمقراطي تحت غطاء اسلامي فهي تجد المبررات لاسقاط هذه الانظمة لانها شعرت بخطأها في تدجين انظمة اسلامية بأطر ديمقراطية ، وهي الان أصبحت مثل ( بلاع الموس ) كما يقال في المثل العراقي ، فلا هي تتحمل عيوب الانظمة الديمقراطية ومآسيها وتحميها وتسندها،  ولا تقف ضد الاننظمة الدكتاتورية ، التي تذيق شعوبها مر الهوان.
وهناك حقيقة يعرفها الراسخون بأحوال مصر ، ان مصر لاتحكم بمتدينين، لأن طبيعة شعبها، منفتح كثيرا، وأحوال مصر كشعب مرهقة ، وهي تعيش على الملاهي والنوادي الليلية أكثر من عيشها على النفط المصري وبقية الثروات، فتعداد شعب مصر الذي يتجاوز التسعين مليونا، بحاجة الى ايرادات ضخمة واموره الاقتصادية متعبة قياسا الى ثرواته، ولهذا فأن شعبه يجد في السياحة والعيش على الملاهي والنوادي الليلية واماكن الترفيه أكثر من اهتمامه بالاسلاميين الذين جرعوه الويل والثبور نتيجة حكمهم، كما ان احد اخطاء الاسلاميين في مصر هي عدم تركهم المصريين يمارسون حياتهم الخاصة والمعيشية على هواهم ، وحاربوا عيش الكثير من المصريين  وحاربوا ارزاقهم مما يكسبون من السياحة والفرفشة، ولو أعطى الاسلاميون مساحة من الحرية لشعبهم لما جرى كل الذي جرى، ولما وصلت الامور الى هذا الحد من الاحتراب والتصارع والسير بالبلاد نحو الفوضى والى المجهول.
ان ما نريد قوله ان الديمقراطية هي الاكذوبة الكبرى التي روجتها الولايات المتحدة في منطقتنا وأردنا تصديقها في إقامة نظم ديمقراطية، ولكن الولايات المتحدة لاتحكمهاالا مصالحها الخاصة ومصالح إسرائيل في المقام الاول ،وهي ان وجدت ان من مصلحتيهما تحطيم النظم الديمقراطية في المنطقة ، فلا تألوا اي جهد لإزالة كل من تراه يقف عقبة في وجه هذه المصالح أو يخلق لها المتاعب، وان رأت في الدكتاتورية منطلقا لحماية هذه المصالح فستحميها بحرابها هي ، حتى إن عجز الحاكم عن حماية نفسه، من خلال قواته التي بنتها له، وأحاطته بالاسوار من كل جانب لكي يبقى بعيدا عن أن تناله أيادي الخصوم.