معضلة الكثير من التحليلات السياسية انها لا تخضع المعايير التحليل متعدد الأطراف وفق ادلة عمل منهجية لفهم الفعل ورد الفعل على رقعة المتغيرات الأمريكية بان المرحلة المقبلة سيكون العراق نقطة الارتكاز في الاستراتيجية المقبلة للشرق الاوسط الكبير.
المشكلة ان الأمريكان واضحين جدا في تحليلات مراكز ابحاثهم ..وكتاب الاعمدة الصحفية والايجازات الإعلامية للناطقين الرسميين ..لأنها دولة مؤسسات والادارة الاستراتيجية العليا للدولة لا يختلف فيها او حولها او عليها ..فيما تبقى الاختلافات في التنافس لإرضاء الناخب الأمريكي وفق مفهوم الرفاهية الافضل .
لذلك اكرر النصيحة لوعاظ أمراء الطوائف السياسية بمفهومي البيعة والتقليد في عراق اليوم ان يقرأون التاريخ والجغرافية لتحديد المصالح والمصالح فقط .. فالولايات المتحدة الأمريكية او دول الاتحاد الأوروبي او الصين وروسيا الاتحادية ليس اي منهم جمعية خيرية!!
التاريخ يؤكد ان الانكفاء الأمريكي في الانسحاب من فيتنام تحول إلى التركيز على الشرق الأوسط وظهور نظريتي الحدود الهشة للاتحاد السوفيتي بتفعيل الدور الديني في الشرق الأوسط وانتقاله الى جمهوريات البطن الرخوة للاتحاد السوفيتي كما قال زنيغيو بريجنسكي في كتابه ( بين عصرين) ثم بدا مخطط مرسوم للتغيير في زيارة الرئيس السادات الى القدس ومن ثم سقوط شاه إيران وظهور الثورة الإيرانية… ومن ثمةظهر رونالد ريغان لتصعيد الموقف بتطبيقات جديدة في حرب النجوم ليحول موازنة الحرب الباردة الى معضلة سوفيتية حتى جاء غورباشوف لكي ينهار الاتحاد السوفيتي ويسقط جدار برلين .
خلال عشرين عاما مضت ما بعد سقوط جدار برلين فهمت إسرائيل ان ضمانة وجودها في صلب الامن القومي الأمريكي لن يدوم ..ما دامت هناك بدائل اقليمية ..فيما فهمت الصين ان الحكم بنظام اشتراكي بلا استثمارات لن تدفع عجلة التقدم .. ومن ثغرات التصرفات الطائشة لادارة بوش الاب في منح الشركات متعددة الجنسيات التهرب من أنظمة التجارة العالمية من خلال الاستثمار في الصين بعد ان فتحت نموذج النظامين الشيوعي والراسمالي ..مما جعل النمو السنوي يتصاعد الى حدود ١٥% سنويا والانتباهة المتأخرة لحكومة أوباما لخطر التنين الصيني الذي يمتلك اكثر من ترليون دولار في السوق العالمية ..جعل مراكز الأبحاث الأمريكية والبريطانية والأوروبية تعيد النظر في اليات محددة لمواجهة مشروع الطريق والحزام الذي جددت فيه الصين طريق الحرير لربط تجارتها بالعالم برا وليس تحت سلطة الاساطيل الأمريكية التي تحمي طرق التجارة الدولية .
لذلك سيكون الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بؤرة للتركيز على مشروع الشرق الاوسط الكبير بعقلية حروب ناعمة تجارية.. معلوماتية .. تتعامل مع نماذج تطبيقية جديدة لحروب الاجيال الخامسة والسادسة وربما السابعة .. لاحداث ذلك الفارق الذي يجبر الصين على ان يمر طريقها على الحزام الأمريكي وليس حزام ما تريد أن تفعله في الشرق الاسيوي الكبير … ومن يتصدى للنمر الأمريكي عليه مواجهة الكثير من العواقب ..التي تتعدى الفعل ورد الفعل الميداني الاني ..الى وقائع استراتيجية مقبلة .
العراق في عين هذه العاصفة .. لان واشنطن لم تحتل العراق الا ليكون قاعدة قيادة الشرق الأوسط الكبير .. بنموذج ديمقراطي يمكن تصديره الى دول هذه المنطقة..فيما ما حدث العكس تماما.. في تسليم العراق على طبق من ذهب النفوذ الإيراني .. وعدم ظهور دولة لعراق واحد وطن الجميع لأسباب تضارب المصالح الأمريكية والايرانية في العراق .
بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لن تسمح واشنطن بوجود نفوذ ايراني في العراق الا في حالة واحدة فقط ان يكون ذلك ضمن القطار الأمريكي للشرق الاوسط الكبير ..بشكل مباشر او غير مباشر.
وهناك عدة إجراءات واضحة تتبعها ادارة بايدن في تعظيم اثمان النفوذ الإيراني في العراق .. ربما ينعكس الى احداث متلاحقة قبل وبعد الانتخابات المقبلة .. لكن الثمن السياسي والاقتصادي والمجتمعي لن يدفعه غير العراقيين من مستقبل التنمية المستدامة تحت عناوين المقاومة الإسلامية التي يشارك اغلب قادتها في العملية السياسية التي صممت امريكيا .. وتحت قرار احتلال العراق ..الذي يمكن العودة الى اعتبار ما يحصل فيه نوعا من تهديد الامن والسلم الدوليين ..وفق الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة وبذلك تقدم افعال ميدانية بعنوان إخراج القوات الأمريكية من العراق من دوم إنهاء المشروع الأمريكي فيه ..افضل ذريعة لاعادة العراق الى الفصل السابع وجعله تحن ادارة تحالف دولي جديد ربما تقوده بريطانيا في اعادة توزيع الأدوار ما بين واشنطن ولندن … هل هناك من يفهم هذه الوقائع ..؟؟ ومن لا يفهم عليه مراجعة مشروع الامن الإقليمي والتنمية المستدامة المطروح للنقاش التفاعلي في اكثر من مركز دراسات امريكي …ويبقى من القول لله في خلقه شؤون !!