مشكلة العراق الجديد ان اغلب حكامه وقياداته السياسية من رجال المعارضة الذين غادر جلهم وطنهم في نهاية السبعينات واوائل الثمانينات من القرن الماضي وعادوا اليه بعد اكثر من عقدين على اقل تقدير والشيب قد اخذ منهم مأخذه ، فكانت لهم حياتهم في المنفى السياسي ، وجنسياتهم التي اكتسبوها من بلدان اللجوء الانساني ، منها ايران ولبنان وبريطانيا وبلدان المنطقة الاسكندنافية فضلا عن اميركا ودول المعسكر الشيوعي السابق ، وهناك اكثر من 12 شخصية معروفة تمتلك جنسيات مزدوجة في الحكومات ودورات البرلمان المتعاقبة ، ناهيك عن بعض “الفضائح” الاعلامية لنواب لهم صيتهم الواسع في صولاتهم على منصة البرلمان العراقي ولدورتين متتالتين ، وما زالوا يقبضون قيمة المعونة الاجتماعية من بلدان اللجوء الانساني فاحتلوا بلا فخر صفحات جرائد الفضائح في تلك البلدان .
هل ان امتلاك جنسيات مزدوجة معيبا بحق هذه القيادات السياسية التي امضت زهرة شبابها وهي تكافح وتجاهد في بلدان الغربة والشتات الاجتماعي نظام صدام المقبور ؟؟
الاجابة ببساطة ان امتلاك اي عراقي هاجر او هجر عن وطنه حق اكتساب جنسية الوطن البديل ، وفي ذات الوقت بعد العودة الى الوطن الام من المعيب على اي سياسي الاحتفاظ بهذه الجنسية في بلد انتقلت اليه سلطاته فبعد ان كان مطاردا اصبح يمتلك فيه حقوقا اوسع من تلك التي اكتسبها من جنسية الوطن البديل .
ويتفق فقه القانون الدولي الخاص لتنظيم حقوق اكتساب الجنسية على ان العائد الى وطنه بعد اكتسابه جنسية بديلة، ومطالبته بالعودة اليها شرط الغاء الجنسية المكتسبة ، وهناك من يفرض شرطا للحضانة الوطنية ما بين 3-7 سنوات قبل الموافقة على ترشيح المواطن العائد الى جنسية وطنه للمواقع التمثيلية مثل المجالس البلدية في مدة اصغرية لا تقل عن 3 سنوات فيما يشترط بقاءه في وطنه وتقديم خدمات جليله للموافقة على ترشيحه للمواقع التمثيلية البرلمانية ، وهو ما لم يحصل في العراق الجديد ، على الرغم من وجود الكثير من قيادات الداخل في الاحزاب المعارضة لنظام صدام لعل من ابرزها مجاهدي الاهوار وحزب الدعوة تنظيم الداخل وقيادات الاخوان المسلمين، ناهيك عن شخصيات من التكنوقراط العراقي المحسوب على اي من الطرفين يضاف الى ذلك الشخصيات الكردية التي لم تغادر العراق او تلك التي اتخذت من كردستان العراق مقرا لمعارضتها نظام صدام .
النتيجة اليوم ان اهل الداخل من العراقيين الذين ظلموا بالعقوبات الدولية لايام، واجهوا ظلما جديدا تمثل في التهميش والتضيق من قيادات الخارج ، تحت عنوان ان كل من لم يغادر العراق فهو “خائن” وهذا ما زاد من فجوة الخلافات ولم تردم الا بصدور هذا القرار الذي لا نعتقد بإمكانية تمريره داخل مجلس النواب ، كون هناك حوالي 120 نائبا يحملون جنسيات مزدوجة، وباصطفاف نائب واحد فقط مع كل منهم تحصل الاغلبية البرلمانية لإلغاء فكرة القرار كما هو الحال في الغاء نص التعديل المتعلق بالتحصيل الدراسي لأعضاء مجلس النواب وحصرة بالتعليم الجامعي الاولي مع عدم الاخذ بالشهادات الدينية الذي واجه عاصفة من الاعتراضات تؤكد بان شهادات الحوزات الدينية تعادل شهادة الدكتوراه ، وهو ما تسعى وزارة التعليم العالي اليوم الى ايجاد وسائل علمية وموضوعية لمعادلتها ، يضاف الى ذلك الخلافات الواسعة المعلنة على النظام الانتخابي الذي تشدد المرجعية الدينية في النجف الاشرف على اهمية العمل بنظام القائمة المفتوحة لمناطق متعددة فيما تقبل الكتل البرلمانية في الحد الاعلى لسقوف مطالبها بنظام مختلط يضمن بقاء الخارطة البرلمانية الحالية .. وتبقى مصيبة العراق الجديد ان الناخب العراقي” يكلف شرعا ” بتغميس اصبعه في الحبر البنفسجي من جديد او تأجيل الانتخابات حتى الاتيان بحلول توافقية غير منتظرة !!