18 ديسمبر، 2024 5:51 م

ما بين الميثم والهيثم.. حكاية

ما بين الميثم والهيثم.. حكاية

كثيرة هي المشتركات اللفظية التي تقرب المدلول اللغوي لكلا اللفظين، وهنالك شبه قريب إلى حد ما بين المعنى الإصطلاحي لكليهما.
ليس عجيباً أن يكون إبنُ النسر ثابت الخطى فيدب نحو هدفه السامي.
كان كلُ منهما إسمٌ على مسمىً، فختما حياتهما بمنظرٍ يحكي قصةَ الخذلان والتقاعس عن نصرة الحق والتنكر لقيم الإنسانية التي يفتخر بمراعاتها الكافر.
هنالك ثمةَ فارق بين الحالتين، فميثم التمار قد فاق هيثم البطاط بجوانب عدة، وبعيدا عن الجوانب الروحانية والغيبية التي إشتملت عليها شخصيته، فالحديث هنا عن المنظر الذي بدت عليه حالة الإنحدار في السلوك الإجتماعي المتزامن مع الواقعتين.
كان ميثم التمار رضوان ربي عليه تلميذاً لعلي بن أبي طالب عليه وأله آفضل الصلوات، وهي منزلة لا ينالها إلا رجال صنعوا بعين خالقهم ليكونوا علامة فارقة في قصة صراع الحق المتجسد بشخص الإمام مع الباطل المتمثل بالجبهات الأخرى والممتدة على طول المساحة الزمنية للتاريخ والمكانية التي توجب الحاجة لذكر عدل علي أينما حل ظلم..
إن سني عمر ميثم مكنته من خوض التجارب الناجحة، ليكون إنموذجاً لقول كلمة الحق في وجه سلاطين الجور، فأضحى مثالا تستمد منه القلة الأبية عزيمتها في رفض السكوت عن الظلم على مدى الدهور.
لهيثم الصغير ذي الستة عشرَ عاماً وصفُ آخر، فهو شهيدُ في زمن الإمعات، غيور في زمن الدياثة، حر في زمن الصنمية.
أن كانت السلطة التي إستمدت شرعيتها بحد السيف وبريق الذهب هي من صلبت ميثم التمار، فهيثم قتلته الأقلام قبل ان تنهال الهراوات والسكاكين على جسده الطري.
أقلام بأيدي الإقزام الذين مهدوا لإغتياله من خلال حقدهم الدفين على كل شيْ في العراق.
قتله الجهل الذي اساءَ لكل القيم الاصيلة حين أهانَ شيخَ العشيرة وإحتفى براقصة!
أساءَ للمعلم وصفق لمهرجٍ وأغلق مدرسة وترك أبواب الحانات مفتّحةً..
نعم أيها السادة…قسماً بمصطلحاتكم الرنانة التي لا يفقه منها قتلةُ هيثم ولا حتى قائليها شيئاً، إنكم شركاءَ في قتله.
كيف لا تكونوا قتلة، وانتم من دعوتم للحرية إلى حد الثمالة؟! فكيف غاب عنكم إن الثمل سيكون متهوراً في كل شيء حتى وإن شعر بالمظلومية؟!
يبدو إن دماء هيثم لم تشف غليلكم، ولم تكتفوا فعمدتم إلى تسويق إتهاماتكم الباطلة اليه ولكل رافض لفوضويتكم.
سينبذكم العراق ولكم بمن سبقكم خير شاهد، فكم هي الأكف التي صفقت للبعث، فلا يغرنكم الصخب ولا ضوضاء الموسيقى ولاكثرة الراقصين على جراحات الشعب وأنين الأمهات الثكالى.
فكبف لعاقلٍ أن يصدق بكاءكم على الوطن المفقود بعد ان إختبأتم حين علا نداء السواتر مستصرخا ههم الرجال وصُمَتْ آذانكم عن إستغاثة سبية؟
انتم كذلك لإنكم أقل من أن تكونوا أهل عزيمة، فلا يجمعكم غير ” المجان”ولا يشد من عزمكم غير “البلاش” لأنكم لستم اهلها.
ولإن ذيل الكلب عصي عن الإعتدال فلا حاجة لمطالبتكم بالسلمية لأنكم تدنسون طهارة “التحرير” وغيرها من ميادين العزة والإباء فلابد من عودة الفارس لإعتلاء صهوة جواده كي يثبت رمحه في صدور الغل والحقد الجهل الذي اعمى بصائركم.