7 أبريل، 2024 11:46 ص
Search
Close this search box.

 ما بين السيرة الذاتية والمذكرات..

Facebook
Twitter
LinkedIn

اعترافات منسوجة على ضفاف الكتابة والحياة
الكتابة فعل توثيقي لوقائع اجتماعية ومعرفية متصارعة داخل اطار الوعي يحققها المنتج الذي هو(صيرورة من التحولات)المقترنة بالحاضنة الاجتماعية والثقافية المدونة بوجدان ابداعي حركة الوجود الموضوعي الذي يشكل العالم الخارجي وتفاعلات(الانا)باحداث عصرها ومنجزاته..

و(على ضفاف الكتابة والحياة) المنجز السردي/السيري/المذكراتي الذي نسجته انامل الصحفي عكاب سالم الطاهر واسهمت الدار العربية للعلوم في نشره وانتشاره/2014..كونه يحرث في ارض التجربة الشخصية بصورة موجزة من اجل التخفيف من عبء داخلي يحمله نتيجة وقائع حياتية خاصة على حد تعبير الدكتور الطاهر مكي.. فضلا عن انه يولي الزمن اهتماما خاصا لانه الاطار الخارجي الذي ينتظم الاحداث ومن خلاله يمكن استرجاع الامكنة وموجوداتها..وهذا يعني انه ينقل النص من هوية ذاتية مجردة الى هوية سردية تتفاعل مع تقاناته الفنية(الحدث/الزمان/المكان/الشخصية..) وهو يمازج بين السيرة الذاتية والمذكرات التي يتحدد مفهومها تبعا لمظاهر الحياة(الافعال/الافكار/العواطف..)..اضافة الى انه يقدم نوعا من الكتابة التاريخية الوثيقة الصلة بالسيرة التي تسجل الخبرة والمنجز لصاحبها..مع وصف الاحداث وتحليلها وبخاصة تلك التي لعب فيها المنتج(المبدع)دورا حياتيا فاعلا..لذا فهي تجمع ما بين الذات(السيرة الذاتية) autobiographyالتي هي فن من فنون الادب التوثيقي المتكيء على ضمير المتكلم او ضمير الغائب يرويها صاحبها بنفسه ويلعب الخيال دورا في بنائها السردي كما في اعترافات(جان جاك روسو) التي انتظمت في نزعة تبجيل الذات واعترافات القديس اوغسطيس وفي كتاب(الايام)لطه حسين..والموضوع(التاريخ بكل تشكلاته)..اذ يبدأ باهداء شكل نصا موازيا كاشفا عن مضمونه وهويته(العراق) بكل مكوناته المجتمعية انطلاقا من المكان(سوق الشيوخ) ومرورا بعميد العائلة وافرادها الذين شكلوا اللبنة الاساسية للمجتمع المحققة للوجود الفاعل ابتداءا من الطفولة(مشروع على لسان الدكتور عبدالعزيز المقالح..(اكاد اجزم ان طفولة المبدع هي مخزونه الاساس ومصدره الذي يؤسس للواقعي والمتخيل في كتاباته..يضاف الى ذلك ان الحضور العميق لهذا المخزون المترسب في اقاصي الذاكرة يعطي للمبدع الحقيقي معنى الخصوصية..)..ودائرتها على لسان الشاعر نزار قباني..(الطفولة هي المفتاح الى شخصيتي والى ادبي وكل محاولة لفهمي خارج دائرة الطفولة هي محاولة فاشلة..)..فضلا عن انها حياة على لسان ابراهيم عبدالقادر المازني(الحياة كتاب اوسع واضخم من كل ما حوت المكاتب قديمها وحديثها وليس على رفوفنا سوى صفحات قليلة من هذه الموسوعة..)فمقدمة المؤلف التي بناها على الاحتمالية بـ

(ربما)..اذ جره الزمن صوب الكتابة للتوثيق والاستذكار..(منتصف عام 2006 للميلاد قررت الهجرة من العراق والاقامة في سورية وتحديدا في العاصمة السورية دمشق..حملت معي وثائقي وقلمي واوراقي وذكرياتي..صاحبتني الغربة وآثارها المؤذية..ودائما استعيد قولا للكاتبة الجزائرية المقيمة في مصر(ندى مهري)..(الغربة غربة سواء اخترتها او اختارتك..سواء في وطن عربي او اجنبي..انه تاريخ الجسد الذي لايعرف الا جغرافية الوطن الام..)..رغم ذلك اخضر برعم وسط تلك المعاناة..هناك في بلد الاغتراب انصرفت للكتابة الصحفية اولا ومن ثم باشرت بكتابة كتاب حمل عنوان(موضوعات في الكتابة)..ويستمر النضح الفكري لينجز(بعيدا عن المطابقة قريبا من الاختلاف:حوار الحضارات يبدأ من هنا)..و كتاب(على ضفاف الكتابة والحياة..الاعتراف ياتي متاخرا)..ص10 ـ ص11..والذي يختصر ولادته الكاتب بقوله:

مثل غيوم ماطرة..

تجمعت الوقائع..

في سماء الذاكرة..

وكان المطر غزيرا..

واخضرت تلك السهوب..

وكانت الحصيلة:اعترافا جاء متأخرا ص15

وفيه يوثق الكاتب لبداية الرحلة الحياتية ابتداء من (مرافيء الطفولة) ومرورا بالمعلم الاول(الاب)فالملا كاظم وعصاه الغليظة ثم الانتقال الى المدرسة الابتدائية(الكرمة)والسياحة في عوالم مكتبتها وكتابة الشعر ونشره في مجلتها..

قد بدت شمس السما وقت الغروب تبعث الفرحة عند الناظر

بينـما انت تــــــراها في المغـــيب لبست ثوب الاصيل الباهر /ص31

فالانتقال الى مركز اللواء لاكمال دراسته الاعدادية وتحقيق الطموح الهندسي..فالمشاركة في التظاهرات والفصل من المدرسة نتيجة(يسقط..يعيش..هكذا صرخنا في التظاهرة الطلابية والنتيجة مغادرة مقاعد الدراسة مفصولين..البعض يساق الى معسكر تاديبي والبعض الاخر يلقى في شارع البطالة..)ص59..ثم يعود للدراسة بعد فصل سنة فالذهاب الى الناصرية والاستقرار في ثانويتها والسكن في القسم الداخلي فالنشر في الصحف عام 1961 وكانت محطته الاولى جريدة (المواطن)..اذ احتضنت اول كتاباته القصصية(خواطر عائدة)..فالانتقال الى العاصمة بغداد والدراسة في كلية الهندسة وتحمل مسؤولية النشاط الثقافي.. واعداد برنامج(صوت الطلبة)لاذاعة بغداد..فضلا عن عمله في جريدة الثورة كصحفي محترف عبر عموده (ضوء) الذي اعتمد فيه الاسلوب الساخر الذي هو(فن الالتفاف على المحظور الذي يهدف الى ايصال الرسائل الممنوعة عبر الكلمة المغلفة بالنكتة..) متاثرا باسلوب عبدالجبار وهبي عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي والذي كانت كتاباته حادة ومغمسة بالسخرية الانتقادية التحريضية..فكتابة (يوميات الثورة)..فالاشارة الى العلاقات الشخصية(صلاح عمر العلي/حميد سعيد/عزيز السيد جاسم/محسن الموسوي/عزيز

سباهي/ضياء حسن/يوسف متي/عبداللطيف حبيب/ الياس عبود/محمد سعيد الصكار/ طارق عزيز/محمد صبري الحديثي/ناجي صبري/كمال عبدالله الحديثي..)فمسؤولية رئاسة تحرير الف باء..فالاستراحة التقاعدية المستثناة من الصحافة فالعمل بعقد في اعلام امانة بغداد..فالهجرة الى سوريا 2006..وكتابة ونشر المقالات في جريدة النور ..وامانة مكتبة المنتدى الثقافي العراقي بدمشق حتى عام 2009..اذ العودة الى بغداد وصحافتها فينشر في جريدة الزمان اوراقه التي جاء في احداها:

هاجرنه شرق وغرب

والكينة تالي الدرب

يرجع الى بغداد /ص269

فالانفتاح على الجهات الاربع وشهادات الاخرين مع لقاءات ثقافية حول الكتابة..(اجمل ما كتبت/انفع ما كتبت/ادق ما كتبت/اسوأ ما كتبت..)..واخيرا الوثائق والصور كملحق مكمل للمنجز..

وبذلك قدم الطاهر مادة ادبية مكتنزة بفكرها الخصب ومعانيها الجمة وقيمتها الثقافية والتوثيقية…لانها تجربة انسانية محركة للخزانة الفكرية بعمقها المضموني ونسجها الفني الذي يمثل مقاربة مكتظة بادب الاعتراف وما يتفرع منه(السيرة الذاتية/السرد الروائي القائم على التجربة الذاتية..)فشكلت قيمة ملحوظة بتفاعلها والمؤثرات الخارجية..فضلا عن انها تنم عن ثراء مادتها الثقافية التي تساعد على الاطلالة والتعرف على منظومة التفكير والكشف عن طريق ادراك الكاتب لذاته(المتخيلة والحقيقية)…

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب