< نظرةٌ مشتركةٌ من زواياً متباينة للحرب من خارج الميدان
وِفق الوقائع واحداث التأريخ القريب , فكأنّ هنالكَ نوع من الهَوس لدى رؤساء الوزراء في بريطانيا في إتّباع والتبنّي المسبق للسياسة الخارجية الأمريكة , وبشكلٍ خاص اثناء الحروب التي تشنّها امريكا على ايٍّ من الدول , والمشاركة الفاعلة في تلك الحروب بالرغم من أنّ لا اخطار تهدد بريطانيا من الدولة التي يجري شنّ الحرب عليها , وقد لوحظ ذلك جلياً عن الدور البريطاني في حربَي عام 1991 & 2003 على الأقل , مع تغيّر رؤساء الوزراء البريطانيين خلال تلكم السنوات , وقد صار ذلك كأنه من اعراف الأنكليز .! , ويتجسّد ذلك حالياً في مدى اندفاع وحماس رئيس الوزراء البريطاني بورس جونسون .
لا ريب أنّ احدى العوامل الستراتيجية التي ترسم وتشكّل معالم السياسة الخارجية الأمريكية هي الشركات , وتتصدّرها شركات النفط العملاقة وشركات الأسلحة , وبإختزال ذلك فإنّ الكمّ الهائل من الأسلحة الأمريكية المرسلة الى اوكرانيا , فإنّ الحكومة الأمريكية تشتريها من هذه الشركات , لكنّ ذلك لايغدو السبب الوحيد في الإندفاع الغربي المشترك ضدّ موسكو , فكأنّ الترسّبات المتراكمة للحرب الباردة مع الأتحاد السوفيتي السابق لم تستطع التخلّص من هذه العقدة المتجذرة في سايكولوجية الغرب – السياسية , وذلك ليس بكافٍ ايضا .! , فللمسألة ابعاد اخرى لم تتكشّف بعد .
من جانبٍ آخرٍ أبعد في جيوبوليتيك هذه الحرب , فكان تصريح الرئاسة الروسية ليوم امس ” المختصر في عددِ كلماته ” والذي جاء فيه : –
< إنّ الحرب يمكن ان تتوقف خلال يوم اذا اعلنت اوكرانيا استسلامها > .! , فهذا التصريح المدروس بعناية , فتدرك موسكو أنّ لا مجال لإعلان الإستسلام في المدى الراهن , لكنّه سوف يثير نوازع التفكيرو التأمّل به والتفاعل معه سيكولوجياً وسوسيولوجياً ” وما يمكن ان يفرزه ذلك ” لدى اوساط الأوكرانيين سواء على مستوى الجمهور او القوات المسلحة , والدعوة الروسية للإستسلام تختلف كليّاً عن ايّة معانٍ مرفوضة ومنبوذه عالميا – انسانيا وثقافيّاً لمفهوم الإستسلام , فعدا أنّ احتمالات انتصار اوكرانيا في هذه الحرب معدومة كلياً حتى في اضغاث الإحلام , وكأنها محكومة بالإعدام مسبقاً , وعدا ايضاً أنّ عدد اللاجئين الأوكرانيين الى الخارج بلغ 5 ملايين لاجئ لحدّ الآن ” والعدد مرشّح للإرتفاع في ظل إتّساع جبهة المعارك والقصف الروسي ” , لكنّه وكأنّ لهذا الإستسلام المفترض فلسفة خاصة تُلقي بظلالها على ارض الواقع ومتطلباته .! اختزال هذه الفلسفة يتمحور عن ماهيّة الضرورة لفقدان مزيدٍ من ارواح الأوكرانيين ” لدى العسكر والمدنيين ” , و علامَ فقدان المزيد من اراضي الوطن وتقليص حجم السيادة الوطنية , ناهيكَ عن تهديم الأقتصاد والبنى التحيتية والمصانع , واستحالة تعويض الجموع الغفيرة من المواطنين المتضررين جرّاء هذه الحرب المجنونة التي بطلها زيلينسكي .؟!
التصريح المفاجئ للرئاسة الروسيّة حول وقف الحرب خلال يوم < من دون اطماعٍ من موسكو لإحتلال العاصمة كييف والمدن الأخرى والإستحواذ على مُقدّرات وممتلكات اوكرانيا , فيترآى وكأنّ دعوة الكرملين هذه قد جرت صياغتها < واسلوب تحريرها الصحفي > وِفقَ مشاركةٍ من اساتيذ علماء النفس وعلم الإجتماع وخبراء الإعلام , بالإضافة الى خبراء المخابرات الروسيّة – ربّما .!
ما يجُرُّ وما يدفع لذلك او نحوه , فهو عنصر الوقت – قريبا او بعيداً , وما بينهما .!