هل ستؤول الاوضاع ما بعد موجة كورونا الى سقوط حكومات وانظمة ودول ؟ وكيف يفسر كلام مارك اسپر وزير الدفاع الاميركي الذي حذر من اضطرابات سياسية في عدة دول ..؟
الى اي حد ستكون العديد من دول العالم الثالث في مهب الريح وان بعض الانظمة ستكون لقمة سائغة امام غضب شعوبها بعد ان سقطت عنها الثقة لفشلها في ادارة المحنة ؟
ايضا ، كيف سيكون مصير انظمة وكيانات وتكتلات سياسيةواقتصادية اعتمدت على القوة الغربية والاميركية التي تشير التوقعات الى انزوائها اكثر في المرحلة التالية ؟
ماذا عن الاتحاد الاوروبي .. والى اي حد سيشبه مصيره .. حالة الرئيس الصربي وهو يبكي ويقول : ان الاتحاد خذلنا في محنة كورونا ؟ وهل ستاتي كورونا على كل ما انجزه الرئيس ترامب في مجالات المال والاقتصاد والشعبوية من اجل التجديد للولاية الثانية ؟ والى اي حد سيكون مصير الرئيس ترامب محفوفا بالمخاطر بعد الدعوات الى اقالته بتهمة الكذب والمراوغة في بدايات انتشار الوباء في نيويورك وولاية واشنطن الحدودية مع كندا ؟
وماهي افاق الاقتصاد الاميركي وهل سيتاثر بالانكماش الاقتصادي العالمي مابعد كورونا ؟
وهل سيعيد الرئيس ترامب استراتيجيته من الانحسار الى الانتشار وغزو آبار البترول واسواق الاستهلاك وخاصة في اسيا وافريقيا ؟ ثم .. هل ستكون الحرب الصينية الاميركية هي الخيار المتاح لحسم الصراع على الطاقة والاسواق التجارية وبالتالي السعي لاعادة بناء نظام عالمي جديد ؟ وهل الجدل الاخلاقي والقيمي الشعبي في المرحلة التالية سيشهد ظهور افكار وعقائد ورؤى جديدة في السياسة والاقتصاد وادارة النظم ؟
*****
*موازين القوى العالمية
وباء كورونا ليس كالطاعون الذي اجتاح اوروبا في القرن الخامس عشر , وليس كالانفلونزا الاسبانية التي فتكت بالملايين. .. في تلك العصور كانت الصراعات تتبع الجيل البدائي الثاني في السلاح والقتال وفي ادارة الحروب , واليوم تفشي وباء كورونا يحدث في عصر , اذا تعطلت آلة في مصانع النسيج الصينية , سار نصف سكان العالم عراةً في اليوم التالي .
بمعنى , ان الصين التي ظهر فيها الوباء ,ارغمت على ايقاف 15 % من ماكنتها الصناعية وهذا ما استدعى التوقف عن استيراد 3 مليون برميل من النفط يوميا , ثم انعكس سلبا على اسعار البترول لينتقل التاثير السلبي الى اقتصادات الدول المنتجة للطاقة وايضا على الشركات النفطية الكبرى التي بدورها تدفع رسوما وفي وقت تخسر عوائد كبيرة كانت تذهب الى خزائن الدول الغربية , وهكذا تتقلب مصائرنا وفق لعبة احجار الدومنيو التي نتجت عن النظام العالمي الجديد عقب الحرب الكونية الثانية .
ونلفت هنا الى ان مثل مصنع النسيج الصيني ,يتعلق بجزئية صغيرة جدا مرتبطة بتاثير الوباء على الاقتصاد الصيني وفي مقطع زمني واحد لا يتعدى الشهرين فقط !.
لننتقل الى الصورة الاوسع , اذ نحن امام تعطل شبه تام للاقتصاد الايطالي وبدرجة اقل الاقتصاد الفرنسي , ثم يليه الاسباني والياباني والكوري الجنوبي .
اما الولايات المتحدة التي قررت انفاق الفي ميليار دولار ,فقط لغرض المحافظة على نسبة 50% من الآلية الصناعية والمالية , فانها ستكون في انتظار خسائر جسيمة تزيد على عشرة الاف مليار دولار اذا ما استمرت هذه المحنة لخمسة اشهر .
وفي حسبة اولية ,يقدر ان اقتصادات الدول الصناعية السبع ستكون في انتظار خسائر اساسية لا تقل عن 20 تريليون دولار واخرى ارتدادية في السنوات القليلة المقبلة لا تقل عن اربعين تريليون دولار .
بالمقابل ..تشير الارقام كذلك الى ان الصين والهند وروسيا ستكون الاقل خسارة في المرحلة المقبلة خاصة بعد اذعان القيادة السعودية للطلب الاميركي بخفض الانتاج لاعادة الاستقرار الى اسعار البترول ,ونعلم ان السعودية تسببت بازمة البترول مناكفة ومعاقبة لروسيا , ولما تضطر الى خفض الانتاج ومن ثم عودة صعود الاسعار فان بامكان روسيا ان تعوض باضعاف ما ستخسره في ازمة كورونا .
وبالاضافة الى ما سيستتبع من مرحلة الركود في الاقتصاد العالمي في السنوات المقبلة نتيجة تداعيات وباء كورونا , فاننا امام محنة مصيرية ستواجه الغرب الذي سيتفكك على خلفية فشل الاتحاد الاوروبي بعد بروز نقاط ضعف هائلة في بنية الاقتصاد الاميركي .
وعلى اثر ذلك ..يتوقع بروز قوي للتنين الصيني الذي بدأ يجني من الان ثمار نجاحاته في تقويض الوباء واخذ يتحرك عالميا كمنقذ للبشرية .
ومع هذه النجاح والالمعية الصينية , سيكون منطقيا ان تصبح جمهورية الصين الشعبية قطبا رئيسيا سيجتذب قوى اخرى من بينها الهند , لينتقل هذا المحور من مرحلة معالجة وانقاذ البشرية من الوباء الى عامل بناء لاقتصادات العالم ,او على الاقل ستكون منقذ الاقتصاد العالمي وبشروط الصين نفسها .
* الاتحاد الاوروبي .
يقول الرئيس الفرنسي ايمانويل ما كرون ما نصه : أن تفشي فيروس كورونا يهدد الدعائم الأساسية للتكتل الاوروبي .. وان مشروع الاتحاد في خطر ..
كلام الرئيس ماكرون يستند الى خلفيات خروج بريطانيا وهي القوى الثالثة في المجموعة الغربية الاوروبية بعد المانيا وفرنسا , خروجها ماتزال ارتداداته تضرب في بعض هياكل الاقتصاد الاوروبي , وفي ظل هذه الظروف برزت ارتدادات وباء كورونا على الاقتصاد الاوروبي الذي يعتمد بنسبة 60% على حركة السوق الاميركية التجارية والمالية , واذا اخذنا بالحسبان ان الاقتصاد الاميركي سيلهث لاحقا امام افتتاح اسواق استهلاكية عنوة لتعويض خسائره , فكيف سيكون مصير المنتجات الاوروبية ,؟ وكيف سيكون مصيرها اذا احتاجت الى العون المالي من البنك الفيدرالي الاميركي وهو اصلا بحاجة الى استعادة مدخراته الى سيسحبها الكونغرس تباعا مع استمرار محنة الوباء ؟