23 ديسمبر، 2024 9:36 ص

ما بعد الموصل من دخلها آمن

ما بعد الموصل من دخلها آمن

بدء العد التنازلي لمعركة الموصل، وملامح هزيمة داعش واضحة، ولكنها ليست نهاية المطاف، وعند الحديث عن النصر العراقي؛ لا نغفل قوة عدونا رغم فقدانه زمام المبادرة والأرض؛ ولا الخلاص النهائي من عصابة يشكل العراقيون 90% منها.
تنامت أفكار التطرف منذ عقود، ولا أحد يتوقع أن تكون الأمزجة السياسية؛ لها هذا القدر من الإمتداد داخل مجتمع متمازج العادات والتقاليد، والأقل صراعاً بين المذاهب.
من سالف العصور وتلك التنظيمات الإرهابية موجودة على أرض الواقع، وأداة إستخدمتها المصالح السياسية، وشجعتها على الظهور والسيطرة على الأرض؛ سواء بغض طرف حدودها، وأموال متدفقة ومدارس فكرية، وسقطت مدن لهيمنتها وأحكامها، ومن تلك البيئة موارد وجيوش بالترهيب والترغيب؛ لم يستثني الأطفال. 
داعش حلقة من سلسة تنظيمات إرهابية ترتبط بعقائد مشتركة، ولم تُعد كتنظيم إرهابي بشع يتحرك في مساحة محدودة؛ بل صار أمة لها أيدلوجيا تنفذ بتعليمات مباشرة أو إيحاء، وتُدرس أدواتها الجرمية مباشرة أو بالتكنلوجيا ووسائل التواصل، وأقراص مدمجة، وليس بالضرورة الإنتماء عن طريق اللقاءات المباشرة والإقناع؛ مع وجود جيل يبحث عن إستغلال فسحة حريات الشعوب للتمرد على رفاهيتها وتقاليدها.
يعتقد بعضهم أن المآل أسوء من الحال، وأستناجات من الخارج وطبول من الداخل بسوادوية ما بعد داعش، ونشوء جيل إرهابي أخطر، فمن سبق مَنْ؟! ورسموا لذلك سيناريوهات متعددة منها تمرد الحشد الشعبي، وكأنهم يشككون بعقائد مَنْ قدموا دمائهم دون مقابل، وقولهم إشارة الى القبول بداعش خوفاً من مخاطر ما بعده، أو أنها عصابة أفضل من أجيال إرهابية قادمة.

تُشير التقديرات الدولية والمحلية؛ عن وجود ما يُقارب 100 ألف داعشي في العراق، ولو رحل أو قتل غير العراقيين مع ما يهلكون جراء العمليات الإرهابية؛ فأنه في أحسن التقديرات سيبقى 75 ألف؛ يحلقون لحاهم ويندسون بين المدنيين، أو يختفون لفترة في الصحراء ثم يعاودون النشاط كخلايا نائمة، والأخطر جيل الأطفال والشباب، اللذين تربوا على العقائد الإرهابية.
إن الحرب وحدها لن تكون كافية للقضاء على داعش، وهي تكرار لتجارب دول العرب في مواجهة التطرف بالقوة، والنتيجة ترسيخ أفكارها وتصلب وزيادة تطرف أفعالها؛ دون التفكير بخطوات جادة بالسعي الى سلم مجتمعي، ومحاربة الفكر بالفكر، وترسيخ مفهوم الوطنية؛ ليكون كل مواطن عنصر فاعل ضد أي حالة مشبهوهة.
دوافع سياسية وراء خراب العراق، ومبررات لا واقعية لإثارة النزاعات الطائفية، وغض نظر وفتح حدود خوفاً من إصابة دول إقليمية بعدوى الديموقراطية.
تحرير الموصل لا يعني القضاء على داعش؛ رغم دلالات حسم المعركة وهزيمة داعش؛ إلاّ أن المرض العضال بحاجة الى حلول جذرية، وتفكيك الإشكاليات الفكرية والعقائدية، ومن ثم الشروع بمرحلة السلم الأهلية، وتفعيل أحكام الإعدام بحق الإرهابين، وإعادة النظر بمناهج وتدريسيّ المدارس الدينية، ومَنْ يدخل العملية السياسية بشروطها آمن؛ وعلى أن لا تكون يديه ملطخة بالدماء العراقية؛ وإلاّ سيستمر الإرهاب بخلاياه النائمة وتغذيته الخارجية والمحلية السياسية، وأما عن صراع النفوذ الداخلي والأقليمي والدولي؛ فهناك حديث آخر.