لايخفى على احد ان التواجد العسكري التركي في الاراضي العراقية يعود الى اواسط تسعينيات القرن الماضي ، بذريعة مطاردة مقاتلي حزب العمال الكوردستاني ، بعدما اُرغم النظام الصدامي المباد على سحب قواته من مناطق كوردستان وتحديد الملاذ الآمن للشعب الكوردي ، بناء على قرار مجلس الامن الدولي المرقم 688 الصادر في 5 نيسان 1991.
منذ ذلك الحين وتلك القوات متواجدة بشكل او بآخر في الاراضي العراقية وبعلم من الحكومة العراقية ولكنها لم تحرك ساكنا بشأنها لأعتبارات معروفة.
ترى لماذا يصر الاتراك على المشاركة في عملية تحرير الموصل؟
ولماذا تصر بغداد في الوقت الحاضر على خروج القوات التركية من الاراضي العراقية وتعدها انتهاكا للسيادة العراقية وتقدم شكوى بهذا الصدد لمجلس الامن الدولي ، ولم تكترث للامر في السنوات الماضية؟
لا يختلف اغلب المحللين السياسيين والعسكريين على ان عملية تحرير الموصل من تنظيم داعش الارهابي ستكون لها تداعيات سياسية وامنية وربما جيوسياسية على العراق والمنطقة وهذا هو السبب الحقيقي وراء سعي الاطراف المحلية والاقليمية والدولية لكي يكون لها موقع او موطئ قدم في قضية الموصل.
تركيا هي احد الاطراف الاقليمية التي تطمح ليكون لها دور في العراق بعد دحر داعش عسكريا من الموصل لوجود اطماع قديمة جديدة في محافظة نينوى (ولاية الموصل) وخاصة في الابار النفطية في المحافظة.
ان انقرة وعن طريق قراءتها لما يدور في المنطقة ، تعي جيدا ان هناك متغيرات ستحدث في المنطقة بعد داعش الارهابي والصراعات ستشتد بين القوى السياسية العراقية والاقليمية والدولية بشانها و كل بحسب اجندتها ومصالحها ، خاصة اذا عرفنا ان هناك بوادر لحل القضيتين السورية واليمنية اللتين تعدان من القضايا الاساسية الساخنة حاليا في المنطقة.
لذلك فانقرة تسعى وبشتى الوسائل لكي يكون لها تواجد عسكري في محافظة نينوى من جهة وفي مناطق شمالي سوريا من جهة اخرى ، لتكون ورقتى ضغط بيدها عند تحديد المستقبل السياسي في كل من سوريا والعراق ، ولا يختلف اثنان على ان تركيا لاتريد المشاركة في عملية تحرير الموصل بالذات ، بل تسعى بوساطة هذا الضغط ان تبقى في منطقة بعشيقة القريبة من الموصل التي ستكون بحسب الحسابات العسكرية بمثابة وجودها داخل الموصل.
لذلك فالحكومة العراقية تعلم ان التواجد العسكري التركي في نينوى ليس لتدريب قوات الحشد الوطني وما سواها كما تدعي انقرة ، بل هدفها الاساس السيطرة على آبار النفط في المنطقة فيما اذا حدثت تغيرات في الخارطة السياسية للمنطقة.