أستطيع أن أجزم أن نسبة كبيرة جدا من المرشحين في جميع الانتخابات السابقة والقادمة لا تملك أهدافا حقيقية من أجل خدمة الشعب العراقي . بلْ أرى الكثير منهم يتهافتون تهافتا عجيبا للحصول على مقاعد داخل قبة البرلمان رغم عدم أحقيتهم بهذا الموقع الوطني . فمقعد البرلمان فيه من الاغراءات العديدة الذي يوفر للعضو المنتخب امتيازات مادية ومعنوية ( ربما لا تتحقق له حتى في أحلام المنام ) . فهو مجرد أن يجلس على المكان المخصص له ، ينتفخ ويصبح كالبالون ، ويبدأ منذ اللحظة الأولى بمراجعة حساباته لتطوير حياته الخاصة عن طريق الراتب الضخم وبقية الامتيازات الأخرى التي يتقاضاها بدون وجه حق . والعراقيون ليسوا غافلين عن هذا الأمر الذي بات واضحا ومكشوفا ، والأمثلة لا حصر لها . فكم عضو برلماني ( في جميع الدورات السابقة ) استطاع من خلال الامتيازات الضخمة أن ينتقل من منزل متواضع بسيط الى قصر فاخر يعج بمختلف وسائل الراحة ؟ وكم عضو برلماني لم تسعفه أحلامه بالسفر خارج العراق تمكن من زيارة الكثير من الدول ؟ والطامة الكبرى أن البعض منهم دخل البرلمان وخرج منه براتب تقاعدي مرموق دون أن يقدم أية خدمة تذكر للشعب العراقي ، ودون أن يتفوه بكلمة واحدة ربما تنفع العراقيين . ونتيجة للوضع الفاسد المزمن ، وتسلط الأحزاب والكتل الفاسدة ، أصبح البرلمان العراقي هدفا مغريا للذين يبحثون عن فرص ثمينة لتحقيق طموحاتهم الشخصية بعد أن عجزوا عن تحقيقها في حياتهم العامة . وتأكيدا لهذا الموضوع ،
لدي صديق قديم لايرتقي وضعه المادي والمعيشي الى أكثر من ( دون الوسط ) ولم يتجاوز مورده الشهري حدود الستمائة ألف دينار ، وكان بين الحين والآخر يطرق أبواب الأصدقاء للحصول على بعض المساعدات . وبقدرة قادر حصل على عضوية مجلس البرلمان ( ربما عن طريق حزب معين ) . وخلال ثلاث سنوات اشترى قطعة أرض في موقع مميز في بغداد ، وشيد عليها دارا سكنيا من ثلاث طوابق ، اضافة الى شراء سيارتين حديثتين من النوع الغالي ، وبعد انتهاء الدورة البرلمانية قام بالسفر مع عائلته الى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وتركيا ( من باب السياحة والترفيه ) . وربما يتصور البعض من القراء الكرام أنني أقول هذا من باب الحسد …. لا والله ثم لا والله ، ولكنني أتألم لأنني أعرف أن هذا الصديق لم يقدم خدمة واحدة للعراقيين طوال وجوده كنائب في البرلمان العراقي . كما أعرفه جيدا وأعرف أن هدفه ما كان لخدمة العراق بقدر اهتمامه بخدمة نفسه وعائلته . وليس صديقي وحده ، بل ( 80% ) من المتهافتين للحصول على عضوية البرلمان يملكون نفس الهواجس ونفس التفكير ، ولهذا السبب نرى كثرة المرشحين التي فاقت حدود المعقول والمقبول .