بعد ان كان الجميع يترقب المنازلة الكبرى التي سوف تلي الانتخابات التشريعية على منصب رئيس الحكومة المقبلة للعراق يتفا جئ الجميع بدون استثناء ان السيد مقتدى قد اتخذ قرارا سبق ان اتخذه وتراجع عنه , قرارا شكل صدمةً لكل العراقيين بدون استثناء ووضع علامات استفهام كبيرة امام الجميع .
اولاً يا ترى ماذا سيكون مصير كابينته السياسية المؤلفة من نواب ووزراء ووكلاء وزراء ومدراء عاميين ورؤساء دوائر وسياسيين ومناصرين ؟ بالتأكيد كل هؤلاء لولا سماحته وسمعته لما استطاعوا ان يصلوا الى هذا المستوى العالي من تبني المسؤولية . وكلنا يعرف ان معظم سياسيي التيار من المغمورين الذين لم يكن لهم شان في الماضي القريب لكن قسم منهم استغل الفرصه التي اتيحت له وحقق انجازات شخصية وارتقى والقسم الاخر خيب ضن الجميع بسبب محدودية قدرته وفشله في تقديم العطاء والإبداع .
من خلال مراقبتنا لردود الافعال لليومين الماضيين تبين لنا مصير العديد من هؤلاء , منهم من اعلن عن انسحابه واستقالته العمل السياسي بجملته ومنهم من سكت ومنهم من عقد اجتماعا طارئا على مستوى قيادات التيار لتفادي اثار القرار الكبير . اذن هذا اعتراف كبير لحوالي 90% من قيادات التيار انهم بدون السيد مقتدى لا يستطيعون ان يصبحوا عنصرا مؤثرا في المعادلة العراقية .
ثانياً , من المتضررين من هذا القرار هم السنه في العراق , الملاحظ ان السيد مقتدى الصدر خلال السنتين الماضيتين كان من اكثر المناصرين لقضية السنه في العراق وعبر عن ذلك كثيرا في مناسبات مختلفة , ولذلك كثير من الاطراف السياسية كانت قد تبنت مشاريع سياسية مستقبليه واضعه في حسبانها ان التيار الصدري والمعتدلين في الجانب الشيعي سوف يقودوا الحكومة المقبلة وانه ربما يكون تغيير في سياساتهم تجاه السنة , بهذا القرار هم قد خسروا حليفاُ مستقبلياُ كان من الممكن ان يساعد كثيرا في حل الازمة السنية الشيعية في العراق .ومن الجدير بالإشارة ان سكوت الصدر وعدم التصريح بخصوص ازمة الانبار ربما يكون من اسبابه الرفض الكبير للسياسة الحكومية تجاه الانبار وانه كان يفكر في الانسحاب من الساحة السياسية .
ثالثا , من الاطراف التي قد تكون تنفست الصعداء وتدعوا الله ليلاً ونهاراً على ان لا يتراجع الصدر عن قراره هم في المرتبة الاولى دولة القانون , الان وبعد ان اصبحت الساحة بدون مقتدى تم ازالت عقبة مهمة من تلك العقبات التي تمنع المالكي من استلام رئاسة الوزراء للمرة الثالثة .هذا القرار من المحتمل ان يقلص نواب الاحرار في البرلمان المقبل الى نصف العدد الذي يملكونه حاليا . وبالتالي سوف يكون تأثيرهم محدودا اذا ما اختاروا البقاء على سياسة التيار التي ترفض منح ولاية ثالثة للمالكي , او انهم من الممكن ان ينضموا الى اتلاف المالكي بعد ان يتحرروا من وصاية السيد مقتدى الصدر . وهذه هي الجائزة الكبرى التي ينتظرها المالكي .
رابعاُ , هناك طرف شيعي كبير تأثر كثيرا ببروز اسم السيد مقتدى الصدر على الساحة السياسية بعد عام 2003 , انه المجلس الاعلى الاسلامي الذي يترأسه ال الحكيم , هذه العائلة كانت تأمل ان تهيمن على المشهد الشيعي بكل تفاصيله لكنها اصطدمت بالظهور القوي للسيد مقتدى الصدر على المشهد السياسي الذي استطاع ان يهيمن على قاعدة كبيرة من المجتمع الشيعي في مختلف ارجاع العراق وذلك كان في فترة كل من الاخوة باقر و عبد العزيز الحكيم , وبعد مجيء عمار الحكيم اعاد الروح مرة ثانية الى جسد المجلس الاعلى وأصبح التياران اكثر قرباً , ولكن على الرغم من كل ذلك إلا ان المجلس الاعلى سوف يقفز في سره فرحا لهذه الفرصة .
السؤال الاخير من هو الاقدر على الاستحواذ على شظايا التيار الصدري الذي سوف يحدثه الانفجار الكبير ؟ هل سيكون جعفر الصدر قادر على مليء الفراغ الذي سوف يتركه غياب الصدر ؟ بالتأكيد سوف تتنافس الاحزاب والكتل الشيعية على قاعدة صدرية شعبية كبيرة تمتد من مدينة الصدر والشعلة وبعض اجزاء بغداد الشيعية الاخرى بالإضافة الى جنوب ووسط العراق الذي توجد فيه قواعد شعبية مهمة للصدر .