رغم إن علاقة السعودية بنظام البعث وصدام لم تكن على ما يرام منذ احتلال الكويت ودخول القوات العراقية مناطق سعودية إلا ان السعودية بقيت وفية في مواقفها ودعمها لنظام الحكم السني في العراق حتى وان تخلت عن نظام صدام الذي تمرد على كل جيرانه وأصدقائه من الحكام العرب السنة عندما وصف الملك فهد بخائن الحرمين وأطلق على حسني مبارك صفة الكذاب.
بعد عام 2003 وسقوط نظام البعث واحتلال العراق من قبل الأمريكان تأخر العرب كثيرا عن دعم العراق وشعبه بسبب رؤيتهم القاصرة وبسبب عدم امتلاكهم للخبرة والانفتاح والمعرفة بطبيعة العراقيين،فتناسوا أخطاء صدام رغم انهم من حشدوا عليه وانطلقت جيوش المحتلين من الخليج ومن السعودية والكويت وقطر والإمارات واتهموا شيعة العراق بالخيانة والارتماء بحضن المحتل وهم من جاءوا بالمحتل.
العرب والسعودية لم يتخلوا عن العراق فقط بل فتحوا أبواب جهنم عليه وحشدوا كل طاقاتهم وأموالهم وكلابهم ومرتزقتهم بعد ان مسخوهم الى قردة وخنازير وأرسلوهم للقتل والتخريب بحجة الدفاع عن حقوق أهل السنة،ولو ان السعودية والعرب تركوا الأمر للعراقيين لكانت أوضاعهم وأحوالهم أفضل بكثير حتى من أحوال العرب والخليجيين.
الأمر السيئ ليس في السعودية ودول الخليج والدولة العثمانية التي دخلت على خط إرجاع هيبتها المسلوبة بل في سنة العراق الذين تخلوا عن عراقيتهم وتمسكوا بعروبتهم وقوميتهم الملغومة بالأفكار المتطرفة والمنحرفة فجنوا على مدنهم وعلى أهلهم بما جنت براقش على نفسها.
المغالطات السعودية والعربية والتركية والأمريكية لم تنتهي بالبكاء على العروبة والإسلام بل امتدت إلى تمزيق النسيج الوطني العراقي بعد ان تخيلوا ان إشاعة الطائفية من شانها ان تحد من نفوذ الشيعة الصفويين الموالين لإيران وتنال منهم ومن وجودهم بما كانوا يرسلونه من قتلة ومجرمين ومفخخات وأحزمة ناسفة تهلك الحرث والنسل حتى كادوا آن ينجحوا في إحدى جرائمهم لكن مرجعية النجف فوتت الفرصة على المتربصين وتحملت مرارة تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء.
الغريب ان كل مرحلة من عمر العراقيين كانت لها أجنداتها وخططها المعدة مسبقا من السعودية وحلفائها الذين يتكاثرون كما تتكاثر الديدان في المناطق القذرة.
السعودية تحملت مسؤولية زعزعت امن العراق وقتل أبنائه وتمزيق نسيجه الوطني بعد الاتفاق مع نظرائها ومع الموالين لها في العراق من قادة سياسيين وشيوخ عشائر ورجال دين وقادة بعثيين وإرهابيين دون مراعاة لحق الجوار والمواثيق الدولية فتسببوا بزيادة معاناته وفي تدميره وفي تقطيع أوصاله وفي إهدار أمواله وخيراته.
لم تعتمد السعودية على جانب واحد وعلى منهج واحد في محاولاتها تدمير العراق وقتل أبناءه بل استخدمت كل الأساليب غير المشروعة في الاتجاهات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ان خلاصة ثلاثة عشر سنة من تدخل السعودية في الشأن العراقي أنتجت تدمير كامل للمناطق السنية وتشريد الملايين من أبناء هذه المناطق داخل العراق وخارجه وضياع لهوية مكون مهم وفاعل في المجتمع العراقي.
ان القاعدة وداعش والوهابية لن تكون أخر جرائم السعودية في العراق لكن المؤكد هو ان كل خطط السعودية تكون نتائجها عكسية على من يتباكون عليهم فهل سيتعظ سنة العراق.