اعتدنا في العراق ( الجديد ) ان نرى المعجزات تحصل ابتداء” من صخرة عبعوب مرورا بداعش التي هبطت من السماء على الفلوجة ، وصولا الى سقوط الموصل بليلة واحدة ودون مباغتة بالطبع كون الاستنفار قائم والاجهزة الامنية كبيرة بعديدها وميزانياتها .
وكعادتنا عندما لا نجد تأويلا مقبولا نلجأ الى نظرية المؤامرة لتسعفنا بمفرداتها التي لا تغني ولا تضر : مخطط // مشروع // تحت الطاولة // مؤامرة كبرى // القاعدة ايرانية // امريكا // ايران //السعودية وقطر…آلخ وكل ذلك يبحث دون بحث في كيفية سقوط الموصل بهذه السرعة وبهذه الطريقة المزرية .
سأسمح لنفسي كمختص بأن اجيب على السؤال بعيدا عن نظرية المؤامرة وسأبتعد قدر الامكان عن السياسة ولن اتطرق لأعتصام الانبار السلمي ولا للفقاعة النتنة بل سأتحدث عن الخلل العسكري الحقيقي الذي ادى وقد يؤدي الى الفشل مستقبلا على ان لا يتوقع القاريء العزيز مني اجابة متكاملة لأن الموضوع اعقد مما نتصور بكثير .
رغم التفوق العسكري الساحق في العديد والعدة الا ان هناك حقيقة طالما رددناها وهي ان الجيش كيان ضعيف …اكرر كيان ضعيف يستمد قوته الحقيقية من الضبط ..وأن اعداء الضبط اولها عدم الايمان بالقيادة واهدافها وتدني المعنويات التي يصنعها الضبط وتصنعه ، والحرب الطويلة الامد التي تورث الفساد وتورث ضعف التدريب ،ويبقى الرابع والاخير وهو غياب روح الفريق (team spirit)
اذا جيشنا كيان ضعيف بسبب عدم الايمان بالقائد بسبب اختيار قادة الجيش من لدن شخص واحد ولكون القائد مهما كان فهو ينتمي لوزارة شملها جزء من الفساد العام وبذلك فهو لن يتمكن من التأثير في جنوده وخلق ضبطهم او ادامته…يتبع ذلك تدني المعنويات التي لمعرفة اهميتها نذكر الطريقة السوفييتية القديمة في قياس القدرة القتالية لوحدة معينة وذلك باعطاء رقم للجندي ورقم للتدريب ورقم لكل سلاح في الوحدة وعندما تظهر النتيجة يتم ضرب الرقم في المعنويات فاذا كانت المعنويات صفر فالقدرة تكون صفرا لتلك الوحدة …اما الحرب الطويلة فجيشنا يخوض الحرب منذ فجرت ايران المرقدين الشريفين ولحد الآن مما جعل امكانية تدريب هذا الجيش عملية مستحيلة ولا ننسى بالطبع اهمية التدريب في خلق الضبط وادامته …يبقى لدينا روح الفريق التي تبقى هي على رأس الاشياء التي تثير الحماس والاقدام ولا يمكن بالتاكيد خلقها في جيش موزع على السيطرات..سيطرة سيد الحليب وسيطرة النافورة وغيرها .
لي بحوث قديمة عن التسرب اكدت فيها على ان اخطاء السياسة لا يصلحها العمل العسكري مهما كان دقيقا ، وأشرت فيها الى ان الانهيار قد يحصل في لواء بكامله لاسباب غير موضوعية بل نفسية ونحن نرى اليوم كم شنت الحكومة دون قصد حربها النفسية على الجيش بتكرار داعش الف مرة في اليوم على الاقل لتصنع منها شماعة تعلق عليها كل الفشل ولكن الامر جاء بالمقلوب واصبحت داعش تحمل القوة المضافة من بين انواع القوة الثلاث واصبح اسمها مرعبا للجندي والضابط ولعل الجيش البريطاني كان مصيبا في تعميماته للقطعات بعدم ذكر اسم رومل لكون اسمه كان يثير الفزع.
اعتقد اني نجحت نسبيا في توضيح ان الانهيار في الموصل لم يكن غريبا ولا يحتاج للجوء الى نظرية المؤامرة.