23 ديسمبر، 2024 1:01 ص

ما الذي تشاهده طائرات الاستطلاع الايطالية المسيرة حينما تراقب الارهابين فوق العراق

ما الذي تشاهده طائرات الاستطلاع الايطالية المسيرة حينما تراقب الارهابين فوق العراق

بقلم روبرت ماكي “جريدة نيويورك تايمز”
افرج سلاح الجو الايطالي مؤخرا عن تصوير خاص نشرته مجلة “ليسبريسو” الايطالية يظهر مشاهد لاهداف تابعة لتنظيم داعش الارهابي في العراق.

ويبدو هذا التصوير الذي تم بواسطة المراقبة الجوية لاهداف يشتبه بكونها تعود الى تنظيم داعش وهي تتحرك في العراق، يبدو مألوفا للعيان.

وحسب التصوير الذي وضع على موقع مجلة ليسبريسو الايطالية يوم الجمعة الماضي، فان المشهد يبدأ بلقطات بالابيض والاسود لنقطة تفتيش على احد الطرق شمالي العراق، حيث كان هنالك علم اسود يرفرف اعلى تلك النقطة.

بعد ذلك، يأتي شيء مختلف كليا الى درجة غير متوقعة، شيء يتمثل في تصوير ملون بدقة عالية لاربع اشخاص مسلحين يخرجون من احد المنازل نحو الشارع في احدى البلدات الصغيرة. في احدى المراحل، تبدأ الصورة بالاقتراب من الهدف فجأة على اثنين من المسلحين الذين كان احدهما طفلا يحمل على كتفه بندقية فضلا عن ان ملامح طفولته في الصورة توحي بانه قريب الى الرجل الذي كان بجانبه. وقد كانت الصورة شديدة الوضوح الى درجة ان ضلال الاشياء كانت بادية بما يمكن ان يدقق كذلك.

يقول السيد توماس كينان الذي يدير برنامج حقوق الانسان في كلية براد عبر رسالة الكترونية عن هذا المضوع، يقول معلقا “ان هذه الصور تظهر الكثير من المقدرة والامكانية”.

ويضيف كينان “ان التقريب الشديد الذي تمكنت من معدات المراقبة مثير للاهتمام بوجه خاص، وكما هو الحال مع حقيقة ان تلك المعدات ليست مضطرة للمراقبة المباشرة من الاعلى”. ويضيف كذلك “ان من الواضح، من بين اشياء اخرى، ان هؤلاء المقاتلين لا يخفون او ينكرون عدم اكتراثهم لموضوع الدمار المصاحب. غير ان المعدات والتكنولوجيا باتت تسمح بالمراقبة بدقة عالية منقطعة النضير”.

اما السيد ايال وايزمان، وهو معماري اسرائيلي يعمل مع السيد كينان ضمن مجموعة الدراسة المعمارية المتعددة، فقد تمسك بقوة بتحليل بالادلة المكانية لتحقيقات جرائم الحرب، و ذلك ضمن ملاحظة حملت نبرة التحذير التقليدي. وقال وايزمان “لقد تم التقاط تلك الصور اما في بداية اليوم مبكرا او نهايته”. واضاف كذلك “من دون ضلال

تحدد هيئتها، فانه ليس بمقدورنا ان نتثبت من حقيقة ما اذا كانت تلك اسلحة فعلا ام لا”.

ويقول السيد وايزمان “بما ان الصور التي تلتقط اثناء معظم اوقات اليوم ستكون من دون ضلال واضحة، فأن اظهار هذه الامثلة النادرة يمكن ان يسبب انحرافا في فهمنا للكيفية التي ترى بها الطائرات المسيرة الاشياء، ومن ثم رؤيتنا نحن لها”.

واضاف وايزمان ان عدم وجود الضلال الطويلة التي تسهل امر رؤية وتحديد الاسلحة في الصور التي قدمها سلاح الجو الايطالي للمجلة من عدمه انما يمكن له ان يعتم على حقيقة ان تلك الصور التي جمعتها الطائرات المسيرة من دون طيار تعني في حد ذاتها انها ادلة ناقصة وغير متكاملة على اناس على الارض انخرطوا في اعمال عسكرية او مليشياوية. وقال كذلك “ان معظم تلك الادلة التي تم الحصول عليها، ولا تزال، من خلال الطائرات المسيرة انما تبدو اكثر غموضا و حسب”.

واستذكر وايزمان قائلا “لقد قامت الطائرات الاسرائيلية المسيرة بمهاجمة فلسطينيين كانوا يفرغون حاويات غاز لصالح منشأة طبية اعتقادا من طياريها انها تحتوي صواريخ صغيرة”. كما قال كذلك “اما في وزيرستان الباكستانية، فقد بدت المجاريف والمعاول اسلحة حسب كاميرات الطائرات، حيث تم مهاجمة الناس هناك ببساطة لمجرد انهم كانوا يحملونها بناءا على الاعتقاد بكونها اسلحة وليست غير شيء.”

واستدرك وايزمان يقول “ان العديد من الاميركيين يحملون السلاح كذلك!”.

حسب مجلة ليسبريسو التي تمكنت من الحصول على فيلم صوره الطيارون الايطاليون فوق العراق بغية تحديد اهداف لصالح قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، فأن معظم انشطة المراقبة تلك تبدو غير دراماتيكية الى حد بعيد وتتضمن دراسة لانماط السلوك لساعات طويلة، او ما يشبه القراءة الاجتماعية من الاعلى.

تنقل مجلة ليسبريسو ان مشغلي الطائرات المسيرة يشاهدون اهداف عسكرية تقليدية قليلة جدا من خلال غرف السيطرة الخاصة بهم في قواعد عملهم في الكويت. فهنالك عدد قليل جدا من الدبابات وباقي العجلات العسكرية الاخرى الى جانب عدد اكبر بكثير من الجرارات وبضعة صفوف من الجنود المتمثلين في رجال مسلحين يجوبون المناطق على شكل مجموعات صغيرة تختلط بالمدنيين.

يقول السيد كينان “ان جزءا كبيرا من المراقبة التي تنفذها الطائرات المسيرة من دون طيار انما يتمحور على هذا الكلام المتمثل في مراقبة الانماط والوتائر والعادات والطرقات”. ويقول كذلك “انهم يحصلون على كميات كبيرة من المعلومات بهذه الطريقة، سواء عن الافراد الذين يتم تتبعهم على نحو فردي كما هو واضح من الفيلم الذي نشرته ليسبريسو، او بشكل اجمالي عام”.

ضمن كتابه المعنون “نظرية الطائرة المسيرة”، يشرح الفيلسوف الفرنسي غريغوري شاميو قائلا “ان مسؤولي البنتاغون يعمدون الى تحليل كل انماط ووتائر الحياة التي عادة ما تستخدم بغية استهداف الافراد الذين تضل هويتهم غير معروفة لكن سلوكهم يقترح او يشير الى عضويتهم في منظمة ارهابية ما”.

من جانبها، اشارت ليسبريسو الى ان سلاح الجو الايطالي كان ولا يزال يسير طائرات مراقبة من دون طيار منذ العام 2004، وان ساعات الطيران والمراقبة الايطالية فوق العراق وافغانستان وليبيا ومنطقة البحر المتوسط والقرن الافريقي بلغت اكثر من 24000 ساعة.

من جانب آخر، منحت وزارة الخارجية الاميركية الشهر الماضي موافقتها النهائية على تزويد ايطاليا بطائرات مسيرة مسلحة لتضاف الى ترسانة البلاد المسلحة.

في الوقت الذي تتم فيه دراسة الصور الخاصة بالحياة اليومية في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش بحثا عن اهداف اكثر، شهد الطيارون الايطاليون ما يقولون انه اشارات وعلامات على قدر من المقاومة الماكرة ضد التنظيم الارهابي المتطرف. ويتضمن هذا الكلام لعب الاطفال في بعض الاحيان كرة القدم التي تعد محظورة في بعض مناطق ما تعرف بدولة الخلافة بدعوى انها تمثل انحرافا عن الجهاد.