23 ديسمبر، 2024 12:27 ص

ما اشبه اليوم بالبارحة!..

ما اشبه اليوم بالبارحة!..

*سأبقى الى ابعد الحدود رافضا للحلول الدموية بين العرب والاكراد لسبب بسيط هو ان الغالبية العظمى من الناس البسطاء غالبا ما يكونون هم وقود هذه الحرب, وهو ما ينطبق ايضا على جميع الحروب البينية والكونية.وفي ذات الوقت لابد من الاشارة الى ان هؤلاء الناس هم الفئة الاكثر استجابة لاهواء القادة المغامرين الذين يقدمون انفسهم على انهم وطنيون يسعون لانتزاع حقوق هذه الطبقة او الطائفة او القومية من براثن الطبقات والطوائف والقوميات الاخرى التي تهظم حقوقهم, ويبشرون الناس ب (جنة الفردوس ) وبالخيروالرفاه القادم! فيما الناس البسطاء تصاب بالخدر وتلقي بجسدها على وسادة هذه الشعارات دون وعي او ارادة. وعندما تجرهم هذه الافكار الى حروب ودماء وشظف عيش ويتضح بطلانها فيما بعد ,يندمون ,حيث لا ينفع الندم ويضحون وقودا لحروب باطلة لا تمثل الا نزوات زعماء فرضوا انفسهم بالقوة والترهيب محاطين بعصابات مدربة على شيئ واحد هو, الطاعة والتنفيذ.هذا ما بشرونا به قبل وبعد اسقاط النظام السابق اثر الاحتلال عام 2003 واندفع الناس الى صناديق الاقتراع للتصويت على اول دستور ديمقراطي للعراق بعد حقبة دكتاتورية وصراع وحروب وحصارات ,ولم ينتبه او, حتى لم يقرأ الدستور اكثر الناس ثقافة بيننا فضلا عن الاميين, وما ينطوي عليه من مواد وفقرات و(الغام وتناحرات مؤجلة). اليوم, يعيد التاريخ نفسه ويسارع البسطاء من الكرد للتصويت على الاستفتاء,الخطوة الاولى التمهيدية, للانفصال, وسيلمس الكرد بعد حين, النتائج التي لا نتمناها لهم مثلما لمسنا نحن العراقيين العرب ما لمسناه بعد الاحتلال.
* الاستفتاء وقع وفق مبدأ سياسة (فرض الامر الواقع بالقوة ), وهي السياسة التي نجح بها الكيان الصهيوني بعد الاحتلال القسري للاراضي الفلسطينية عام 1948.اما بالنسبة للاستفتاء على انفصال اقليم كردستان والتمدد الذي حصل قبل ذلك على حساب اراضي خارج حدود الاقليم سميت ب( الاراضي المتنازع)فكان يجب ان لا يقع هذا التمدد ثم يفرض الامر الواقع بالقوة, اذ كان بامكان القائد العام للقوات المسلحة العراقية ايقاف خطة تحرير الحويجة,مؤقتا, والانصراف الى اتخاذ كل ما يلزم لمنع تمدد البيشمركة وسيطرتها على المناطق المتنازع عليها وخاصة محافظة كركوك قبل اجراء الاستفتاء.
*لقد ارتكبت القوى السياسية الرئيسية الحاكمة ما بعد الاحتلال 2003 خطأين كبيرين فيما يتعلق بالقضية الكردية هما :الالحاح على الكرد بالعودة الى حضن العراق بعدما كانوا مستقلين تماما تحت الحماية الامريكية منذ 1991 في ثلاث محافظات ,اربيل والسليمانية ودهوك,و كان من الخطأ ايضا اعطاء تطمينات اصلا حول اجراء مسح واستفتاء في كركوك وفق المادة 140 من الدستورلان هذه المادة اضفت نوعا من الشرعية على عائدية كركوك الى الاقليم. والخطأ الثاني الاكبر هوالسماح لقوات البيشمركة بالمشاركة مع القوات العراقية في تحرير بعض المناطق التي تمركزت فيها واعتبرتها من ضمن المناطق المتنازع عليها ثم عدم استباق انتشار القوات الكردية في كركوك وبقية المناطق باجراء من قبل الحكومة الا تحادية لمنع هذا الانتشار.وازاء ما حصل بعد جرى الاستفتاء فان الدولة العراقية ملزمة ان تتعامل باساليب وطرق جديدة قانونية ودستورية واقتصادية واستخدام كل وسائل الضغط على حكومة الاقليم وتستغل الاجماع الدولي على رفض وعدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء وما يترتب عليه وبخطوات سريعة كي لا يفتر ويتفتت هذا الاجماع الدولي عندما لا يلمس ردود افعال فعالة وعاجلة للحكومة الاتحادية العراقية.