23 ديسمبر، 2024 9:09 م

ما أنصفك المسلمون يا أبا الحسن (ع)

ما أنصفك المسلمون يا أبا الحسن (ع)

لقد بقى علي بن أبي طالب (ع) على مر العصور الامتحان الأكبر للأمة وكيف لا يكون كذلك وقد قال فيه رسول ألله (ص) (يا علي هلك فيك أثنان محبٍ غال ومبغضٍ قال ) وبقى علي بن أبي طالب (ع) سر ألله الأكبر والنجم الذي يهتدى به المهتدون ولكن كثرت المبغضين والحاسدين هو الذي أبعدوا الأمة عن الطريق المستقيم برغم التأكيد الكبير لله سبحانه وتعالى على تبيان الحق بالادلة العقلية والنقلية وقد تكررت هذه الأدلة في أغلب سنين الأسلام الى أخر ساعات حياة رسول ألله (ص) , فلم يذكر التاريخ الأسلامي بشتى كتّابه وعلمائه شخص كما ذكر علي بن أبي طالب (ع) لا لعدالتهم فذكروه ولكن لكثرت فضائله فلم يستطيعوا أخفائها جميعاً فخرج عنهم ما أدهش العقل واللسان ولم لا والرسول (ص) لم يترك أمراً او حدثاً ألا وذكر علي بن أبي طالب (ع) فيه , أما يوم الغدير وأعلان ولاية أمير المؤمنين (ع) فيه لم يكن إلا نتاج السنين الماضية من حياة الأسلام والرسول (ص) فقد أكد ألله سبحانه وتعالى على ولاية أمير المؤمنين من لحظة ولادته الى لحظة أستشهاده فقد دخل الى الحياة من بيت ألله وخرج منها في بيته أيضاً ومابين هذا وذاك فلم يصدع إلا بأعلاء كلمة ألله .
فقد ذكر المؤرخون قاطبةً أن علي بن أبي طالب (ع) ولد في الكعبة ولم تدخلها أمه فاطمة (ع) من الباب كما هو المعتاد ولكن الكعبة شقت جدارها متعجلةً لولادته فيها لكي تفوز بهذا الشرف العظيم , علما ً لم ينل هذا الشرف أحد من البشرمن أدم (ع) الى قيام الساعة إلا علي بن أبي طالب (ع) , وقد أعلن رسول ألله (ص) خلافته وولايته وهو صبي مابين العاشرة أو الخامسة عشر من عمره عندما نزلت أية (وأنذر عشيرتك الأقربين ) وقد جمع رسول ألله (ص) بني عبد المطلب وكان عددهم حوالي أربعين شخصاً وعرض عليهم أصول الأسلام وقال (أيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصي وخليفيتي فيكم من بعدي ) فسكتوا ولم يتكلم أحد منهم فقام علي (ع) وكان أحدثهم سناً وقال أنا يارسول ألله (ص) ,فأعاد عليهم الرسول (ص) الحديث ثانياً وثالثاً وفي كل مرة لايجيبه أحد إلا علي (ع), فلما رأى إحجامهم أخذ برقبة علي (ع) وقال (إن هذا أخي ووصيي وخليفيتي فيكم فأسمعوا له وأطيعوا ) .
وبعد أن هاجرَ رسول ألله (ص) الى المدينة أخا مابين الأنصار والمهاجرين حتى يكسر كل الحواجز التي بنتها الجاهلية مابين العرب بالأضافة الى مساعدة المهاجرين الذين تركوا كل مايملكون وراء ظهورهم وتوجهوا الى ألله وقد أخا رسول ألله(ص) ما بين جميع المسلمين إلا علي بن أبي طالب (ع) فأستغرب المسلمون من هذا الأمر ثم قال ألنبي (ص) أما ترضى يا علي أن أكون أخاك فتهلل وجه علي (ع) وقال بلى يا رسول ألله فقال النبي (ص) أنت أخي في الدنيا والأخرة , وفي السنة الثانية للهجرة ضرب علي بن أبي طالب (ص) صناديد قريش وقد قتل في معركة بدر نصف القتلى وباقي المسلمين النصف الأخر , وفي السنة الثالثة للهجرة حاول المشركون الانتقام لهزيمتهم في معركة بدرفجهزوا جيشاً كبيراً وتقدموا الى المدينة وألتقى الجيشان عند جبل أحد وقد أنتصر المسلمون في بادئ الأمر ولكن عدم تنفيذهم لأوامر رسول ألله (ص) قلب النصر الى هزيمة وهرب المسلمون جميعهم إلا رسول ألله وعلي بن أبي طالب (ع) وابو دجانة وسهل بن حنيف وقد وقفوا حول رسول ألله (ص) يدافعون عنه وعندما تأتي كتيبة للمشركين يقول الرسول (ص) يا علي رد هذه الكتيبة عني فيردها علي بن أبي طالب (ع) وهكذا حتى رد الامام علي (ع) جميع كتائب المشركين على أعقابهم ونقذ رسول ألله (ص) من بين أيدي المشركين . وفي السنة الخامسة للهجرة جمع المشركون كل حلفائهم من العرب واليهود للقضاء على المسلمين فتقدموا الى المدينة التي حفر حولها المسلمون خندقاً لحمايتها من المشركين ولكن بعض الكفار عَبرَ الخندق ومنهم عمر بن ود العامري الذي أراد البراز مع المسلمين ولكن لم يجبه أحد خوفاً منه إلا علي (ع) ولكن أبقاه رسول الله (ص) واستمر الطلب ثلاثاً والرسول (ص) قد ضمن الجنة للذي يخرج ويبارز عمر ولكن المسلمين كأن الأمر لم يعنهم من شدة خوفهم إلا علي بن أبي طالب (ع) الذي خرج أليه وقتله وهرب جيش المشركين وبذلك كفى ألله المسلمين القتال وقد قال رسول ألله (ص) (إن لضربة علي يوم الخندق لتعادل عبادة الثقلين ), وبعد صلح الحديبية توجه رسول ألله (ص) الى خيبر ذلك الحصن المنيع الذي كانت تخشاه العرب بسبب حاميه مرحب,فقام رسول ألله (ص) كل يوم بأعطاء الراية لرجل من المسلمين ولكنهم جميعاً قد فشلوا بالسيطرة على الحصن عندها قال ( وألله لأعطين الراية غداً رجلاً يحب ألله ورسوله ويحبه ألله ورسوله ) فقد تمنى جميع المسلمين الراية ولكن الرسول (ص) قد أختارَ علي بن أبي طالب(ع) بالرغم من مرضه فتقدم أمير المؤمنين (ع) الى الحصن فقتل مرحب وفتح الحصن الذي عجز عنه ابو بكر وعمربن الخطاب , وبعد فتح مكة تجمع المشركون من هوازن وثقيف وأحلافهما من مشركي العرب لمقاتلة المسلمين في مكة وعندما سمع رسول ألله (ص) بالأمر خرج من مكة لملاقات المشركين وقد باغت جيش المشركون المسلمين فأمعنوا فيهم القتل ففر المسلمون ولم يبقى مع رسول ألله (ص) إلا نفر قليل في مقدمتهم علي بن أبي طالب (ع) وقد وبخ ألله سبحانه وتعالى المسلمين على فرارهم من الحرب أذ قال (ويوم حنين أذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغني عنكم شيئا……..فأنزل ألله سكينته على رسوله وعلى ألمؤمنين) وأنقلبت هزيمة المسلمين نصرا بثبات علي بن أبي طالب (ع) والقلة القليلة من بني هاشم , وبعد معركة حنين خبا الكفر والشرك وكاد أن يصيبه الأفول لولا فلول من الشرك بقيت هنا وهناك , لقد أجتمع عدد كبير من المشركين في مكان يدعى وادي الرمل وأتفقوا على غزو المدينة فعلم رسول ألله (ص) بهم فأرسل أليهم أبي بكر بجيش من المسلمين ولكنه عاد منهزماً وعاد الكرَ رسول ألله (ص) مع عمر بن الخطاب ولكنه عاد منهزماً أيضاً ومن ثم أرسل عمر بن العاص وعاد كما عاد صاحبيه وبعدهم أرسل علي بن أبي طالب (ع) وقد جعل هؤلاء الثلاثة تحت أمرته فتقدم علي بن أبي طالب (ع) الى المشركين يزحف ليلاً ويكمن نهاراً حتى باغت المشركين وهزمهم أشر هزيمة وعاد الامام علي (ع) والنصر معه فستقبله رسول ألله (ص) وقال له ( لولا أني أشفق أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك مقالة لا تمر على ملأ من الناس إلا اخذوا التراب من تحت قدميك ) وسميت هذه الغزوة بغزوة بني المصطلق , وفي السنة التاسعة توجه رسول ألله (ص ) والمسلمين الى أرض الروم لكي يغزو الروم في عقر دارهم بعد أن تعدوا على المسلمين هناك ولكنه لم يصطحب علي بن أبي طالب (ع) معه فعز الأمر على الامام علي (ع) فشكى ذلك لرسول ألله (ص) فقال له ( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) وكما يروي أحمد في مسنده أنه قال له لاينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي وبعد غزوة تبوك في نفس العام أنزل ألله سبحانه وتعالى سورة براءة لتعطي البيان الأخير ضد المشركين ولتبين حدودهم والمعاهدات التي أبرمت معهم فأرسل رسول ألله (ص) ابي بكر بسورة براءة لكي يبلغها بالناس المجتمعين في الحج من المشركين والمسلمين وبعد أن ذهب أبي بكر بالسورة أرسل ألله سبحانه وتعالى الى رسوله (ص) الوحي وأخبره بانه لايؤديها إلا أنت أو رجل منك فأرسل رسول ألله (ص) علي بن أبي طالب (ع) خلف أبي بكر لكي يأخذها منه ويبلغها في الناس بأمر من ألله سبحانه وتعالى
هذه بعض الروايات التي تؤكد على أولوية وفضل الأمام علي (ع) على الأمة وتبين تأكيد رسول ألله (ص) على ولايته وخلافته له وقد أعطى لهذا الأمر ألاولوية ولكن ألأمة انقلبت على عقبيها وتركت أمر نبيها بتنصيب علي بن أبي طالب (ع) خليفة ً للمسلمين حسداً وبغضاً , فقد بذل الامام علي (ع) كل مايملك لكي تنعم هذه الأمة بعظمة الأسلام وعدالته وبالمقابل أعطت هذه الأمة ظهرها لحامي الأسلام وناصره بسيفه وعلمه وحكمته وحاولت أطماس فضائله وتهميشه ولكن أبى ألله إلا أن يتم نوره وينشر فضائل علي بن أبي طالب (ع) على ألسن أعداءه فجعلهم يروون فضائله ويكتبونها وهم لا يعلمون وأصبحت أكثر قوةً وتأثيراً , فلم تنصفك الأمة يا أبا الحسن بالرغم من أنصاف ألله سبحانه وتعالى و رسوله لك فسلام ٌ عليك يأ أمير المؤمنين يوم ولدت في الكعبة ويوم أستشهدت في بيت الله ويوم تبعث حيا وتقف على الصراط وتعطي جواز العبور لمن والاك وتمنع من عاداك ومن ثم الملتقى معك إنشاء الله على الحوض لكي تسقي عشاقك من ماء الكوثرفي يوم العطش الأكبر .