ما أشبه اليوم بالأمس هكذا يقال حينما تتشابه احداث جارية مع أحداث مرت منذ مدة قصيرةأوطويلة …والمثل يراد به التعجب والأستغراب وأحياناً السخرية والأستهزاء نحن لا يثيرنا التعجب والأستغراب فكل شيء بات ممكن حتى وأن كان يخترق النواميس والأعراف والتقاليد وووو وكل شيء .
العراقيون يعيشون تطابقاً زمنياً ونوعياً لأحداث تجري عليهم الأن ففي شهر تشرين من عام 1952 أنطلقت أنتفاضة شعبية كبرى ضد الحكم الملكي آنذاك أمتدت الى كل مدن العراق وعمت جميع(ألألوية) سميت بأنتفاضة تشرين بعد أن نفذ صبر الناس وضاقوا ذرعاً من تصرفات وأستهتار النخبة الملكية الحاكمة التي تضخمت ثرواتهم على حساب الفقراء الذين لم يجدوا ما يأكلوه بسبب أرتفاع الأسعار وحالة الكفاف والشح التي يعيشها السواد الأعظم من الشعب نتيجة سياسة الهيمنة البريطانية على مقدرات العراق وأدارة الأمور من وراء الكواليس بأيادي عميلة وتابعة ومتمسحة بالتاج الملكي يطلقون عليهم تندراً في يومنا هذا (الذيول) …وعلى أثر ذلك أغلقت المدارس والكليات والجامعات وفرضت الأحكام العرفية بعد ان شكلت حكومة عسكرية دامت لشهرين عملت على أمتصاص نقمة الجماهير من خلال سلوكيات شكلية توحي بقربها من مطالب المنتفضين فقامت بتسعير الخضروات الأكثر تداولاً بين الفقراء والأرخص كالفجل والخيار والطماطم والأكثرها مبذولاً هوالشلغم متغافلةً عن مواد غذائية بات الحصول عليها من الأحلام بالنسبة لجموع الفقراء كاللحم والفواكه وبعض الثمار فانطلق أحد المتهكمين وارسل برقيةً للباشا الحاكم تعبيراً عن سخرية القدر الذي سلطت من لا يستحق الحياة على رقاب الناس نصها (تسعيركم للشلغم أثلج صدورنا ) .
أما اليوم وقد شاءت الأقدار وبعد أكثر من 67 سنة تنطلق انتفاضة في تشرين أيضاً من عام 2019 ولغاية الأن تطالب الأحزاب والعصابات الحاكمة التي حطمت وأنهت كل القدرات العراقية في العيش الرغيد بما حباه الله من خيرات وكنوز فجفت الأنهر وماتت الزروع وسكت ضجيج وأزيز المعامل كل ذلك لسواد عيون الجيران وبراعية ماكرة وخبيثة من مدمر الأنسانية والشعوب أمريكا وبحكومتها العميقة التي تسعى لرعاية ربيبتها في المنطقة ومصالحها في نهب الثروات وابتزاز الشعوب فعاثت زمرها التي سلطتها فساداً أزكم الأنوف حتى بلغت رائحته الكريهه الى كل أصقاع الدنيا فلا عجب أن يطل علينا احد الوزراء ويقول أن المليشيات المتحكمة تطالب بأصدار أجازات أستيراد لمنتجات زراعية مثل (النبك والشونذر) بعد أن أستحصلت هذه الجهات التحويل المالي من البنك المركزي العراقي وبالسعر المحدد من البنك الذي يؤمن فرقاً عن سعر التداول للدولار في السوق بمئات الألف من الولارات تذهب في جيوبهم والبالغ 90 مليون دولار ما يعادل أكثر من 100مليار دينار عراقي تصوروا حجم المهزلة والسخرية بمصير العباد والبلاد بالرغم من كل الأحداث المدوية والمرعبة خلال 6شهور من أنتفاضة وأحتجاج الجماهير وأعتصامها المتواصل والرجوع القوي والمأساوي لداعش الذي ذهب ضحيته أكثر من 40 شهيداً من خيرة الشباب العراقي في اليومين الماضيين ناهيك عن شبح عدم صرف رواتب الموظفين لعدم وجود غطاء مالي بسبب تدهور أسعار النفط الى الحضيض وجائحة كورونا التي تلقي بظلال الموت على رؤوس الناس في أي وقت…رغم كل ذلك يريدون سرقة 90 مليون دولار، لا أعرف لماذا أستحضر ذهني مقولة أبو سفيان في فلم الرسالة (أي قومٍ نقاتل).