19 ديسمبر، 2024 5:09 ص

ما أسباب ارتفاع عدد المرشحين في الانتخابات البرلمانية العراقية 2014

ما أسباب ارتفاع عدد المرشحين في الانتخابات البرلمانية العراقية 2014

كنت قد نشرت قبل فترة قصيرة مقال بعنوان “النسبة التنافسية على مقاعد مجلس النواب العراقي لسنة 2014 حسب المحافظة” ويمكن الاطلاع على تفاصيله من خلال الرابط التالي على الفيس بوك
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10200979581052254&set=a.1709298072796.70144.1848429906&type=1

وقد سجلت على تلك النسب عدة ملاحظات وطلبت مشاركة قراء منشوراتي لي في التحليل وقد حظيت بتعليقات جميلة ومفيدة من العديد منهم، لذا سأكتب وجهة نظري عن الموضوع بالاستفادة من هذه التعليقات، وقبل البدء أكرر ما كتبته في المقال السابق من ملاحظات لتكون واضحة أمام القارئ وهي:

ملاحظات: 1-الدراسات الانتخابية ضرورية واستغرب من عدم وجود دراسات انتخابية ذات قيمة من قبل المفوضية وجهات أخرى رغم سهولة العديد منها. فهذه الدراسة على أهمية النتائج التي من الممكن أن تترتب عليها لم تستغرق مني أكثر من نصف ساعة!

2-نجد من خلال الأرقام أعلاه إن بغداد هي صاحبة النسبة التنافسية الأكبر (46.5 أي يتنافس على المقعد الواحد أكثر من 46 مرشح) وبالتأكيد لكونها عاصمة دور كبير في ذلك، تليها محافظة واسط وبنسبة )37.6) وهي نسبة مرتفعة، تليها محافظة القادسية وبنسبة (35.8)، تليها محافظة ذي قار وبنسبة (34)، تليها محافظة بابل وبنسبة (33.7)، تليها محافظة البصرة وبنسبة (31) والمحافظات الأخرى تباعاً.

3-إذا استثنينا بغداد فإن المحافظات الوسطى والجنوبية هي صاحبة النسبة الأكبر للتنافس على المقعد.

4-تنخفض النسبة كثيراً في المحافظات الشمالية (اقليم كردستان) لتصل في محافظة السليمانية وهي أعلى نسبة إلى (8،6)، وفي محافظة دهوك وهي أقل نسبة في كردستان وفي العراق عموماً إلى )7.4).

5-تعد محافظة ميسان أقل المحافظات الوسطى والجنوبية في نسبتها )20.4).

6-تنخفض النسبة في محافظات المثلث السني -بحسب التسمية المتداولة-خاصة في المحافظات التي تشهد أحداث أمنية، مقارنة بمثيلاتها في الوسط والجنوب.

ومن خلال هذه الملاحظات نقول:

أ-أسباب ارتفاع عدد المرشحين في محافظات وانخفاضها في أخرى:

1-التجربة في الحكم جديدة على محافظات الوسط والجنوب لذا تكون كل جهة حريصة على زج أكبر عدد ممكن من المرشحين رغبة منها في الوصول، وتكون الرغبة الشخصية لدى العديد من الأفراد باتجاه ذلك كبيرة أيضاً.

وقد وصل الحال إلى ترشح شخصين او ربما اكثر من عائلة واحدة فضلاً عن العديد من الأقارب. وإذا صدقت هذه الرؤية فلعل من أسبابها الرغبة في التعويض عن الماضي السابق حيث لم يكن لأهل الجنوب دور –إلا لمن سار بركب النظام-في العمل السياسي، ولعله أيضاً ردة فعل على القول بأن أهل الجنوب لا يتقنون السياسة والحكم.

2-الصراع التي تعيشه الجهات السياسية الأكثر نفوذاً ضمن الوسط الشيعي فيما بينها خلق حالة من التشظي وعدم الاطمئنان للآخر فتحاول كل جهة زج اكبر عدد من المرشحين في قوائمها.

3-طريقة سانت ليغو المعدل التي اعتمدت في حساب المقاعد عززت من حالة النزاع بين الجهات والرغبة في إثبات الشعبية أمام الآخر وتحقيق أكبر مقدار ممكن من المقاعد فكان النزوع لدى الجميع تقريباً للخروج بقوائم منفردة.

4-رغبة في الحصول على أكبر مقدار ممكن من المقاعد أو رغبة في تقليل حظوظ الآخرين لجأت بعض الجهات إلى أسلوب “القوائم البديلة” بشكل علني كما في حالة التيار الصدري (كتلة الأحرار وكتلة الشراكة وكتلة النخب) أو بشكل غير علني كما في جهات أخرى كالمجلس الأعلى وحزب الدعوة وفقاً لبعض الآراء التي تنسب لهم ذلك.

وتبني قوائم بديلة زاد عدد المرشحين بمقدار كبير بلا شك.

5-ظهور قوى-أو قوائم- جديدة في الساحة ودخولها الانتخابات للمرة الأولى كما في كتلة الوارثون وكتلة الصادقون وغيرهما.

6-ظهور قوائم جديدة متبناة من خارج الوسط التقليدي لمحافظات الوسط والجنوب ومن الواضح عدم احتمال فوز مرشحيها في الغالب مما يؤيد كون الغرض من وجودها هو لتشتيت الأصوات فقط ، ومما يعزز ذلك اختيارها لمرشحين ضعفاء ومدهم بأموال كثيرة ووعد الكثير منهم –بحسب ما نقل لي بعض الأشخاص- بالحصول على مبالغ مالية حتى في حال عدم فوزهم!

7-عدم تمثيل المرشحين السابقين-في الغالب- لمحافظاتهم بصورة صحيحة وقلة مطالباتهم لها، فضلاً عن عملهم لصالح البلد عزز الرغبة في الترشيح لعدد كبير من الأشخاص.

8- ضعف إمكانية العديد من أعضاء مجلس النواب الحالي عزز من تلك الرغبة أيضاً، ولعل شطر البيت الشعري “حتى استامها كل مفلس” يوضح ذلك بدقة.

9-بالنسبة لمحافظات-المثلث السني-الوضع الأمني السيء ووجود قوى سياسية فاعلة ولها وجود ميليشياوي على الأرض قلل عدد المرشحين مرة خوفاً من الوضع الأمني ومرة خوفاً من هذه الجهات.

10-الاستقرار السياسي-أو بتعبير البعض الدكتاتورية المقنعة- في كردستان وانحصار المنافسة في أحزاب محددة، قلل من عدد المرشحين إلى حدٍ كبير مقارنة مع مناطق الوسط والجنوب.

ب-هل ارتفاع النسبة حالة إيجابية أم حالة سلبية ولماذا؟

كثرة المرشحين برأيي هي حالة سلبية لأنها تربك الناخب وترهقه، وقد مرت فترة كافية للتجارب ولا داعي لهذه الكثرة التي تربك الناخب كما قلنا وتزيد من حالة عدم الاستقرار وتزيد من حدة المنافسة.

كما إن لكثرة المرشحين آثار سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية سيئة، لذا على المرشحين حساب احتمالات الفوز وعدم دخول الانتخابات بنسبة احتمالية ضعيفة جداً والنظر لإمكانياتهم وتجاربهم السابقة وإمكانيات القوائم الداخلين فيها وأخذها بعين الاعتبار قبل التفكير في خوض التجربة أصلاً.

ج-الدروس المستفادة من ذلك:

1-على المستوى الشخصي الترشح لمجلس النواب ليس بالمهمة السهلة، فعلى من ينوي الترشح حساب المسألة من عدة نواحي بدلاً من الدخول في معركة واضحة الخسارة وإرهاق من حوله.

2-وعلى المستوى الشخصي أيضاً ينبغي تجنب الدخول في قوائم صغيرة قد يكون الهدف منها تشتيت الأصوات فقط واحتمالية الفوز تكاد تكون معدومة، كما ينبغي مراعاة وجود المنافسين

من المدينة أو المنطقة أو العشيرة واحتمالية منافستهم، بعبارة أخرى يجب أن لا يكون الدافع للترشح قوياً بحيث يجعلنا نرشح مع أياً كان ومهما كانت العواقب.

3-المحافظات ذات النسبة الأكبر في عدد المرشحين تكون المنافسة فيها شديدة، كما لا تخلو المسألة من فائدة للقوائم الكبيرة اذا كان الكثير من المرشحين حظوظهم ضعيفة.

4-بدل هذا التشرذم على الجهات السياسية ذات المشتركات الأكثر حساب المسألة من جهة أخرى والسعي للدخول في قوائم مشتركة أو مضغوطة، ولا داعي للقوائم البديلة.

5-لا مانع من دخول جهات أو قوائم جديدة في المعركة الانتخابية ولكن من الأفضل تهيئة أسباب النجاح عبر التعريف المسبق من خلال نشاطات واضحة أو عبر الدخول التدريجي في العملية السياسية ومن ثم بعد فترة الدخول في الانتخابات النيابية.

5-ينبغي الحذر من القوائم الدخيلة لأنه قد تكون ورائها اجندات داخلية أو خارجية هدفها أرباك الوضع او التأثير على الناخب ورغبته في التجربة الديمقراطية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات