اثار ملف استذكار عقدين على اخطاء الاحتلال الامريكي وشركاه للعراق المنشور في مجلة شؤون خارجية ( الفورن افيرز ) شجون مناهج البحث والتحليل والتقصي للمسؤولية المفترضة من مخادعة سوقية شاملة قادتها الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها الاوروبيين بالتخادم مع الحكومة الإيرانية ومنظومة مجلس التعاون الخليجي.. انتهت الى ما انتهى اليه عراق اليوم.
نعم كان ثمن تغيير النظام السابق قاسيا على العراقيين بعد سنوات الحصار والقحط الاقتصادي لكن قيمة هذا الثمن في عدم بناء دولة مدنية عصرية متجددة بمعايير الحكم الرشيد والمواطنة الفاعلة يتحمله جميع الأطراف العراقية والدولية والاقليمية التي حولت هذا البلد الى نموذج اكثر سوءا في تطبيق المخادعة السوقية لصفحات الشرق الأوسط الكبير ..ومتوالية الاحداث ما بعد احتلال العراق والربيع العربي .. وما خلفه من تداعيات كبرى.
الملفت في هذا الملف الذي كتبه كبار الباحثين الأمريكان الذين يحصلون على تمويل برامجهم البحثية من أموال دافعي الضرائب الأمريكان.. انه لم يعالج تلك الاخطاء التي وقعت بها ادارة الاحتلال الامريكي وشركاه للعراق ..بل والانكى ان مقالة السيد مايكل نايتس التي تخصصت في مخاطر النفوذ الإيراني على مستقبل العراق السياسي وعلاقته بالسياسات الأمريكية غادرت كليا اثام التخادم المباشر بين البلدين في احتلال دولة ذات سيادة وان كانت خاضعة كليا لاحكام الفصل السابع ..وهنا يمكن تذكير السيد نايتس بالاتي :
اولا ،: لم تكن مشاركة احزاب الاسلام السياسي الشيعي في مؤتمر لندن برعاية زلماي خليل زادة وتحت قانون( تحرير العراق ) من دون موافقة ايرانية مسبقة مشروطة قاد مفاوضاتها بين البلدين المرحوم أحمد الجلبي الذي حصل على موافقة إيرانية بضم هذه الاحزاب للمؤتمر في لندن .
فهل كانت الاجهزة الأمنية الأمريكية لا تعرف ان لهذه الأحزاب اجنحة مسلحة مرتبطة كليا بالحرس الثوري الإيراني؟؟
لذلك من السذاجة السمجة ان يكرر السيد نايتس انتقاده لهذه الفصائل المسلحة وهي دخلت العراق بقطار الاحتلال الامريكي وليس غيره وتفاعلت مع قيادات الجيش الأمريكي في العراق.. لاسيما خلال صفحة الحرب على تنظيم داعش الارهابي.
ثانيا : ربما يحتاج السيد نايتس ان يراجع تقارير المفتش العام للجيش الأمريكي في العراق قبل أن يتحدث عن الفساد وما انتهى اليه حال عراق اليوم .. في هذه التقارير سيجد انماطا من حالة التخادم الأمريكي مع اجندات حزبية تعبر عن مصالح دول اقليمية تحولت إلى إدارة سلطات مفاسد المحاصصة بنموذج ابتكره السيد بريمر كليا بتوصية من مؤتمر لندن لتوزيع المناصب العليا طائفيا وقوميا لإرضاء هذه الاحزاب … فما جاءت به ادارة الاحتلال ..لا تنتقد نتائجه من قبل باحث امريكي !!
ثالثا : يكرر السيد نايتس الإشارة الى شخصيات متهمة بالارهاب حسب القانون الأمريكي ..ربما عليه مراجعة صور متوفرة على النت تظهر وجود سفيرة بلاده في محافل وندوات تحضرها هذه الشخصيات بما يؤكد حقيقة استدامة هذا التخادم .
رابعا : اما اموال الفساد السياسي..التي تبدو مثل هدايا بابا نؤيل..للعراقيين ينتظرونها ولا تاتي . اليس الأجدر ان يبحث عن وسائل انفاذ معايير الحكم الرشيد في عراق اليوم واسترجاع هذه الاموال .. بدلا من إشهار كارت التهديد الأحمر لهذه الشخصيات؟؟
خامسا: كلما جاء في مقالته عن الفصائل المسلحة العراقية التي تعمل ضمن الحرس الثوري الإيراني هي نتاج ذات الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم في مؤتمر لندن ومن ثم في مجلس الحكم وهي التي قدمت نموذج من سيف الامام علي عليه السلام لرامسفيلد حينها اعترافا بهذا التخادم ..لذلك مطلوب ان يفكر السيد نايتس وغيره من مفكري مراكز البحوث الأمريكية عن تلك الحلول التي يمكن ان تؤثر في المجتمع المدني العراقي ..مثل حلول نهائية لمشكلة الكهرباء.. او نقل تقنيات الزراعة للأراضي الصحراوية ..او المواخاة بين الجامعات العراقية والأمريكية والمستشفيات الجامعية .. والكثير مما يجعل المواطن العراقي لا يطرح السؤال الاهم والابرز عن تلك الفواتير التي دفعت من دماء اولادهم طيلة الحصار ثم الاحتلال فيما نقلت قرارات مجلس الأمن الدولي برعاية امريكية اراض ومياه عراقية لصالح الكويت ..ولم تستطع واشنطن من فرض قرار دولي يحكم ببن العراق وجيرانه في التوزيع المنصف لتقاسم الضرر في موارد نهري دجلة والفرات الا يعلم السيد نايتس ان ايران قد اغلقت جميع روافد نهر دجلة ..ان كان يدري فتلك مصيبة.. وان كان لا يدري فالمصيبة أعظم…. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!