ملأ وجه ماو وجوهننا حتى مع انتفاخ خديه ونحافة بعض خدود المعلمين ونحن نبادل بالدور قراءة مجلة الصين اليوم التي تطبع باللغة العربية ، وتوزع كثيرا في العراق وهي تنقل تجربة الصين الزراعية والصناعية في ظل حكم ماوتسي تونغ .
لقد كان أغلب الذين ينتمون الى اليسار الماركسي من المعلمين أولئك الذين لديهم الانتماء الى الشيوعية التي تنتمي اليها تجربة الاتحاد السوفيتي ، وقليل منهم من يتحدث بحماس ماوي ربما غيضا من البلطة التي نزلت على رأس ليون تروتيسكي في المكسيك .
وبالرغم من هذا فأن الأمر لن يتعدى اثناء النقاش في فرص الاستراحة حين نقلب المجلة ، لن يتعدى وجهات النظر ، وربما الكثير قلوبهم في موسكو والقلة قلوبهم في بكين . وعندما سألنا ريكان : وأنت وين قلبك .؟
أجاب : قلبي جنب ابو الحسنين علي ( ع ) في النجف ومرات يطفر حنينا الى كربلاء ..
قلت :تحب أن تزور موسكو ، بكين ؟
قال : اذا هما ابعد من النجف وكربلاء والكاظم ومعصومة فالأمر مستحيل ويحتاج الى طيارة ، وانا لم اشاهد بحياتي طيارة ، فكيف يتسنى لي أن اركبها . ويقولون انها تحتاج لدفتر مثل هذا الذي يسافر فيه معلم الحياتية كل عام الى بلاد ( النسوان العريانة ) وأنا جنسية اخرجتها ( بطلعان ) الروح ولولا الوظيفة لم اخرجها ، فيا استاذ : نحن نمد اقدامنا بمقدار ما نشتاق اليه. القباب والنوم بهدوء قرب ضريح الامام.
قلت :إلا تريد ان تتعرف على ماو ، وتتعلم من تجربته حتى في مداواة الجواميس وبناء حضائرها.
قال : الكي بالنار يداوي كل علل الجاموس ، وزرائبها نعتني بها ، وتأكل جيدا ،حتى تعطي جيدا.
قال آخر : في روسيا ليست هناك جواميس لكنهم يعلموك زراعة البطاطا واللهانة والخس .
قال :هذه متوفرة في سوق الجبايش نشتريها متى نشاء ولكن اسأل الروس هل لديهم خبز الطابك والشبوط .
قال المعلم :لديهم ، فعندهم نهر عظيم اسمه الفولكا ، اما الرز فالشعوب الباردة لا تحبه كثيرا لأنه غذاء المناطق الحارة.
قال :وهو ماء نهرهم مالح.؟
قال المعلم :شربت منه ، كان حلوا .
قال :لن يكون سمكهم لذيذا ،فسمك المياه الحلوة ( باهت ).
ذات يوم اتى الينا شغاتي بخبر اقلق القرية ، عندما اخبرنا أن زورق من رجل الشرطة والأمن جاء يبحث عن أربعة رجال مسلحين ، وهل مرورا بالقرية ..
اخفى ريكان رأسه ، ولمحت في وجهه تعابير أن يعرف من الامر شيئا.
في الليل زرته بمضيفه وتمنيت أن يكون معي صريحا ؟.
قال : نعم يا أستاذ هؤلاء أربع رجال مسلحين ،اقتربوا بزورقهم من القرية ذات ظهيرة وطلبوا منا خبزا ، وسكرا وقد اعطيتهم دون اسألهم وتكرر الامر لثلاث مرات ،كنت اظن انهم مستطرقين ، وعندما تكرر الامر سألتهم :انتم اولادي من اين.؟
قالوا :ياعم وثقنا بك وبطيبتك ، نحن ثورا ماويون ، ملننا الحكم في بلدنا ،وشعرنا انها اشتراكية زائفة ونؤسس هنا ثورتنا الماوية .
سألتهم : ماوية لأن جميع بنادقكم كلاشنكوف صيني .؟ ضحك احدهم وقال :لا ياعم نحن نؤمن بالتجربة الصينية ، البندقية والمنجل ..
تركتهم ، ومنذ حوالي اسبوع لم يقتربوا من قريتنا …
قلت :لن يقتربوا ، مادامت اتى رجال الأمن يسألون عنهم هنا هنا فلم يقتربوا الى القرية ، الآن لدينا ماو ولكن بدون وجهه الصيني.!