18 ديسمبر، 2024 2:54 م

ماوتسي تونج والعراق

ماوتسي تونج والعراق

بعد القاء أول قنبلة ذرية على مدينة (هيروشيما) بنحو أيام لا تتعدى أصابع كلتا اليدين ، القى الزعيم الصيني (ماوتسي تونج) كلمتا في مدرسة القيادات السياسية بمدينة (ننيان) قال فيها “ان القنبلة الذرية لايمكن ان تكون عاملا حاسما في الحروب” ، ثم عقب “ان البعض يعتقدون ان القنبلة الذرية سلاح جبار وهذا خطأ كبير” .. (تونج) هنا لا يقصد الاستهانة بالاسلحة الفتاكة أو تجاهل تأثيرها في ميادين القتال ، وانما أراد ان يشحذ همم شعبه ووفق بقصده.
وما كانت تمر مناسبة الا وعبر فيها زعماء الصين عن هذا المعنى الذي يبرهن على ان للغة الارادة قوة تفوق جميع اللغات لاسيما ان كانت لادراك هدف وطني ، وللاسرة دورا كبيرا في تنمية الارادة لدى أفرادها ، اذ قامت الصين قبل عشرات السنين بتكوين منظمات معلنة ومؤسسات غير معلنة للحث على ذلك .
الصين بهذه الروحية كانت مستعدة لمواجهة القنابل الذرية ، فلماذا لا يستعد أبناء الرافدين ؟!! وهم أصحاب أقدم الحضارات ، والتاريخ الحافل بالبطولات لمواجهة شرذمة تعيث في الأرض الفساد وتقتل الطفل والمرأة والشيخ الطاعن في السن دون تمييز ، وترتكب مجازرها الارهابية في الأسواق والمدارس وتستهدف تجمعات المواطنيين الأبرياء.
ما دفعني لسرد هذه المقدمة المختصرة هو انعدام روح الارادة عند الكثير من العراقيين ، حيث نتفاجئ بشعارات ما أنزل الله بها من سلطان ، الموظف يرفع شعار “اشطب يومك” وهو شعار سائد بين منتسبي مؤسسات الدولة ويعني انه لايشير الى خطأ ولا يبادر الى تصحيحه لقناعة ترسخت في ذهنه انه ربما يتحمل انعكاسات جانبية قد تتولد جراءه !! ، ويرفع منتسبو الجيش والشرطة أيضا شعارا مفاده “أعمل لاجل الراتب” !! ، وكثيرا هي الشعارات التي ترفع في داخل قرار الشخص أو الاجهار عنها والتي من شأنها قتل روح الارادة لدى الفرد والجماعة ، ولا يفوتنا ان نذكر بان الكثير من العوائل تنصح أبناءها بالحكمة الخاطئة “خل غيرك يتورط” على الرغم من انه عمل انساني أو وطني !!.
ذلك غيض من فيض ينم عن عدم تحفيز عامل الارادة لدى الشخص ومن ثم يستشري في المجتمع ، الارادة بحروفها القليلة تعمل ما لاتعمله الاسلحة الفتاكة وما لايقدر على فعله الرؤساء والملوك ، فكم عرش للطغاة والجبابرة هدمته ارادة الشعوب ؟ وكم مجد بنته تلك الارادة ؟.
وفي الختام نذكر ان الوطن لايبنى الا بارادة الشعب ، لان القيادات افراد والشعب اعداد اذا ما امتلك الارادة وحدد الهدف .. وأسمى الأهداف بناء الوطن.