18 ديسمبر، 2024 8:51 م

في يوم الثلاثاء الاول من أكتوبر (تشرين الاول) 2019 كان ابناء العراق على موعد مع امانيهم في الحصول على وطن مستقل يعيشون فيه بكرامة ..ينالون فيه حقوقهم .. وينعمون فيه بحرية التعبير …
خرج الالاف ثم سرعان ما كان العدد يتجاوز عشرات الالاف الذين اجتمعوا تحت عنوان نريد-وطن …
وطن تلك الكلمة التي نساها البعض ولم تكن تخطر على بالهم سوى انها مغنم ومكسب يتصارعون فيه لمن يكسب اكثر … الذين لم يفهموا كلمة نريد – وطن سوى جماعة من الناس تحاول ان تشاركهم الكعكة التي تقاسموها طيلة 15 عاماً …حاولوا ابادتهم … حاولوا تكميم افواههم … حاولوا وحاولوا وكانت ارادة الشعب فوق ارادتهم … فما كان ان يكون سوى ان يتسارع الجميع كعادتهم ايام الانتخابات حول ماهي مطالبكم ؟؟!! متحججين بعدم وجود قيادة واضحة او مطلب واضح يجمع كل تلك الجموع و رغم ان المرجعية اصدرت بيانها من اليوم الرابع للاحتجاج و أوضحت فيه مجمل المطالب المهمة لكن كيف كان ان يسمعها بعد سنوات من صم اذنه عن نصائحها…
ويمكن اجمال تلك المطالب التي تحددت فيما بعد عبر ثلاث محاور :
المحور الاول : مطالب تتحقق بسقف زمني قصيرقد لا يتجاوز شهر وهي
اولا: تشكيل لجنة تتم أعمالها خلال اسبوعين تتولى تقديم من تسبب في قتل المتظاهرين السلميين وتقديمه للعدالة.
ثانياً: الغاء الامتيازات الغير مبررة و الجمع بين راتبين وأكثر.
ثالثاً: القضاء على الفساد و احالة المتورطين في قضايا الفساد الكبيرة الى القضاء فوراً و ارجاع اموال العراق منهم.( أو البدء بهذا الملف لمن يقول يحتاج الى سقف زمني طويل نوعاً ما)
المحور الثاني : مطالب تتحقق بسقف زمني متوسط من عدة أشهر الى سنة
اولاً: اقالة الحكومة و المضي في أنتخابات مبكرة.
ثانياً: تعديل بعض القوانين المهمة مثل قانون الانتخابات ومفوضيتها و تعديل بعض فقرات الدستور.
ثالثاً: العمل على تحسين الواقع المعاشي و الخدمي عبر توفير الخدمات و توزيع اراضي على سبيل المثال للقضاء على أزمة السكن.

المحور الثالث: مطالب تحتاج الى سقف زمني طويل قد يصل لعدة سنوات
اولا : القضاء على البطالة ويتم عبر بناء مصانع او انشاء مشاريع قد تحتاج لسنوات.
ثانياً: اعادة أعمار وهيكلة البنى التحتية و هيكلة الدوائر الحكومية .
كانت مطالب المحور الاول هي ميزان القياس لتبين اي كفة تفوز وافرزت اثنين من السيناريوهات المتوقعة الاول ان تستجيب الحكومة لمطالب المحتجين وان تقوم بالخطوات الاولى للاصلاح … و الثاني ان لا تستجيب لمطالب المحتجين مراهنة بذلك اما على الوقت الذي سيكون كفيلا بتقليل زخم الاحتجاجات أما بسبب الملل او الظروف الجوية او على تخويف المحتجين عبر اصدار قوانين صارمة على سبيل المثال تطبيق قانون 4 أرهاب على المحتجين مع وجود عمليات للقمع و أستخدام القوة بعنف مفرط في اماكن و ازمان مختلفة..
لكن مر اكثر من شهر و أزداد زخم المحتجين على غير توقعات المستشارين و زاد معه سقف المطالب وخاصة بعد ان فشلت الحكومة في تحقيق اي من مطالب المحور الاول وهنا كان هناك سيناريو جديد للازمة الكبيرة وهذه المرة بمبادرة المرجعية الى ترشيد المطالب الى مطلب واحد وهو الاسراع في اقرار قانون انتخابات لا يتحيز الى الاحزاب و التيارات السياسية ويمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد خلال السنوات الماضية …. واعتبرت المرجعية ان هذه الخطوة هي الخطوة الممهدة لخارطة الطريق التي وضعتها لانقاذ العراق من الازمة الكبيرة….
مع مساندة الاحتجاجات السلمية مادامت الاحتجاجات خالية من العنف و التخريب او الاضرار بالمال العام او الخاص و التشديد على حرمة الدم العراقي….
ومع نهاية هذا الاسبوع او الذي بعده مع تعاظم الموقف يوماً بعد يوم تنتظرنا سيناريوهات عدة لقراءة الموقف اهمها في اقرار قانون الانتخابات المنصف وقانون مفوضية الانتخابات لننتظر الخطوة الثانية من خارطة طريق المرجعية …
او استمرار المماطلة و التسويف من قبل القوى السياسية حول عدم الجدية في اقرار قانون منصف للانتخابات ومفوضيتها و في الحالتين أعتقد ان الحكومة خرجت من اللعبة كلاعب مؤثر وقوي … بل ان من الواضح انه برغم كل التوقعات ان من سيرسم الخارطة الجديدة لعراق ما بعد الاحتجاجات هما المرجعية والشعب.