في كل العالم المتعارف عليه ثلاث سلطات تقود الدولة وهي التشريعية والقضائية والتنفيذية ، وهذه السلطات تكون لها رجالاتها ، والتشريعية هي من تحدد الصلاحيات للبقية وتختلف التشريعية من حيث مصدر تشريعاتها ، فالدول الاسلامية ترى ان الاسلام هو مصدر التشريع وغيرهم لهم مصادرهم ، ولكن عندما تسمع بان هنالك سلطة رابعة وهو الاعلام هنا تقف لتسال ماهي صلاحيته وماهي قوانينه ومن له الحق ان يعمل فيها وماهي مؤهلاته ؟.
السلطة الرابعة تاريخيا يقال مصطلح كثر أستخدمه في منتصف القرن التاسع عشر ، ويعتبر المؤرخ الأسكتلندي ( توماس كارليل ) هو من منح الشهرة لمصطلح ( السلطة الرابعة ) ، حينما ذكر في كتابة ( الأبطال و عبادة البطل ) موقف المفكر الإيرلندي ( إدموند بيرك ) عندما كان حاضراً لأحد اجتماعات البرلمان و قال: ( ثلاث سلطات تجتمع هنا تحت سقف البرلمان ، و لكن في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة ، و هي أهم منكم جميعاً ) ، ولكن هنالك من يرى ان الروائي الإنجليزي هنري فيلدنج فيبرز هو أول مستخدم معروف لتعبير (fourth Estate) اي السلطة الرابعة في كتاب له عام 1752.
كوصف للسلطة الرابعة في القرن السابع عشر ذكر في كراسة ميلتون (( و هي تعتبر من الأعمدة التي قامت عليها حرية الصحافة )) في وصف السوق المفتوح للآراء ( مبدأ إتاحة مناخ التجادل بين الناس حتى تسود الحجج الجديرة بالسيادة ) ، كما كتب المفكر ( ستيوارد ميل ) : إذا كان البشر أجمعون متفقين على رأي معين ، و ظهر بينهم شخص له رأي مغاير ، فليس للبشر مبرر لإسكاته تماماً ، كما أنه ليس من حق هذا الشخص الواحد إسكات البشر
هذه المفاهيم نظريا رائعة ولكن المهم هم الرجال الذين يعملون عليها وكيفية تحديد ماهية الموضوع وماهية الراي ، والاعلام الذي يتحدثون عنه في ذلك الزمن لم تكن فيه الاجهزة المتطورة الكترونيا وسرعة انتقال الخبر والتصوير الالكتروني وما شابه ذلك ، ولكن هذه السلطة التي اخذت منحى خطيرا منذ ان استولى الصهاينة على اكثر من ثلث وسائل الاعلام على الكرة الارضية مع ضياع الثوابت والاسس المهنية لهذه المهنة . واصبح المتمكن هو من يملك الوسائل التي تبث الاخبار والاراء وليس الصحفي المهني والمتمرس فالاصوات الحرة بسهولة اسكاتها وان اصرت فالاستخبارات لها .
المهم ان هذه السلطة الرابعة هي نفسها التشريعية والقضائية والتنفيذية وتشريعاتها ليس لنقل الثقافة بل للتلاعب بالثقافة ولا يوجد ثوابت تعمل عليها حتى تحاسب وفقها لانه لا يوجد قانون يحاسب هذه السلطة عندما تكون سلبية ، انها اشبه بالحكم الدكتاتوري، ومحاسبتها فقط عندما تصطدم بدكتاتور اخر فالبقاء يكون للاقوى وليس للثوابت والحق والمصداقية .
بل من يمتهن هذه المهنة هو من يكون صاحب مال او مكانة سياسية او اجتماعية او دينية، اما المهنية فهي تحصيل حاصل ، وهذه الفوضى الاعلامية خدمت الدوائر الصهيونية ، والاعلام يشبه مجال الدين من حيث العمل فيه فاي شخص يدعي انه رجل دين ويتحدث باسم الدين ويحرم ويحلل ما يشاء, واذا ما حاولت السلطة التشريعية منع السلطة الرابعة من تجاوزاتها تتعالى اصوات الطابور الخامس بشعاراته حرية الراي ولا يجوز تكميم الافواه وما الى ذلك ، والنتيجة الهبوط بالاخلاق والمصداقية ، والكارثة عندما تكذب خبرا لا يقتنع المتلقي بالتكذيب .
هذه السلطة الرابعة في العراق لم تكن موفقة ومهنية واغلبها غير صادقة في تعاملها مع الوضع العراقي ، بل لا تضع في حساباتها حرمة لاي جهة او مجتمع او انسان اذا ما فكرت النيل منه ، وهنالك وسائل اعلامية تابعة للفساد والارهاب اقوى من النزيهة والسلام .
بالامس خلال عشرة دقائق تم نشر خبر اجتماع مجلس الوزراء الجديد واصدر مجموعة قرارات وبعد عشر دقائق تم تكذيب الخبر ، واليوم سنصحو على خبر كاذب اخر دون متابعة ومعاقبة كذبة الامس ، بل ان هنالك اجندة خبيثة تعمل دراسة على ردود افعال الناس بالاخبار الكاذبة وعلى ضوئها تتخذ قراراتها .
السلطة الرابعة يحدد صلاحياتها بالاغلب الاعم القوى الشيطانية التي تسيطر على العالم والمال والاستخبارات والجهل الذي تعيشه بعض الشعوب .