23 ديسمبر، 2024 5:37 ص

ماهي حقيقة البراميل المتفجرة التي تقتل العراقيين الابرياء ؟

ماهي حقيقة البراميل المتفجرة التي تقتل العراقيين الابرياء ؟

بعد ان كنا نسمع عن سقوط براميل متفجرة في المناطق التي تجري فيها عمليات قتالية في سوريا , انتقلت هذه العدوى الى العراق فقد تعالت اصوات عراقية من داخل المناطق الساخنة في بعض محافظاتنا لتعلن ان خسائر كبيرة تحدث في الافراد والممتلكات جراء سقوط هذه البراميل من الطائرات وهناك من يتهم الطائرات السورية باسقاط ةهذه البراميل , واغلب الشكاوي ليست من استخدام هذا السلاح وانما من سقوطها سهوا على الابرياء او تسببها باحراق المزروعات والفتك بكل ما هو قابل للحرق , ومن لديه معلومات عسكرية يعلم ان البراميل المتفجرة لا تعد من الاسلحة النظامية والاستراتيجية ولا يمكن لها ان تحسم النتائج في المعارك لكونها ليست اسلحة نقطوية ولاتخضع للتوجيه الدقيق بالوسائل الحرارية او الرادارية او التلفزيونية او الليزرية , ومن الناحية المنطقية فانه من المستبعد ان ترسل طائرات لمسافات معينة وفي ظل اخطار وتكاليف تشغيل عالية لكي ترمي براميل متفجرة بدلا من معالجة اهداف مؤكدة , فهل يعقل ان تتصرف قواتنا المسلحة بعكس هذا المنطق ؟ .

ومن حق المواطن وهو يتلقى مثل هذه المعلومات ان يتأكد عن حقيقة الموضوع وهو ما يجعله يتساءل هل ان طيران الجيش العراقي يستخدم فعلا البراميل المتفجرة ويستهدف بها المواطنين ؟ , ويبدو الجواب بديهيا لانه من السذاجة التصديق بهكذا ادعاءات ورغم ذلك فاننا نرى مواطنين عراقيين يظهرون على شاشات بعض الفضائيات وهم يؤكدون استخدامها بالفعل , والمشكلة الفعلية هي ان الذين يظهرون لا يؤكدون ذلك بحقائق وادلة ملموسة كما ان الجهات المعنية لم تقدم نفيا يمكن ان يؤكد ويطمأن بعدم استخدام هذه الاسلحة ضد المواطنين الابرياء , فالتصريحات بخصوص الموضوع محدودة جدا ولا ترقى الى مستوى التطمين , ولم نسمع سوى دعوة من السيد حيدر العبادي عند بداية تكليفه بتشكيل الحكومة الى صقور الجو ومقاتلي طيران الجيش بضرورة توخي الدقة في توجيه الضربات بشكل يجنب الابرياء من نتائجها الجانبية وفي تلك الدعوة نقل تحياته اليهم واثنى على جهودهم في مقاتلة الارهاب ولكنه لم يشير الى هذا النوع من السلاح , وقد يكون الناطق باسم القيادة العامة قد اشار لهذا الموضوع ولكنه لا يزال موضوعا يترددعند البعض ويناشدون لايقاف قصف المدنيين بهذه البراميل .

ولعل المشكلة الاعلامية التي يعاني منها الكثير في الحرب العراقية ضد الارهاب التي ابتدات مع مطلع العام الحالي , هو شبه الغياب الكامل للمراسلين والصحفيين من داخل الاحداث والمعارك على غرار ما يحصل في كل الحروب والمعارك والصراعات , فالتواجد يركز على الاحداث ما بعد انتهاء المعارك او بعد تحرير المناطق او انه يرافق بعض العمليات وهو يعني قلة المراسلين المستقلين والمحترفين وعندما نقول المستقلين فاننا نعني انهم ليس لهم اهداف لغرض ابراز التقدم او التراجع او نقل رسالة لصالح الطرف الاخر وتمريرها لوسائل الاعلام التي لديها اجندات معينة تدخل ضمن الاهداف العسكرية , ولعل واحدا من اسباب عدم التواجد الاعلامي المتخصص هو طبيعة المعارك في الميدان والتخوف من سقوط الاعلاميين بيد داعش لانهم لا يمتلكون اية معايير في التعامل مع الصحفيين , والدليل هو قتل كل من يقع بين ايديهم لانه لاوجود لمسميات الاسر فالمعارك ليست نظامية وتتم مع تنظيم تم تصنيفه دوليا ضمن التنظيمات الارهابية وهو ما يجعل هامش المجازفة منخفضا جدا لدى ابرز الصحفيين الحربيين كما ان هناك تداخلا في التسميات للجهات المشاركة في العمليات .

ان احتمالات الوقوع بالخطأ واردة من قبل الغارات الجوية في معارك من هذا القبيل حتى وان كانت باعلى التقنيات , والسبب انه بوضعنا الحالي وعدم امتلاكنا للاقمار الصناعية وطائرات الاستطلاع فانه يتم الاعتماد على المعلومات الاستخبارية في تحديد الاهداف , ودرجة الدقة في المعلومات تعتمد على جودة الرصد وتوقيته ومدى الدقة في نقل المعلمومة وتحديد الهدف ووضع الاحداثيات له ووصف الهدف بشكل تفصيلي مع مراعاة التوقيت بين تحديد الهدف ووقت المعالجة , لان فرق التوقيت قد يؤدي الى تغير الاهداف ففي معارك المدن والعصابات تكون الاهدافة متحركة وليست ثابتة لكي لايتم رصدها والعمل على تفادي الوقوع في الفخ , ورغم ان هذه امور عسكرية ولكن بامكان اي انسان ان يفهمها لاسيما عندما يكون ساكن او متواجد في مناطق ساخنة , والقصد من هذا العرض بان من واجب القيادة العسكرية المتواجدة في المنطقة القتالية او الناطقة باسمها ان تعلن عن الخطأ غير المقصود وتبرير اسبابه لكي يطمأن السكان ويكون بمعلوم الرأي العام تفاديا لاستغلال ذلك من الاعلام المعادي والجميع يعلىم بان هناك امكانيات هائلة تستخدم جميع الوسائل للتأثير بالمعنويات .

وخلاصة ماتقدم , نجد من المناسب بان يتم توضيح حقيقة ما يتم تداوله من استخدام البراميل المتفجرة من عدمه وان تتم تلك التوضيحات من قبل الجهات الرسمية لكي يوضع حدا فاصلا بين الشك واليقين , ولا نعتقد بانه هناك حرج من هذا الموضوع فهو ليس سرا استراتيجيا فتفاصيل المعارك وما يدور بخصوصها من تحالفات وتداعيات باتت معروفة للجميع ومن حق المواطن أن نقول له حقيقة ما يجري حتى وان كان تفسير ذلك يعده البعض من البديهيات , فطبيعة المعركة التي نخوضها جانبا منها يتعلق بترويج الاشاعة ومحاولة بث روحية الاحباط وقد تأكد للمختصين بان الكثير من حالات تراجع القوات المسلحة في بعض المواقع او وقوع حالات للنزوح كانت من أسبابه الاشاعة والحرب الاعلامية المضادة , ونشير بهذا الخصوص الى الصمود الرائع الذي شهدته بعض القرى والمدن بفضل التماسك وعدم الانسياق وراء الهالة الاعلامية ومنها ( آمرلي ) التي صمدت لعشرات الايام لحين وصول الامدادات والتعزيزات , يقول ( الاصدقاء ) ان المعركة ضد داعش قد تمتد لأشهر او سنين وحري بنا ان نتعاون لايصال الحقائق لانها السبيل الأفضل لاختزال مدة المعركة وحسمها بالجهد الوطني لان من يريد اطالة امدها يبحث عن مظلة للاحتماء