23 ديسمبر، 2024 1:22 ص

ماهي تأثيرات الردع والرد من قبل امريكا على تبجحات ايران وتحدياتها المستمرة؟؟؟

ماهي تأثيرات الردع والرد من قبل امريكا على تبجحات ايران وتحدياتها المستمرة؟؟؟

إن المعضلة التي تواجهها إدارة بايدن واضحة – فبعد خمسة أشهر فقط من تسلّمه الرئاسة، شنّت إدارته هجمات على الميليشيات العراقية بالوتيرة التي اعتمدها ترامب في عام 2020 بأكمله، ولكن دون تحقيق أي من التأثيرات نفسها. وفي الواقع، تجاهل وكلاء إيران أساساً الانتقام الأمريكي الأخير بقصفهم قاعدة أمريكية في شرق سوريا. وسيكون الردع أكثر فعالية إذا توافقت الضربات الأمريكية المستقبلية مع المبادئ التالية:

نسبة ردّ أعلى: على الجيش الأمريكي زيادة نسبة الردّ على الهجمات الدفاعية. فنسبة 1:12 غير كافية ببساطة لإقناع أي ميليشيا بأن التعرّض لأهداف أمريكية أمر محفوف بالمخاطر. وحالما تتم استعادة قوة الردع، سيكون من الضروري تقليل عدد الضربات الأمريكية، ولكن في غضون ذلك قد يستلزم الأمر تنفيذ المزيد من الضربات.

هجمات أكثر قسوة: إذا زادت واشنطن نسبة ردّها ولكن مع ذلك استمرت في التساهل مع بعض الهجمات التي تقوم بها الميليشيات، فعليها أن تضمن أن ضربات الردع “المدعومة” التي ستنفذها في النهاية تتناسب مع جميع هجمات الميليشيات التي أدّت إليها. فالردّ على هجوم خفيف تشنه أي من الميليشيات برد انتقامي أمريكي خفيف لا يعني شيئاً إذا كانت عملية الميليشيا قد سبقتها عدة عمليات بقيت دون حساب على مدار أسابيع. وكما أظهرت الضربة التي شنتها الإدارة الأمريكية في 25 شباط/فبراير، غالباً ما سيؤدي ردّ انتقامي منفرد وضعيف إلى زيادة هجمات العدو في المستقبل وليس ردعها.

استهداف القيادة. على الرغم من وجود بعض الفائدة من الرد على الهجمات في الوقت الذي تختاره الإدارة الأمريكية، إلا أنها ربما لا تستغل بالشكل الكافي فرص الاستهداف المتاحة أمامها. فالسماح بمرور بعض الوقت بين الجريمة والعقاب قد يمكّن القوات الأمريكية في بعض الأحيان من تحديد الأهداف القيادية في الميليشيات وضربها بسهولة أكبر، كلما تسنح الفرص. إنها الطريقة المناسبة لتحقيق الردع الفعلي – من خلال محاسبة القادة عبر ممتلكاتهم أو حياتهم إذا لم تتوقف الهجمات. ومع ذلك، لم يتم إثبات أي مساءلة شخصية جوهرية بعد مرور خمسة أشهر وشن أربعة وعشرين هجوماً، لذلك ليس لدى مسؤولي الميليشيات سبب معقول للخوف منها.

هجمات غير معلنة. من خلال تبنيها علناً كل ضربة، يمكن القول إن الولايات المتحدة تُضعف قوة الردع لديها عبر ممارسة الضغوط على الخصم من أجل الردّ. ففي بعض الحالات، قد يكون من الأفضل أن تتبع واشنطن النموذج الإسرائيلي حيث غالباً ما يعتمد المسؤولون الغموض عن عمد بشأن ما إذا كانت قواتهم هي التي نفذت بعض الأفعال، تاركين للخصم ما يكفي من الغموض لحفظ ماء الوجه لتجنب الردّ. وطالما يتمّ إبلاغ الكونغرس الأمريكي عبر القنوات المناسبة (كما هو الحال مع العمليات السرية الأخرى)، فليس هناك سبب لإعلان الولايات المتحدة مسؤوليتها عن كل هجوم. وفي الواقع، يفضل الشركاء الأجانب على الأرجح أن تكون واشنطن أكثر تكتماً بشأن خطواتها الدفاعية، كما أُشير إلى ذلك عندما أدانت بغداد بشدة الضربة الأمريكية في 28 حزيران/يونيو باعتبارها “انتهاكاً صارخاً وغير مقبول للسيادة العراقية”.

 

لكن هل هناك استراتيجية أميركية لمواجهة ميليشيات إيران؟ لكن تلك الاستراتيجية ” للأسف لا تهتم بالسيطرة على التطورات الميدانية لتصرفات وكلاء إيران. بل تتعامل مع الدول التي تتواجد فيها تلك الميليشيات، وهذا الأمر يختلف من دولة إخرى؛ فواشنطن تدعم السعودية ضد الحوثيين في اليمن، فيما هناك مواجهة أميركية مباشرة مع ميليشيات إيران في العراق وسوريا، أي هناك عودة إلى سياسة جورج بوش الأبن”برأي السفير الأميركي السابق في العراق. فليس هناك “ازدواجية أميركية بل ازدواجية إيرانية” برأيه، حيث تتفاوض إيران في فيينا حول العودة للاتفاق النووي، فيما تستمر ميليشياتها بضرب الأهداف الأميركية في العراق وسوريا، وزعزعة استقرار المنطقة كلها، بما فيها دول الخليج العربية. من جهته، يربط أندرو بيك المسألة بالاستراتيجية الأميركية الشاملة للمنطقة، ويقول إن المعادلة واضحة وهي: إذا أراد بايدن العودة إلى الاتفاق النووي فلا يمكنه تخفيف الضغط عن الحرس الثوري الإيراني وميليشياته في المنطقة. وعليه، فإن رفع العقوبات عن المسؤولين والمؤسسات الإيرانية يُسهّل تمويل الأذرع الإيرانية في المنطقة. فعلى واشنطن التأكد دائماً أن لا تُقدِّم التمويل الكافي للنظام الإيراني – بحجة العودة للاتفاق النووي- كي يستمر في تمويل الميليشيات التي تساهم في زعزعة استقرار المنطقة برمتها.

 

إلى ذلك لايوجد “أي استراتيجية أميركية للحدّ من نفوذ فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني في سوريا والعراق ولبنان واليمن وأفغانستان”.وأن “المشكلة هي إيران وليس الاتفاق النووي معها”. لان العودة للاتفاق النووي لن تضع حداً لإيديولوجية المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي المُعادية لأميركا، والتي تؤدي بنظامه إلى التمدد في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وغزة وتهديد الدول المجاورة.

 

ويتطلع فريق بايدن إلى خطوة دبلوماسية أولى، بدلاً من اللجوء الفوري إلى شن ضربات عسكرية أو فرض عقوبات جديدة. وتتمثل الخطوة الذكية في هذا الشأن هي تنبيه طهران مباشرة بأن الولايات المتحدة تتوقع من إيران كبح جماح جميع وكلائها فيما يتعلق باتخاذ خطوات مخلة بالاستقرار مثل هجوم أربيل أو هجوم 23 كانون الثاني/يناير على العاصمة السعودية الرياض، والذي تم إطلاقه أيضاً من العراق. ومن شأن هذه الرسالة أن تنبّه «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني إلى أن أمريكا لا تنخدع بالمظاهر، بل تعرف خير معرفة نفوذ طهران على الميليشيات المعادية لأمريكا.

وعلى وجه الخصوص، يجب على فريق بايدن تحذير إيران علناً من أنه في حالة مقتل أو إصابة أمريكي آخر في العراق أو أي منطقة أخرى في الخليج، فستعلّق إدارة بايدن الجهود لاستئناف المفاوضات النووية. إن النهج الصارم والواضح وحده هو الذي سيحمي الجنود الأمريكيين العاملين على الخطوط الأمامية للحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» أو أولئك الذين يحمون المصالح الأمريكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وقد يتم تحديد فترة تقييم يتم خلالها منح إيران الوقت للتقليل من أنشطة شركائها من الميليشيات في لبنان وسوريا والعراق واليمن.

وقد يبدو من غير المنطقي معالجة تهديد الميليشيات قبل بذل جهد أكبر لمنع إيران من تطوير قنبلة [نووية]، ولكن كيف يمكن لرئيس أمريكي أن يجلس ويتفاوض مع حكومة إيرانية تشجع، سواء بشكل ضمني أو فاعل، محاولات قتل الأمريكيين؟ من الأفضل، بالتأكيد، وضع شروط بصورة غير علنية للمحادثات الجديدة مع إيران بشأن تهدئة واضحة للميليشيات المدعومة من إيران في الشرق الأوسط – وهي خطوة دبلوماسية أولى غير قاتلة لحماية الأمريكيين وشركاء الولايات المتحدة في جميع أنحاء المنطقة.

وإذا فشلت إيران في كبح جماح وكلائها، يجب ألا تبتعد إدارة بايدن عن إظهار القوة ذات المصداقية والقابلة للقياس. ومن الواضح جداً، كما يتضح من الهجوم في أربيل، أن الميليشيات المدعومة من إيران لا تخشى إدارة بايدن ولا تحترمها بنفس الطريقة التي اتبعتها مع إدارة ترامب. وهذه حالة خطيرة يمكن أن تؤدي إلى سوء تقدير ووفاة أمريكيين.

وإذا أرادت الولايات المتحدة استعادة قوة الردع، عليها البحث عن خيارات كفيلة بزعزعة ثقة قيادة «عصائب أهل الحق»، على غرار “اصطدام وشيك” بطائرة مسيّرة أو هجوم سري على موقع قريب من مكان تواجد رئيسها، قيس الخزعلي، أو اختراق واضح لاتصالاته الشخصية وأمن حاسوبه. وإذا أراد فريق بايدن التمييز بين نهجه ونهج الإدارة السابقة، فطريقة التفكير هذه “خارج المألوف” أصبحت اليوم مطلوبة أكثر من أي وقت مضى..

 

لماذا لا يرد بايدن على هجمات الميليشيات الموالية لإيران بشكل حاسم؟

ويتعرض بايدن لضغوط للرد على الهجمات المتصاعدة على القوات الأمريكية في العراق وسوريا، حسب موقع بوليتيلكو الامريكي Politico الأمريكي.

وانتقد بعض الجمهوريين مقاربته في التعامل مع الهجمات التي يُعتقد أنها مدفوعة من إيران باعتبارها غير كافية وغير فعالة، ووصفوا نهج بايدن بـ”الحد الأدنى”، مشيرين إلى أن ضربتيه الانتقاميتين فشلتا في ردع وكلاء إيران.

يختبر الصراع مرة أخرى تصميم بايدن على الابتعاد عن عقود الحرب الأمريكية في الشرق الأوسط؛ حتى تتمكن إدارته من التركيز على إنهاء الوباء وتوجيه العلاقات العدائية مع روسيا والصين.

بل إنه سعيد بتقليص الكونغرس قدرته على الرد

هناك توجهات بالكونغرس لتقليص سلطة الرئيس في شن الضربات بالمنطقة، حيث من المتوقع أن توافق لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ على مشروع قانون لإلغاء تفويضين لاستخدام القوة العسكرية ضد العراق.

وستتلقى اللجنة إحاطة من كبار مسؤولي الإدارة حول كيفية تأثير الإلغاء على العمليات العسكرية الحالية، مع التركيز على الصراع المتصاعد مع الميليشيات المدعومة من إيران.

يؤيد بايدن إلغاء السلطات الممنوحة للرئيس في هذا الصدد، وقد وافق مجلس النواب بالفعل على جهود مماثلة.

لكن بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين وعدوا بالفعل بجعل العملية صعبة، بحجة أن إلغاء تصاريح حرب العراق لعامي 2002 و1991 من شأنه أن يبعث برسالة خطيرة مثل الميليشيات المدعومة من إيران والتي تواصل ضرب المواقع الأمريكية في العراق. كما يزعمون أن ذلك من شأنه أن يعيق الرئيس الأمريكي باعتباره القائد الأعلى دون داعٍ، على الرغم من أن تفويض عام 2002 كان يهدف إلى الإطاحة بحكومة صدام حسين، وأن تفويض عام 1991 عفى عليه الزمن فعلياً، لأنه تعامل مع حرب الخليج.

لماذا لا ينتقم من إيران مباشرة؟

بينما يعترفون بأن الوضع الحالي لا يمكن تحمُّله، يدافع حلفاء بايدن الديمقراطيون عن موقفه، قائلين إن الرئيس لا يملك السلطة لشن ضربات هجومية ضد الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، دون السعي للحصول على موافقة الكونغرس أولاً. ويقولون إن الرئيس يتصرف ضمن سلطات المادة الثانية التي يتمتع بها بموجب الدستور للدفاع عن أفراد الخدمة الأمريكية بالانتقام.

وقال السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين، عضو لجنة العلاقات الخارجية: “هذه الأعمال التي ينفذها الجيش الأمريكي داخل العراق مختلفة تماماً عن أي نوع من الهجوم على إيران”. “الرئيس ليست لديه سلطة لمهاجمة إيران، وفي هذا الظرف من الواضح أنه سيتعين عليه الحضور إلى الكونغرس للحصول على إذن”.

قارن ديمقراطيون آخرون الوضع بحرب منخفضة النطاق يمكن اعتبارها بشكل معقولٍ “أعمالاً عدائية” على النحو المحدد في قانون سلطات الحرب. إنهم يحثون بايدن على النظر في مطالبة الكونغرس بالموافقة على مواصلة ضرب وكلاء إيران، ولكن فقط إذا كان يعتقد أن ذلك سيردع الميليشيات حقاً.

غير أن فان هولين أشار إلى أن الولايات المتحدة بقيادة بايدن لم تبدأ بعد في الأعمال العدائية ضد الوكلاء الإيرانيين، و”من الواضح أن هذا خط لا يمكن تجاوزه” دون موافقة الكونغرس.

في غضون ذلك، دعا مسؤولون دفاعيون سابقون الرئيس الأمريكي إلى رد متسق على الهجمات.

وأشار ميك مولروي، الذي أشرف على سياسة البنتاغون في الشرق الأوسط خلال إدارة ترامب، إلى أن “إيران بحاجة إلى معرفة أنها لا تستطيع الاختباء وراء قواتها بالوكالة”.

لكن خيارات بايدن محدودة لاحتواء الموقف. لقد وجه بالفعل مرتين ضربات جوية مستهدفة على منشآت تستخدمها الميليشيات في العراق وسوريا- مرة في فبراير/شباط 2021، ومرة ​​أخرى في أواخر يونيو/حزيران 2021، رداً على سلسلة من هجمات الطائرات بدون طيار- ولكن دون تأثير يُذكر، حتى عندما تؤكد إدارته أن الضربات كانت تهدف لردع الهجمات المستقبلية.

ولكن توسيع الهجمات من شأنه المخاطرة بمزيد من تفاقم التوترات مع العراق، الذي أدان الغارة الجوية في يونيو/حزيران، على الأراضي العراقية باعتبارها “انتهاكاً صارخاً” للسيادة الوطنية.

صداع بايدن المتزايدُ هذا مألوفٌ بالنسبة له باعتباره سيناتوراً سابقاً ونائب الرئيس، حيث شاهد ثلاثة رؤساء أمريكيين متعاقبين قبله يواصلون خوض حروب لا نهاية لها على ما يبدو في المنطقة، باستخدام تفويضات الكونغرس المفتوحة.

 

أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في 28 يونيو الماضي عن شن ضربات جوية على منشآت تستخدمها مليشيات مدعومة من إيران على الحدود العراقية – السورية. واستهدفت الضربات منشآت عمليات وتخزين أسلحة في موقعين بسوريا وموقع واحد بالعراق، والجدير بالذكر أن هذه المنشآت يستخدمها عدد من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، بما في ذلك كتائب حزب الله العراقي وكتائب سيد الشهداء.

وتشير التقديرات إلى أن هذه الضربة الأمريكية، وهي الثانية من نوعها خلال عهد الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، جاءت أشد وقعاً من سابقتها التي استهدفت أيضاً مواقع للمليشيات الموالية لإيران عند المنطقة الفاصلة بين سوريا والعراق في 26 فبراير الماضي.

أسباب الضربات الأمريكية:

ثمة أسباب وراء القصف الجوي الأمريكي الذي نفذته القوات الأمريكية في 27 يونيو الماضي، يمكن تناولها فيما يلي:

1- كبح تهديدات ميليشيات طهران: كان القصف الجوي الأمريكي بمثابة رسالة مفاداها أن الولايات المتّحدة في عهد الرئيس “جو بايدن” لم تتخلّ عن حزمها تجاه الميليشيات الإيرانية، خاصة وأن الأخيرة قد اتجهت إلى تصعيد هجماتها ضد القوات الأمريكية، وتوظيف الطائرات المسيرة في الهجوم على القواعد الأمريكية.

فقد كشفت تقارير وزارة الدفاع الأمريكية عن شن الجماعات المرتبطة بإيران ما لا يقل عن خمس هجمات ضد منشآت عراقية تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية وقوات التحالف منذ أبريل الماضي. كما أنه، منذ بداية 2021، استهدفت القوات الأمريكية في العراق بأكثر من أربعين هجوماً، وطالت بعض هذه الهجمات محيط سفارة الولايات المتّحدة في بغداد وقوافل مدنية تحمل مؤناً لقوات التحالف الدولي ضدّ داعش. وفي هذا السياق، تؤكد الميليشيات الشيعية على ان الهدف المعلن من تلك الهجمات هو إخراج من بقي من الجنود الأمريكيين في العراق وعددهم حوالي 2500 جندي.

ويسعى الرئيس بايدن إلى الرد على هذه التهديدات والتأكيد أنه لا يقل حزماً عن سلفه الجمهوري “دونالد ترامب” إزاء الميليشيات التابعة لإيران، وأنه إذا كان ترامب، الذي وجه بتصفية قائد فيلق القدس الإيراني “قاسم سليماني” ورئيس أركان الحشد “أبو مهدي المهندس”، كان يضع خطاً أحمر لإيران يتمثل في مهاجمتها إذا قتل أي جندي أمريكي، فإن بايدن قد وضع “خط أحمر جديد”، وهو الرد على الاعتداءات الإيرانية على القواعد الأمريكية، حتى ولو لم يترتب عليها سقوط أي جنود أمريكيين.

2- ردع اعتداءات إيران: كانت الضربات على المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق بمثابة رسالة إلى طهران بأن واشنطن سوف تواصل جهودها لمنع الفصائل الشيعية في ربط الأراضي السورية والعراقية وإنشاء ممر عبرها للأسلحة والمقاتلين يمتد إلى ضفة البحر المتوسّط.

كما أنها تبعث برسالة ردع واضحة لإيران، بأن الإدارة الأمريكية لا يمكن أن تقبل بضرب مواقع أمريكية أو مواقع لقوات عراقية حليفة لأمريكا في العراق. وفي هذا السياق، أشار وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” إلى أن الضربات الأمريكية التي استهدفت مقاتلين موالين لإيران في سوريا والعراق يجب أن تمثّل رسالة قوية لردعهم عن مواصلة استهداف القوات الأمريكية، كما أنها تبعث برسالة مهمة وقوية إلى الفصائل المستهدفة بشأن القيام بما يلزم لمنع أي هجمات أخرى”.

3- رسالة “حزم” إلى رئيسي: تأتي الضربة الأمريكية بالتزامن مع وصول الرئيس الإيراني المتشدد “إبراهيم رئيسي” إلى سدة الحكم في طهران، والذي أكد عقب انتخابه إلى أنه سيواصل دعم الميليشيات الشيعية، ومن ثم سعت واشنطن للرد مبكراً لكي تمنع أي خطأ في الحسابات من جانبه تجاه الولايات المتحدة.

ومن جهة أخرى، تسعى واشنطن للتأكيد لإيران بأنها لن تسمح لها باستخدام ميليشياتها في العراق كورقة ضغط في مفاوضات فيينا، والتي تهدف لإعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، كما تسعى واشنطن إلى التأكيد على أنها لن تتراجع عن الرد على التهديدات الإيرانية الإقليمية، حتى في حالة التوصل لاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي.

4- وقف التصعيد بالطائرات المُسيرة: يتنامى قلق القيادات العسكرية في واشنطن من إيعاز إيران لميليشياتها المسلحة في العراق باستخدام الطائرات المُسيرة. فقد صرح في وقت سابق قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال “كينيث ماكنزي” بأن استخدام هذه الطائرات يمثِّل تطور تكتيكي أكثر خطورة من ظهور العبوات الناسفة في العراق، ويضعف قدرتها على الاستهداف.

وتجدر الإشارة إلى أن البنتاجون وضع استراتيجية جديدة لمكافحة الطائرات بدون طيار في يناير الماضي، كما نشرت وزارة الدفاع الأمريكية رادارات وأجهزة استشعار ونظم الدفاع الجوي المناسبة في القواعد الأمريكية في العراق للرد على تهديدات الطائرات المسيرة.

5- إدراك عجز الكاظمي: عجز رئيس الوزراء العراقي عن ضمان أمن القواعد الأمريكية في العراق، إذ لم تستطع القوات الأمنية العراقية من ردع تهديدات ميليشيات الحشد الشعبي، نظراً لأنها تحتفظ بنفوذ عسكري قوي وغطاء سياسي.

وفي ضوء إخفاق رئيس الوزراء العراقي عن ضبط الميليشيات، فإن الولايات المتحدة قد أخذت زمام المبادرة لتأمين قواعدها ومصالحها في العراق. وعلى الرغم من إدانة الكاظمي الهجوم الأمريكي، وتأكده رفضه تحوّل العراق إلى “ساحة لتصفية الحسابات”، فإن هذه التصريحات كانت تهدف لاستيعاب الضغوط التي سوف تمارس عليه من جانب ميليشيات الحشد الشعبي لا أكثر، خاصة في ضوء التناقض المصلحي بين الكاظمي وميليشيات إيران.

 

يبدو من متابعة ردود فعل إيران وميليشياتها في العراق، أن طهران سوف تتجه إلى مواصلة التصعيد، وهو ما يتضح في التالي:

1- تهديدات الفصائل الشيعية: توعد المتحدث باسم “كتائب حزب الله” في العراق، محمد محيي، بعملية مباغتة ضد القوات الأمريكية في العراق باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، وذلك في تصريح إلى وكالة “أنباء فارس” الإيرانية، في 5 يوليو. وأرجع ذلك إلى ضرورة إخراج قوات الاحتلال الأمريكي غير الشرعي. ويلاحظ أن إصدار مثل هذه التصريحات من وكالة تابعة لإيران تعد بمثابة رسالة ضمنية من الأخيرة للولايات المتحدة بأنها سوف تواصل التصعيد.

وعلى الجانب الآخر، فإن تنصل طهران من هجمات ميليشياتها على القواعد الأمريكية في العراق جاء في رسالة موجهة إلى مجلس الأمن، وذلك للرد على الاتهامات الأمريكية لها بالتورط في هذه العمليات، أي أن طهران كانت تسعى لتجنب إدانتها دبلوماسياً، ولا تهدف إلى التراجع عن موقفها.

2- مهاجمة القواعد الأمريكية: قامت ميليشيات إيران في أعقاب الهجوم الأخير ضدها بشن هجمات صاروخية ضد قاعدة عين الأسد التي تتواجد فيها قوات أمريكية غربي البلاد، دون أن تسفر عن أي أضرار. وكان أخر هذه الهجمات في 5 يوليو. كما تعرضت القاعدة الأمريكية في حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي لهجوم بالقذائف الصاروخية في 4 يوليو.

ويؤشر ما سبق على استمرار تصعيد إيران ضد الوجود الأمريكي في العراق وسوريا. ولكن على الجانب الآخر، فإن هذه الهجمات نفذت باستخدام القذائف الصاروخية، وليس الطائرات المسيرة، وهو ما قد يكون مؤشراً على تهدئة إيرانية، ولو بشكل محدود.

وفي الختام، يمكن القول إن طهران سوف تواصل تحريك ميليشياتها في سوريا والعراق لاستهداف القواعد والمصالح الأمريكي في العراق، وذلك في محاولة للضغط على إدارة بايدن لسحب القوات الأمريكية المتبقية في العراق. وفي المقابل، سوف تتجه واشنطن إلى تجاهل الرد على الهجمات “الإيرانية” غير المؤثرة، غير أن سقوط أي جندي أمريكي قد يدفع واشنطن لتغيير استراتيجيتها في العراق، وتصعيد الرد ضد ميليشيات طهران.